فبراير 10, 2024
أصبت مع زوجتي ونعاني من النزوح
مشاركة
أصبت مع زوجتي ونعاني من النزوح

يوسف طارق محمد أبو ناصر، 31 عاما، متزوج سكان مخيم الشاطئ غرب غزة

تلقى طاقم المركز هذه الإفادة في 6/2/2024.

 كنت أسكن في شقتي أنا وزوجتي في منزل العائلة ولم يمر على زواجي سنة واحدة بعد. نظرًا لوضعي الاقتصادي السيئ المرتبط بديون الزواج المتراكمة قدمت على تصريح عمل في الداخل (إسرائيل) مقابل مبلغ مالي يُدفع لمشغل كل شهر (٢٧٠٠ شيكل) وقد تم الموافقة عليه بعد أربعة أشهر من زواجي، بدأت حينها بالأعمال الشاقة من أجل سداد ديوني المتراكمة.

لكن للأسف عندما بدأت بتسديد القليل من ديوني خلال الأربع شهور صحوتُ على أحداث ٧-١٠-٢٠٢٣، كنت حينها في غزة في إجازة عمل فسمعت صوت إطلاق الصواريخ المتواصل والكثيف ولا نعرف السبب، ومن وقتها تغير كل شيء للأسوأ.

 بعد سبعة أيام من الحرب نزحت أنا وزوجتي وعائلتي لمقر الأونروا في غزة الساعة الواحدة ليلًا. وفي الصباح تعرضنا للقصف على باب مقر الأونروا  (سويدي المعسكر) من الطيران الحربي الإسرائيلي فأصيب شقيقايّ محمد ويحيى، حيث كان محمد في الشارع عند القصف وعندما نزل الصاروخ طار من شدة القصف والضغط بجوار حائط ثم نزل تحت سيارة وانفجرت عجلات السيارة ونزلت علي جسده وعندما أخرجوه لم يكن يستطيع تحريك جسده وأقدامه، وكان أخي مصطفي يقول له انطق الشهادتين لأنه ظن أنه سيموت، وأخي يحيي كان قد هرب عند سماع صوت الصاروخ وهو نازل، وعند الانفجار طارت شظية من الصاروخ وارتطمت في رأسه واصبح ينزف دما ونقلا بسيارة مدنية إلى المستشفى.

لاحقا، نزحنا لتل الهوا وبقينا أربعة أيام وعشنا ليالٍ صعبة مليئة بالقصف المرعب. ثم ألقى الاحتلال مناشير بالتوجه إلى منطقة جنوب الوادي، فقررنا النزوح إلى منزل والد زوجتي في منطقة أبراج عين جالوت في النصيرات، وعشنا هناك وعانينا من شح الموارد ونقص المياه والكهرباء وغاز الطهي، وكان منزل والد زوجتي مليء بالنازحين.

في ليلة ٢-١٢-٢٠٢٣، تعرض منزل أقارب زوجتي الملاصق لهم للقصف الإسرائيلي المباشر المخيف، ووجدت نفسي تحت الركام والدنيا ظلام فشعرت بالهلع الشديد من مفارقة الحياة وقمت بنطق الشهادتين. ثم سمعت صوت أخي ينادي باسمي: أين أنت؟ أكثر من مرة. فأجبته: أنا هنا تحت الركام. وقاموا بالحفر عليّ وأخرجوني من تحت الركام، وكنت مصابًا بكلتا قدماي، وحملوني إلى سيارة الإسعاف فوجدتُ زوجتي مصابة برأسها داخل سيارة الإسعاف مع مصابين آخرين، وجثث الشهداء من المنزل المجاور.

عند وصولي المستشفى انتظرت ٨ ساعات من أجل أن يأتي طبيب لتشخيص حالتي. كنت أصرخ طوال الليل من شدة الألم، إذ كنت أعاني من خلع مفصل الحوض في الرجل اليسرى وجرح عميق في قدمي اليمنى.

في الصباح أجروا لي عملية إعادة المفصل، ثم خرجت من المستشفى نظرًا لسوء وضعها وعدم وجود الاهتمام الكافي من الطواقم الطبية بسبب شح الموارد والدواء.

عدت لمنزل والد زوجتي المقصوف جزئيًا وكنت عاجزًا عن المشي لمدة ٣٠ يومًا مع تلقي العلاج لجرح قدمي اليمنى.

خلال تلك الأيام أطلق الاحتلال قذائف مدفعية مباشرة علينا للخروج من المنطقة ونزحنا لمنزل عمة زوجتي في منطقة غرب الزوايدة، وبقيت هناك ثماني أيام ثم نزحت إلى رفح بسبب القصف الشديد على المنطقة، فسكنت في خيمة وزوجتي في مدرسة وعانيت من التلوث وقلة الماء وشح الموارد والضيق المالي والوضع كان كارثيًا. بعد عشرين يومًا عدت إلى منزل عمة زوجتي وأنا فيه حتى اللحظة.

أهم مطلب لدي في هذه الحياة أن أعيش حياة خالية من القصف ويعود الأمن والأمان، وأن أكمل مع زوجتي حياتنا التي لم نبدأها بعد وأن نعلم خبرًا عن شقتنا التي لم نسكنها كثيرًا.