تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي هجومها العسكري على قطاع غزة، بما في ذلك قصف المنازل على رؤوس ساكنيها واقتراف جرائم قتل جماعي، مع استمرار تجاهل وتحدي قرار أعلى محكمة في العالم بوقف الهجوم على رفح، دون أن يدفع ذلك المجتمع الدولي على اتخاذ آليات فعالة توقف جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل منذ ثمانية أشهر ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
وترى مؤسساتنا أن استمرار إسرائيل في عدوانها لليوم الـ 241 على التوالي وتجاهلها المطالبات بوقف الإبادة الجماعية في غزة، هو نتيجة لاستمرار سياسة الافلات من العقاب وتواطؤ بعض دول العالم الغربي في الانتهاكات الجسيمة بحق الشعب الفلسطيني من خلال تزويدها قوات الاحتلال بالسلاح والذخائر وتعطيل أي قرارات في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار.
واستكمالا لما تقترفه قوات الاحتلال من جرائم كان أبرزها خلال اليومين الماضيين وفق ما وثقه باحثونا ما يلي:
في حوالي الساعة 2:30 من فجر يوم الاثنين، 3 يونيو/حزيران 2024، قصفت طائرات الاحتلال منزلاً لعائلة البريم في منطقة ارميضة شرق خانيونس، على رؤوس ساكنيه دون إنذار مسبق. أسفر ذلك عن استشهاد 8 من ساكنيه، من بينهم 4 نساء و3 أطفال. والشهداء هم يسرى سليمات البريم، وابنتها أميرة عوض البريم، وابنها سلمان عوض البريم، وزوجته ريان ياسر الرقب وطفليهما، عمر وعبد الله، وحنان مصطفى أبو حماد، وطفلها محمود عمار البريم.
كما قصفت طائرات الاحتلال منزلا لعائلة أبو خاطر، في المنطقة نفسها، ما أدى إلى استشهاد الشقيقين عمر وأنس عماد أبو خاطر. وجراء قصف المنزلين أُصيب 10 آخرون على الأقل بجروح، بينهم نساء وأطفال.
في حوالي الساعة 11:00 مساء يوم الأحد، 2 يونيو/حزيران 2024، قصفت طائرات الاحتلال منزلا لعائلة عقل في بلوك 9 بمخيم البريج في وسط قطاع غزة، على رؤوس ساكنيه دون إنذار مسبق. أسفر ذلك عن استشهاد 6 من ساكنيه، منهم 3 أشقاء وطفلان أحدهما رضيع، وإصابة أكثر من 20 آخرين.
وفي حوالي الساعة 10:00 مساء اليوم نفسه، قصفت طائرات الاحتلال منزلاً لعائلة أبو نار، مكون من 3 طوابق، في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، على رؤوس ساكنيه دون إنذار مسبق. أسفر ذلك عن استشهاد 3 من سكانه، وهم: إبراهيم حسين أبو النار، 28 عاما، وزوجته هبة خالد ابو النار (شخصة) 23 عاما، وهي حامل في الشهر السابع، وقًتل أيضًا جنينها معها، وطفليهما وليد، 8 أعوام، وأحمد، 6 أعوام.
وفي حوالي الساعة 5:30 مساء اليوم نفسه، استهدفت طائرات الاحتلال تجمعًا للسكان في بلدة الزوايدة وسط قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد 5 فلسطينيين، منهم مسنان وطفلة استشهدت مع والدها وهما نازحان من بيت لاهيا.
وأفادت السيدة إيناس نايف محمد السلطان، 26 عامًا، لباحثينا، بما يلي:
“أثناء عودتي أنا وزوجي فؤاد السلطان، 27 عاما، وابنتي لانا، 3 أعوام، من مخيم النصيرات إلى دير البلح، وخلال مرورنا في شارع مفترق الكوع بمنطقة الزوايدة، سمعت فجأة صوت انفجار شديد وبدأ الغبار والدخان يغطيان المنطقة بشكل سريع. سقطت من شدة الانفجار على وجهي وشعرت بسخونة كبيرة في قدمي اليمنى ورأيتها تنزف دماءاً كثيرة.
