يونيو 1, 2024
إسرائيل تواصل القتل الجماعي وتتعمد تدمير مقومات الحياة في قطاع غزة تكريسًا للإبادة الجماعية
مشاركة
إسرائيل تواصل القتل الجماعي وتتعمد تدمير مقومات الحياة في قطاع غزة تكريسًا للإبادة الجماعية

تدين مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية بأشد العبارات استمرار الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة  واستمرار سياسة الافلات من العقاب وتواطؤ بعض دول العالم الغربي في الانتهاكات الجسيمة بحق الشعب الفلسطيني، حيث تستمر قوات الاحتلال في قصف المنازل على رؤوس قاطنيها، لليوم الـ 239 على التوالي، في وقت تكشفت فيه جوانب من الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال خلال هجومها البري شمال غزة بما في ذلك ارتكاب جرائم قتل جماعي، وهدم مئات المنازل والمنشآت المدنية وتدمير مقومات الحياة في إصرار على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 8 أشهر.

وتشير مؤسساتنا إلى أن خروج غالبية المستشفيات عن العمل في قطاع غزة إلى جانب منع إدخال المساعدات، وتراجع الاستجابة الإنسانية فاقم الوضع الكارثي على كل المستويات الصحية والغذائية في وقت تعاني فيه آلاف الأسر بحثا عن مكان إيواء مؤقت بعد اضطرارها للنزوح المتكرر.

واستكمالا لما تقترفه قوات الاحتلال من جرائم كان أبرزها خلال اليومين الماضيين وفق ما وثقه باحثونا ما يلي:

فجر السبت 1 يونيو/حزيران الجاري، استشهدت الصحفية المذيعة في إذاعة وطن علا الدحدوح في قصف طائرات الاحتلال منزل عائلتها في شارع الجلاء في مدينة غزة.

وصباح الجمعة 31 مايو/أيار، استشهد ثلاثة شبان من عائلة درويش ينشطون في العمل الإنساني، بعدما قصفت طائرات الاحتلال مركبة كانوا يستقلونها في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.


 وفي حوالي الساعة 1:20 فجر اليوم نفسه، قصفت طائرات الاحتلال بصاروخ منزلا من طابقين لعائلة الصوص في مخيم البريج وسط قطاع غزة على رؤوس ساكنيه دون إنذار مسبق. أسفر ذلك عن استشهاد 9 من سكانه، من بينهم مالك المنزل وطفلان و5 نساء إحداهن مسنة.

وفجر اليوم نفسه، استكملت قوات الاحتلال انسحابها من محافظة شمال غزة بعد يوم من انسحابها من مخيم جباليا، بعد هجوم بري استمر 20 يومًا، اقترفت خلاله انتهاكات جسيمة أبرزها القتل والتدمير الواسع والتهجير القسري.

وإثر انسحاب قوات الاحتلال عملت طواقم الدفاع المدني على انتشال عشرات من جثامين الشهداء وضمنهم نساء وأطفال من الشوارع وتحت أنقاض المنازل المدمرة.

وإثر الانسحاب الذي بدأ صباح 30 مايو/أيار من جباليا ومخيمها، بدأ آلاف السكان يعودون إلى مناطق سكناهم ليكتشفوا حجم الدمار الهائل الذي خلفته قوات الاحتلال في المنطقة.

وأظهرت مشاهدات باحثينا أن الاحتلال دمّر مئات المنازل والبنايات السكنية وحولها إلى ركام. وتعرضت عيادة الأونروا في مخيم جباليا للحرق ودمر كراج الوكالة. وطال التدمير الشوارع والبنى التحتية بالكامل، بما في ذلك السوق والمحال التجارية والملعب الرياضي. كما جرفت قوات الاحتلال مقبرة الفالوجا ونبشت القبور. وأحرقت قوات الاحتلال المدارس التابعة للأونروا في المخيم والتي كانت سابقا مراكز لإيواء النازحين.

وتدلل المعطيات التي جمعها فريقنا الميداني أن الاحتلال تعمد تدمير جميع مقومات الحياة سواء المنازل أو الشوارع أو مراكز الإيواء وشبكات المياه في المناطق التي اجتاحها خاصة مخيم جباليا.

