يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بأشد العبارات تصاعد وتيرة القتل الجماعي وإبادة العائلات في إطار الهجوم العسكري الإسرائيلي المتواصل ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، مع تفشي المجاعة، ضمن جريمة الإبادة الجماعية الممنهجة، التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة منذ أكثر من 18 شهرًا.
ورصد باحثو المركز، تكثيف قوات الاحتلال تنفيذ إبادة ممنهجة للعائلات الفلسطينية عبر قصف المنازل والخيام ومراكز الإيواء التي تأويهم ليلًا ونهارًا، دون سابق إنذار، أو عبر استخدام أسلحة متفجرة عالية التدمير، ما أدى إلى مسح المزيد من العائلات من السجل المدني بالكامل.
وضمن أحدث ما وثقه باحثونا، هاجمت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم السبت الموافق 26 إبريل 2025، منزلا لعائلة الخور، في حي الصبرة جنوب مدينة غزة، ما أدى إلى مقتل 10 مواطنين، وإصابة آخرين وفقدان عدد كبير من المواطنين تحت أنقاض المنزل المكون من 3 طوابق.
واستهدفت قوات الاحتلال بطائرة مسيرة مفخخة، عند حوالي الساعة 01:50 من يوم الجمعة 25 إبريل 2025، خيمة لنازحين من عائلة أبو طعيمة خلف جامعة الأقصى غرب خانيونس. أسفر ذلك عن مقتل 5 مواطنين، وهم زوجان وأطفالهما الثلاثة، وهم ابراهيم خليل موسى ابو طعيمة 33 عاما، وزوجته هنادي شعبان ابو طعيمة/ أبو سبت 29 عاما، وهي حامل، وأطفالهما الثلاثة: سميرة، 9 سنوات، وعازم، 6 سنوات، ورأفت 4 سنوات، وبذلك تمسح هذه العائلة من السجل المدني بالكامل.
وهاجم الطيران الحربي الإسرائيلي، عند حوالي الساعة 14:55 من اليوم نفسه، منزلا لعائلة شراب في محيط شارع مرتجى في منطقة معن شرق خانيونس، ما أدى إلى مقتل 11 مواطنا، منهم 5 نساء وطفلان. بين القتلى 3 أشقاء من عائلة شراب وأم و3 من بناتها من عائلة الشريف.
وهاجم الطيران الحربي الإسرائيلي عند حوالي الساعة 15:10 من اليوم نفسه، منزلا لعائلة العمور في بلدة الفخاري جنوب شرقي خانيونس، ما أدى إلى مقتل 9 مواطنين، هم زوجان وأبنائهما السبعة، وهم: محمد بركة العمور، 48 عاما، وزوجته زينات إبراهيم العمور، 45 عاما، وأبنائهما: شذا، 22عاما، وعلا، 21 عاما، وعهد، 20 عاما، ورغد، 18 عاما، وبركة، 16 عاما، وأحمد، 14 عاما، وسما، 6 أعوام
وهاجم الطيران الحربي الإسرائيلي عند حوالي الساعة 00:50 من يوم الخميس 24 إبريل 2025، منزلا لعائلة النجار، في قيزان النجار جنوب خان يونس، ما أدى إلى مقتل المسن محمود ياسين محمد النجار، 73 عاما، وزوجته ليلى حمدي محمد النجار، 69 عاما.
وهاجمت طائرة مروحية إسرائيلية عند حوالي الساعة 03:30 من اليوم نفسه، خيمة أحد النازحين في المواصي غربي خانيونس، ما أدى إلى مقتل الطفلين الشقيقين، جنى ومحمود جواد الزاملي، 16 عاما، و10 سنوات، وأصيب آخرون بينهم شقيقهم الثالث آدم، عامان الذي توفي متأثرًا بجراحه وحروقه البالغة في اليوم التالي.
وهاجم الطيران الحربي الإسرائيلي، عند حوالي الساعة 15:30 من اليوم نفسه، شقة سكنية لعائلة فرج في عمارة الصديق في شارع اليرموك بمدينة غزة. أسفر ذلك عن مقتل 7 مواطنين، بينهم المواطن فرج علي فرج وطفلاته الخمس وهن: زينة، 14 عاما، ورزان، 12 عاما، ولين، 13 عاما، وسعاد، 7 أعوام، وجوري، عامان. كما أصيب آخرون بجروح، بينهم الطفل علي فرج، الناجي الوحيد من بين أشقائه، حيث قذف من شدة القصف مع أشلاء الضحايا إلى سطح البناية المقابلة للمنزل المستهدف وهو مصاب بشظايا في وجهه وقدمه اليسرى. كما أصيبت والدة الطفل برضوض وكسور في أنحاء جسدها.
وعند حوالي الساعة 17:00 من اليوم نفسه، هاجم الطيران الحربي الاسرائيلي مربعا سكنيا قرب دوار حلاوة بجباليا البلد شمال قطاع غزة. أسفر ذلك عن مقتل 23 مواطنًا على الأقل، منهم 8 أطفال و14 سيدة، وأصيب عدد كبير من المواطنين وصفت جراح عدد منهم ببالغة الخطورة، لا يزال عدد من السكان تحت الأنقاض.