تجمع المواطنون علينا وشرعوا بحمل الشهداء والمصابين ووضعهم في سيارات مدنية لينقلوهم إلى المشفى. بدأت بالصراخ لكي يقوموا بإسعاف ابنتي ووحيدتي لانا. جاء لي شاب وربط قدمي بقطعة قماش وحملني إلى باص فرأيت زوجي فؤاد وابنتي لانا في الباص نفسه، وكنت قد بدأت اتألم بشكل كبير جدا من إصابتي. نقلنا إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، وشرعوا بعلاجي وكنت أتوسل إليهم أن يسرعوا بعلاج ابنتي لانا. وعلمت أنهم أعلنوا استشهادها هي وزوجي منذ لحظة دخولهم إلى قسم الاستقبال في المستشفى. أنا الآن أنتظر دوري لإجراء عملية تركيب بلاتين معدني في قدمي اليمنى”.
ويتواصل في هذه الأثناء الهجوم العسكري الإسرائيلي الواسع على رفح، جنوب قطاع غزة، بما في ذلك القصف والتدمير، وذلك على الرغم من قرار محكمة العدل الدولية الصادر في 24 مايو/أيار بوقف الهجوم وفتح معبر رفح. وما زال سقوط الضحايا بين المدنيين والمدنيات في رفح مستمرا، إضافة إلى نزوح عدد كبير منهم وتدمير المنازل وغيرها من البنى التحتية المدنية.
ووثقت طواقمنا استشهاد العشرات من السكان والنازحين، منهم نساء وأطفال في رفح منذ قرار محكمة العدل، في وقت يواجه باحثونا صعوبات في توثيق مجمل الانتهاكات الجسيمة، حيث تردنا معلومات عن تدمير واسع جدا للمنازل من خلال نسف مربعات سكنية ومسح أحياء كاملة. وأسفر الهجوم على رفح وتصاعد القصف عقب إصدار أوامر التهجير القسري حتى الآن عن نزوح نحو مليون شخص، كان معظمهم قد التمس اللجوء في رفح، وسط القصف وغياب الأمان ونقص الغذاء والمياه والظروف المعيشية والصحية غير المناسبة.
ويواجه النازحون الذين انتقلوا إلى غرب خانيونس ودير البلح، أزمات عديدة متعلقة بظروف العيش في الخيام وتراكم القمامة، وعدم توفر المياه وصعوبات الحصول على المواد الغذائية مع التوقف شبه التام لتوزيع المساعدات.
أمّا في شمال قطاع غزة، فتتواصل عمليات انتشال جثامين الشهداء وضمنهم نساء وأطفال، حيث جرى انتشال نحو 120 شهيد منذ يوم الجمعة الماضي، وفق معيطات الدفاع المدني، ويواجه السكان صعوبات في الحصول على مأوى خاصة في جباليا ومخيمها بعد الدمار الهائل الذي حل بالمنازل والمدارس التي كانت تأوي النازحين، خلال الهجوم البري الأخير الذي استمر 20 يومًا. وتشتد معاناة السكان نتيجة انهيار النظام الصحي وعدم توفر الأدوية وغياب المساعدات الحيوية وصعوبة الحصول على المياه.
ووفق آخر تحديث لوزارة الصحة ظهر اليوم الاثنين، 3 يونيو/حزيران 2024، ارتفعت حصيلة العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة إلى 36,479 شهيدا/ة، و82,777 إصابة منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي، فيما لا يزال الآلاف مفقودون تحت الأنقاض.
وحتى وقت إعداد هذا البيان، تواصل قوات الاحتلال قصفها الجوي والبري والبحري على جميع أنحاء قطاع غزة، ما يُوقع مزيداً من الضحايا ويتسبب بتدمير المباني والبنى التحتية، مع استمرار معاناة مئات آلاف النازحين والنازحات جراء انعدام مقومات الحياة وتوقف المساعدات وانهيار النظام الصحي.
نجدد دعوتنا للمجتمع الدولي لإجبار إسرائيل على وقف جريمة الإبادة الجماعية، وفرض وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإلزامها بالامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية التي فرضت تدابير مؤقتة لمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. كما نطالب الدول الأطراف الثالثة بالالتزام بمسؤوليتها القانونية لوضع حد لحصانة دولة الاحتلال وذلك من خلال وقف تزويد إسرائيل بالسلاح والذخيرة، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الابادة الجماعية.
نسخة تجريبية