وفي هذه الصدد تشير مؤسساتنا إلى ما أعلنته الأونروا أن النازحين بما فيهم أطفال قد قتلوا وأصيبوا أثناء لجوئهم في مدراس لها في جباليا حاصرتها دبابات القوات الإسرائيلية. وقد أُضرمت النيران في خيام النازحين والنازحات في تلك المدارس من القوات الإسرائيلية. كما أشارت إلى تقارير تفيد بتدمير مكاتب الأونروا بضربات جوية وتجريفها من القوات الإسرائيلية، مذكرة بتدمير أو إلحاق الأضرار بأكثر من 170 منشأة تابعة للأونروا في مختلف أنحاء قطاع غزة.

وتعبر مؤسساتنا عن صدمتها من المشاهد المرعبة لحجم التدمير الذي طال مخيم جباليا بكامله، وهو المخيم الأكثر اكتظاظا في العالم، إذ كان يأوي حوالي 116,011 لاجئ ولاجئة مسجلين في وكالة الأونروا ويسكنون مساحة من الأرض تبلغ فقط 1.4 كيلومتر مربع، وفق معطيات الأونروا. 

إن حجم التدمير الهائل في المخيم يتعارض بشكل كبير مع مبدأ الضرورة أو التناسب، ما يدلل أنه تم بهدف الانتقام الجماعي من الفلسطينيين وحرمانهم من أي سبل ومقومات للعيش والحياة ليس خلال الحرب فقط وإنما لسنوات قادمة؛ إذ إن الركام الذي خلفه التدمير يحتاج إلى سنوات لإزالته فضلا عن إعماره.

وخلال تجول باحثينا الميدانيين في أماكن انسحاب قوات الاحتلال كان يمكن مشاهدة جثامين الضحايا في الشوارع وقرب مراكز الإيواء في المدارس وقد وصل بعضها إلى التحلل.

في هذه الأثناء يتواصل الهجوم العسكري الواسع على رفح، جنوب قطاع غزة، بما في ذلك القصف والتدمير، مما أسفر عن سقوط المزيد من الضحايا بين المدنيين والمدنيات ونزوح عدد أكبر منهم وتدمير المنازل وغيرها من البنى التحتية المدنية. ويواجه باحثونا صعوبات في توثيق الانتهاكات الجسيمة جميعها، حيث تردنا معلومات عن تدمير واسع جدا للمنازل من خلال نسف مربعات سكنية ومسح أحياء كاملة. وأسفر الهجوم على رفح وتصاعد القصف عقب إصدار أوامر التهجير القسري حتى الآن عن نزوح نحو مليون شخص، كان معظمهم قد التمس اللجوء في رفح، وسط عمليات القصف وغياب الأمان ونقص الغذاء والمياه والظروف المعيشية والصحية غير المناسبة. وتسبب تراكم القمامة لتعذر نقلها من مناطق تجمعات النازحين والظروف الصعبة للعيش في خيام مع انهيار المنظومة الصحية في انتشار الأمراض وخصوصا الكبد الوبائي النوع الأول وحالات الإسهال والقيء بين الأطفال بنسب عالية جدا.

ووفق آخر تحديث لوزارة الصحة ظهر اليوم السبت، 1 يونيو/حزيران 2024، ارتفعت حصيلة العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة إلى 36,379 شهيدا/ة، و82,407 إصابة منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي.

وحتى وقت إعداد هذا البيان، تواصل قوات الاحتلال قصفها الجوي والبري والبحري على جميع أنحاء قطاع غزة، ما يُوقع مزيداً من الضحايا ويتسبب بتدمير المباني والبنى التحتية، مع استمرار معاناة مئات آلاف النازحين والنازحات جراء انعدام مقومات الحياة وتوقف المساعدات وانهيار النظام الصحي.

نجدد دعوتنا للمجتمع الدولي لإجبار إسرائيل على وقف جريمة الإبادة الجماعية، وفرض وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإلزامها بالامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية الفارضة لتدابير مؤقتة لمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. كما نطالب الدول الأطراف الثالثة بالالتزام بمسؤوليتها القانونية لوضع حد لحصانة دولة الاحتلال وذلك من خلال وقف تزويد إسرائيل بالسلاح والذخيرة، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الابادة الجماعية.