أبريل 10, 2025
نداء عاجل لوقف التعطيش الإسرائيلي المتعمد لسكان غزة وتمكينهم من الحصول على مياه الشرب إنقاذًا لحياتهم
مشاركة
نداء عاجل لوقف التعطيش الإسرائيلي المتعمد لسكان غزة وتمكينهم من الحصول على مياه الشرب إنقاذًا لحياتهم

يطلق المركز الفلسطيني لحقوق الانسان نداءًا عاجلاً للمجتمع الدولي من أجل تمكين الفلسطينيين في قطاع غزة من الحصول على مياه الشرب، بعد أن شددت قوات الاحتلال الإسرائيلية إجراءاتها العمدية قاصدةً حرمانهم من الحصول على ما يكفيهم من المياه للبقاء على قيد الحياة، عبر تعطيل خطوط الامداد، وقطع الكهرباء، ومنع ادخال الوقود اللازم لتشغيل ما تبقى من المحطات الخاصة لتحلية المياه الذي يشارف على النفاذ خلال الايام القليلة القادمة.  ويحذر المركز من تداعيات توقف خدمات المياه والصرف الصحي على الأطفال والنساء وكبار السن، والذي ينذر بموجة عطش شديدة تلوح في الأفق تهدد بتفشي الأمراض، والجفاف المهدد للحياة، بالتزامن مع تكثيف الهجمات العسكرية الاسرائيلية على الأعيان المدنية وتوسيع الهجوم البري وضم أراضي واسعة هجرت القوات الإسرائيلية سكانها قسراً، واستمرار اغلاق المعابر ومنع ادخال المواد الإغاثية للشهر الثاني على التوالي.

ووفقا لمتابعات المركز، تعمدت قوات الاحتلال الإسرائيلية بتاريخ 4 إبريل 2025، تعطيل خط مياه ميكروت شرق مدينة غزة، والذي يمد السكان بنحو 70% من المياه الصالحة للشرب بقدرة 20 ألف متر مكعب يومياً، بعد أن أصدرت أمر للسكان بالإخلاء الفوري واجتاحت الدبابات الإسرائيلية المكان، وتمركزت فوق تبة المنطار شرق حي الشجاعية. وتمنع قوات الاحتلال الطواقم الفنية من الوصول إلى المكان لمعاينة حجم الضرر، واصلاحه في حال توفر قطع الغيار اللازمة. كما ترفض سلطات الاحتلال التنسيق لوصول الطواقم الفنية لإصلاح خط مياه ميكروت في المنطقة الوسطى منذ تعطله بتاريخ 22 يناير 2024، ويمد القطاع بنحو 13 ألف متر مكعب من المياه يومياً، وهي كمية تلبي احتياجات نحو 300 ألف مواطن من مياه الشرب.1 كما قطعت قوات الإحتلال الإسرائيلي مطلع شهر مارس 2025، خط كهرباء تم وصله بتاريخ 14 نوفمبر 2024، يغذي محطة تحلية المياه في دير البلح، تسبب بإيقاف قدرتها على انتاج 18 ألف متر مكعب من المياه المحلاة يوميا، وهو ما يعرض حياة نحو 600 ألف مواطن في دير البلح وخانيونس لخطر متزايد.2

وحسبما أفاد باحثينا الميدانيين، يعاني سكان قطاع غزة من صعوبة بالغة في توفير مياه الشرب، ويضطرون إلى العيش أيام طويلة دون إمكانية الحصول عليها، حتى أن بعضهم شرب مياه ملوثة من الآبار الجوفية، ما تسبب بانتشار الأمراض المنقولة بالمياه أو بسبب نقصها، كالإسهال والزحار والتهاب الكبد الوبائي أ، حيث سجلت وزارة الصحة في غزة منذ بدء العدوان نحو 1.7 مليون حالة مرضية، ووفاة ما يزيد عن 30 حالة بسبب سوء التغذية والجفاف غالبيتها من الأطفال.

ومنذ أكتوبر 2023 تسببت الأفعال الاجرامية الإسرائيلية العمدية والممنهجة في حرمان الفلسطينيين من الحصول على الحد الأدنى من المياه، فقد دمرت القوات المحتلة نحو 90% من مرافق قطاع المياه والصرف الصحي في غزة. وبات المواطن يحصل على نحو 5 لترات من المياه يومياً. وذلك ترجمة فعلية لتصريحات وزراء الحكومة الاسرائيلية الداعية إلى إبادة الفلسطينيين وقطع الكهرباء والماء والوقود والغذاء إلى أفعال إجرامية مورست بحق المدنيين في القطاع. فقطعت امدادات الكهرباء اللازمة لتشغيل مضخات المياه ومحطات التحلية، ودمرت البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، وقيدت وصول الوقود اللازم لتشغيل المولدات في ظل استمرار قطع الكهرباء، وقتلت الطواقم الفنية أثناء محاولاتها اصلاح خطوط المياه المعطلة. وقصفت مستودعات مركزية تحتوي على قطع غيار ومعدات وامدادات أساسية لإنتاج المياه. كما فجرت عمدًا خزانات للمياه في أماكن سكنية لازالت تسيطر عليها.

وفي ذات السياق تكرر بلديات قطاع غزة تحذيرها من عدم مقدرتها على إيصال مياه صالحة للشرب إلى السكان، بسبب تعطل خطوط الامداد وعدم توفر الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء التي من شأنها تشغيل آبار المياه.

يرى المركز أن تعمد إسرائيل تعطيش الفلسطينيين بشكل منهجي يشكل انتهاكُا معلنًا للتدابير الاحترازية الثلاثة الصادرة عن محكمة العدل الدولية الداعية إلى حصول الفلسطينيين في غزة دون عوائق وعلى نطاق واسع على ما يكفي من الغذاء والمياه بشكل فوري وفعلي. كما ترقى تلك الأفعال إلى جرائم حرب حظرها ميثاق روما المