هبة رأفت صبحي أبو حصيرة، 24 عاما، خريجة تمريض، سكان غزة.
أقطن مع عائلتي المكونة من والدتي بشرى سعيد محمد أبو حصيرة، 55 عاما، وشقيقاتي روزان، 25 عاما، ورانيا، 19 عاما، وسيف، 21 عاما في بيت مكون من طابقين، نقيم بالطابق الأول ويقع المنزل بداية شارع أبو حصيرة خلف مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة.
بعد اندلاع الحرب في 7/10/2023، ومطالبة الاحتلال من سكان مدينة غزة النزوح إلى الجنوب، اتفقت عائلتي على البقاء في المنزل، فنحن لا نعرف أحدًا من سكان المناطق الجنوبية، ومن الصعب العيش في مدرسة أو خيمة.
عشنا أيام الحرب وسط القصف والدمار، وكنا نغادر المنزل وننتقل لأماكن أكثر أمنا ونعود له حسب بالظروف.
في حوالي الساعة 2:00 فجر يوم الاثنين الموافق 18/3/2024، تفاجأنا بإطلاق نار كثيف جدا يصاحبه قذائف وقصف من طيران الاحتلال، وكان الصوت قريبا جدا. وسمعنا عبر مكبرات الصوت جنود الاحتلال الإسرائيلي تقول “ممنوع خروج سكان منطقة مستشفى الشفاء ومن يخرج سيتم إطلاق النار عليه.” أدركنا أن قوات الاحتلال توغلت مجددا في المنطقة، وأننا محاصرون، فصوت إطلاق النار والقذائف قريب جدا، فقررنا أن نجتمع في غرفة واحدة وهي غرفتي الخاصة وتقع بالجهة الغربية وهي الأكثر بعدا من الغرف الأخرى عن المستشفى، فضلا أن باقي الغرف بها أضرار بالغة نتيجة القصف الإسرائيلي وإطلاق الرصاص في التوغلات السابقة.
كانت ليلة مرعبة، صوت إطلاق النار والقذائف مستمرة وطائرات الكواد كابتر تحوم في المكان، وخلال اليوم سمعنا صراخ الجيران وهم من عائلة اليازجي، وصوت إطلاق نار كثيف وقريب، وبعد وقت قصير سكت الصوت فجأة، حيث لم أعلم حتى اللحظة مصيرهم.
وفي حوالي الساعة 11:00 صباحا، بينما نحن داخل غرفتي، سمعنا دفع باب المنزل الخارجي، حيث تمكن جنود الاحتلال من فتحه وكان صوتهم واضحا وهم يداهمون المنزل ويصعدون السلم ويطلقون الرصاص بشكل كثيف وعشوائي. تمركزوا في الصالون وكان عددهم 6 جنود، وآخر بقي على سلم المنزل. داهم أحدهم الغرفة التي نحتمي بداخلها، وكنا جميعا نجلس في زاوية واحدة وعلينا غطاء شتوي. صوب الجندي سلاحه تجاهنا واستمر بإطلاق النار، وكل حركة تصدر منا يطلق النار اتجاهنا مرة أخرى، أمي وأشقائي استشهدوا وبقيت أنا، حيث صرت أصرخ وأخبره أننا جميعا مدنيون. أوقف إطلاق النار، واقترب الجندي مني ورفع السلاح تجاه رأسي ثم أنزله، وبعدها سحبني خارج الغرفة. طلبت البقاء مع عائلتي فقال لي ” اخرسي – انخمدي ” ، وبعد ذلك حضر جندي آخر وأخرجني من المنزل وقال لي اذهبي “go -go “. طلبت أن أرى أهلي لكنه رفض، وخرجت إلى الشارع حافية ولاحظت أن الدبابات تحاصر المكان وتتمركز في بداية الشارع ونهايته، وهناك عدد كبير من الجيبات وناقلات الجند. بقيت واقفة فأطلقوا النار باتجاهي وأصبت بعيار ناري باليد اليسرى، وإثرها ركضت وأنا حافية على الزجاج والحجارة المتناثرة بالشوارع ، ودخل مسمار في قدمي وكانت يدي تنزف من موضع الإصابة، وكذلك هناك نزيف من قدمي، لكني واصلت الركض من بينهم حتى وصلت إلى منزل أحد الاصدقاء البعيد نوعا ما عن منطقة غرب غزة المحاصرة من الاحتلال.
يذكر أن شقيقتي أماني، 27 سنة متزوجة ولديها 3 من الأطفال، وجدي وجدتي ومعهم أبناء خالي أطفال يسكنون في شارع أبو حصيرة، ومصيرهم مجهول حتى اللحظة.
نسخة تجريبية