وهاجمت طائرة مسيرة إسرائيلية، عند حوالي الساعة 23:40 مساء الأربعاء الموافق 23 إبريل 2025، شقة سكنية بمنزل في بلوك G بخان يونس يسكنها عائلة نازحة من رفح. أسفر ذلك عن مقتل امرأة وطفلان، وهم دالية مروان عيسى الجمل 30 عاما، وسوار محمد عصام أحمد، 3 سنوات، وشقيقها عصام، 5 سنوات. كما أصيب آخرون بجراح مختلفة.
وهاجمت طائرات الاحتلال عند حوالي الساعة 04:00 من يوم الثلاثاء 22 إبريل 2025، مجمعا تجاريا في منطقة شارع السكة بخان يونس يعود لمواطن من عائلة شبير، ومستأجر من عائلات نازحة. أسفر ذلك عن مقتل 8 مواطنين هم 4 أطفال و4 نساء، وإصابة آخرين. والقتلى هم: ناهد سليمان عوض محمد، 39 عاما، وطفلتها لين رأفت عبد الباري محمد، 14عاما، وفاطمة سليمان عوض كوارع، 36 عاما، وابنتها ميان محمد عامر دهليز، عامان، وولاء نضال رمضان ابو طه 24 عاما، وابنها محمود طارق محمود النجار، 10 أشهر، وآية عدنان محمد الأزهري 38 عاما، ويامن تامر خميس عاشور 16 عاما.
وهاجمت طائرة حربية إسرائيلية عند حوالي الساعة 02:55 من يوم الاثنين 21 إبريل 2025، خيمة لعائلة بركة في منطقة الزنة شمال بني سهيلا شرق خان يونس، ما أدى إلى مقتل 4 من سكانها، هم زوجان واثنين من أبنائهما وهم: خالد عبد اللطيف عبد الرحمن بركة، 57 عاما، وزجته أمل محمد حماد بركة 54 عاما، وابنيهما سيف، 21 عاما، وغيداء، 6 سنوات. كما أصيب آخرون بجراح مختلفة.
ومنذ بداية الهجوم العسكري على قطاع غزة، صعّدت قوات الاحتلال من استهدافها المباشر والمقصود للعائلات الفلسطينية داخل منازلها وخيامها ومراكز الإيواء، مما أسفر عن إبادة مئات العائلات بأكملها من السجل المدني، ودفن الضحايا تحت الركام في مشهد يعكس نية واضحة للقضاء على جماعات سكانية بصفتها القومية.
كما واصلت قوات الاحتلال إصدار أوامر التهجير للسكان والنازحين، الذين باتت تتقلص المساحات التي يمكن اللجوء إليها، في قطاع غزة، بحيث أصبح نحو 2.3 مليون إنسان محصورين في رقعة جغرافية ضيقة لا تزيد عن 35 % من مساحة قطاع غزة البالغة 365 كم2، وهي غير صالحة للحياة، تفتقر إلى الماء والغذاء والدواء والمأوى، مع عدم وجود أي مكان آمن في كل القطاع، في ظال القصف الإسرائيلي المتكرر للخيام التي أقيمت للنازحين في مناطق “مُعلنة مسبقًا كآمنة”، خصوصًا في منطقة المواصي غربي خانيونس ورفح، مما يشير إلى سياسة متعمدة لتجريد المدنيين من أي ملاذ آمن.
يأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه كارثة التجويع، مع دخول إغلاق إسرائيل لجميع معابر غزة ومنعها إدخال المساعدات الإنسانية والإمدادات الغذائية والطبية، منذ 56 يومًا؛ ما أدى إلى تفاقم حاد في معدلات الجوع وسوء التغذية، خصوصًا بين الأطفال والنساء والمرضى.
تدلل كثافة الهجوم العسكري الإسرائيلي، مع التجويع أن ما يجري في قطاع غزة ليس فقط عدوانًا عسكريًّا، بل سياسة إسرائيلية ممنهجة ترمي إلى تدمير جماعي لشعب بأكمله، عبر القتل، التجويع، التهجير، ومنع سبل الحياة، وهو ما يمثل جوهر جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل منذ أكثر من 18 شهرًا بدعم أميركي علني وتواطؤ من العديد من الدول الأوروبية وصمت العالم.
يشدد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان على أن السكوت عن هذه الجرائم هو تواطؤ صريح في تنفيذها، وأن على المجتمع الدولي أن يقف أمام مسؤولياته، ليس فقط تجاه القانون، بل تجاه الإنسانية ذاتها.وهو ما يتطلب حاجة ملحّة لتدخّل دولي عاجل يضع حدًا للجرائم والانتهاكات الممنهجة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
ويدعو المركز إلى اتخاذ تدابير فورية وجادة لوقف جريمة الإبادة الجماعية الجارية، وضمان محاسبة المسؤولين الإسرائيليين على جرائمهم أمام العدالة الدولية. كما يطالب الدول الأطراف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية بالوفاء بالتزاماتها القانونية والأخلاقية، والتحرك العاجل لحماية المدنيين الفلسطينيين من القتل الجماعي والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.