رزان فادي عبد الحميد أبو عودة، 16 عاما، من بيت حانون، شمال غزة، وحاليا نازحة في رفح
تلقى المركز هذه الإفادة في 15/01/2024
أنا طالبة بالصف الحادي عشر الفرع العلمي في مدرسة هايل عبد الحميد الثانوية للبنات، متفوقة حصلت على معدل 99.6% العام الماضي ” الصف العاشر”، وأتميز باللغة الإنجليزية والرياضيات، وسبق أن شاركت في العديد من المسابقات العلمية وحصلت على المرتبة الاولى، بالإضافة إلى حصولي على منحة اللغة الإنجليزية الآيلتس، وكان من المفروض السفر للولايات المتحدة الأمريكية لكن وقعت الحرب وتعطل الأمر.
في 07/10/2023، كنت أستعد للذهاب الى المدرسة وكان عندي امتحان تكنولوجيا. تفاجأنا بسماع أصوت لم نعلم مصدرها، وبعد ذلك أرسلت المدرسة عبر جروب الواتساب بتعطيل الدوام، وعلمنا بحدوث عملية كبير في غلاف غزة. وفي المساء سمعنا صوت قصف إسرائيلي عنيف جدا ومتواصل ومستمر، وكان القصف عبارة عن حزام ناري. وتسبب هذا القصف بتدمير منزل قريب جدا منا تقطن فيه صديقتي رولا نصير، حيث استشهدت هي وأسرتها، وجاءت إنذارات من الاحتلال بأن المنطقة التي نقطن فيها منطقة خطر ويجب الاخلاء، وشاهدنا عدد من الجيران وهم يغادرون المنطقة.
صباح اليوم التالي 08/10/2023، خرجنا إلى الشارع وكان خاليا تماما، وتلقى والدي عدة اتصالات من أعمامي وأخوالي بضرورة ترك المنزل والمنطقة. وفي حوالي الساعة 2:30 مساء من اليوم نفسه، خرجنا وتوجهنا إلى مخيم جباليا عند خالتي ومكثنا في منزلها مدة شهر، وكان عددنا 60 شخصا حيث نزحت عدة عائلات في المنزل، وكانت الحياة صعبة جدا في جميع النواحي.
بعد شهر، قصف الاحتلال منزلا بالقرب من المنزل الذي نزحنا إليه وامتلأ المكان بالدخان وتتطاير الزجاج والحجارة علينا، وخرجنا هاربين وتوجهنا إلى مدرسة حمد، علمًا أن النزوح صعب جدا بالمدارس حيث لا يتوفر فيها أية مقومات للمعيشة، الماء غير متوفر ودورات المياه متسخة ومزدحمة دائما.
يوم 10/11/2023، كان من الأيام الصعبة جدا في المدرسة، حيث لم تتوفر شربة الماء، والقصف الإسرائيلي شديد ومتواصل، وتعرضت إحدى المدارس المجاورة التي حولت إلى مركز إيواء للقصف واستشهد اثنان فيها. ونظراً لنفاد ما لدينا من طعام وعدم القدرة على تدبير الأمور قرر والدي النزوح إلى الجنوب.
في حوالي الساعة 10:00 صباح 12/11/2023، خرجنا من الشمال بسيارة أبي حتى وصلنا شارع 10 بالقرب من مفترق الكويت، حيث علمنا أنه ممنوع دخول السيارة، فقرر والدي أن يضعها عند أحد أصدقائه في حي الزيتون. وأكملنا الطريق مشيا، فقوات الاحتلال لديها حاجز على شارع صلاح الدين، فضلا عن السواتر الرملية الموضوعة وخلفها أعداد كبيرة من تلك القوات، وانتشار للدبابات والجيبات على طول الشارع حيث تتمركز هناك. وكان يوجد ممر يطلق عليه اسم ” الحلابة ” ويطلب من كل شخص بحوزته هويته أن يرفعها، ومرّ والدي ومن ثم والدتي، ثم أنا. وبعدما مشيت عدة خطوات بعد الحلابة، أطلقت قوات الاحتلال النار بشكل عشوائي وكثيف، فتوقفنا خوفًا من شدة إطلاق النار وبدأنا نلتفت، حيث المارة جميعهم شعروا بالخوف والارتباك. وبعد ذلك أكملت السير، ولكن شعرت بدوار في رأسي، وشاهدت قدمي وهي تنزف بالدماء، وبعدها سقطت على الأرض وفقدت الوعي. استيقظت ووجدت نفسي ملقاة على الأسفلت ومحاطة بعدد من الجنود وكان اثنان بملابس مدنية يحاولان إسعافي وربط قدمي وكان والدي قريب مني، وبعدها سلموني لوالدي ولم أستطع السير، فقام بحملي. وبعد مسافة قليلة كانت عربة كارو تسير نقلتني أنا وعائلتي إلى مستشفى شهداء الأقصى، ولم يكن هناك مكان فارغ من كثرة الشهداء والمصابين الذين كانوا يتوافدون على المشفى، فتم وضعي بممر المشفى.
تبين بعد الفحص أنني مصابة بعيارين ناريين أحدهما بالقدم اليمنى وتسبب فتحة وجرح عميق، وآخر عيار ناري بالقدم اليسرى والشظايا مازالت موجودة بالقدم، حيث أحتاج إلى عملية جراحية، ولكن تم تأجيلي لوجود حالات خطرة وحرجة أكثر من حالتي.
بعد عدة ايام تم نقلي إلى المستشفى الميداني بالزوايدة، والمستشفى مقام في ” مدرسة ابن رشد ” وكانت عائلتي معي، وتم وضعنا في نفس الغرفة الصفية، والعلاج كان تغيير على الجرح. وبقينا حتى 6/01/2024، حيث أصبح القصف الإسرائيلي شديدا في المنطقة، وبدأت الناس تخلي بعد أوامر التهجير من قوات الاحتلال، وبدأت الناس تنتقل إلى رفح. فضّل والدي الإخلاء والانتقال إلى رفح، وحاليا نعيش بخيمة في الشارع بمدينة رفح.
حتى الآن لا أستطيع حتى اللحظة السير على قدمي، وأسير معتمدة على جهاز الواكر، ولا زلت بحاجة إلى عملية جراحية وبعدها لجلسات علاج طبيعي.
نسخة تجريبية