المرجع: 43/2012
التاريخ: 4 إبريل 2012
التوقيت: 11:35 بتوقيت جرينتش
يشعر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بخيبة أمل كبيرة إزاء قرار مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية عدم فتح تحقيق في الأوضاع في فلسطين. لقد كان هذا الأمر مدار بحث من قبل المحكمة منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات، فقد قدمت فلسطين إعلاناً تعترف فيه بالولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية وفقاً للمادة 12(3) من نظام روما الأساسي، وذلك في ضوء الاشتباه باقتراف جرائم حرب وربما جرائم ضد الإنسانية في سياق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة (عملية الرصاص المصبوب) في الفترة من 27 ديسمبر 2008 حتى 18 يناير 2009.
بعد أن ثبت إخفاق كافة الأطراف في الوفاء بالتزامها بإجراء تحقيقات فعالة في الجرائم التي ارتكبت في سياق عملية الرصاص المصبوب، كانت المحكمة الجنائية الدولية تشكل المنبر الأنسب للسعي نحو تحقيق المساءلة، وكان ذلك في الواقع من أهم توصيات بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق حول النزاع في غزة، والتي فتحت الباب أمام عملية متابعة معقدة (ولكنها لم تكتمل بعد) على مستوى الأمم المتحدة.
وقد أكد عدد من التقارير التي أصدرتها منظمات حقوقية مستقلة، مثل هيومان رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، وتقرير بعثة تقصي الحقائق المنبثقة عن جامعة الدول العربية، النتائج التي خلصت إليها بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن احتمالية ارتكاب جرائم دولية خلال عملية الرصاص المصبوب. وقد تلقى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مئات الشكاوى والطلبات من ضحايا الاعتدءات على قطاع غزة، من أجل فتح تحقيقات فورية ومستقلة على المستوى الدولي. وقدم المركز وشركاؤه العديد من الملفات القضائية بالنيابة عن الضحايا إلى مكتب المدعي العام.
يرى المركز بأن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية قد فشل تماماً في التعامل مع هذه المسألة بالشكل الملائم.
كانت مسألة القبول أمام المحكمة – سواء كان بالإمكان اعتبار فلسطين كدولة أم لا – مسألة صعبة دون شك، ولكن عدداً من الحجج كانت قد قدمت، من بينها أن فلسطين يمكن اعتبارها دولة على الأقل لغايات نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
يعتبر المركز بأن الغاية من مكتب المدعي العام هي متابعة تحقيق المساءلة، والعمل من أجل مصالح العدالة الدولية. وكان على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بدلاً من اتخاذ قرار من جانب واحد بشأن إمكانية قبول تلك التحقيقات أن يحيل المسألة على الفور إلى اجتماع الدول الأطراف. في الواقع، يقر القرار الصادر بتاريخ 3 إبريل 2012 بهذه النقطة:
“لا يمنح نظام روما الأساسي أية صلاحية لمكتب المدعي العام لتبني منهاج لتعريف مصطلح الدولة بموجب المادة 12(3)، يختلف عن ذلك الموضوع لأغراض المادة 12(1).”
إن قرار المدعي العام بالتصرف بشكل أحادي – دون إحالة المسألة إلى الدائرة التمهيدية – والوقت الطويل دون داعٍ الذي استغرقه لاتخاذ قرار غير حاسم وربما عارض يثيران الشكوك بأن المدعي العام لم يكن يتصرف من أجل مصالح العدالة، بل على أساس الاعتبارات السياسية. ومن الصعب استبعاد الاحساس بأن الضحايا وممثليهم قدد غرر بهم بصورة متعمدة.
المركز يدعو فلسطين إلى إيداع صك القبول بنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على الفور لدى الأمين العام للأمم المتحدة. ويطالب المركز أيضاً كافة الدول الأطراف بإحالة الأوضاع في فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وقبل كل شيء، يدعو المركز كافة أجسام الأمم المتحدة، خاصة الجمعية العامة، على العمل بثبات من أجل مصالح العدالة، واستكمال ما يسمى “عملية غولدستون” من خلال إحالة المسألة إلى مجلس الأمن لكي يقوم من جانبه بإحالة الأوضاع في إسرائيل وفلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية.
إن ضحايا هذا الصراع يستحقون ذلك على الأقل.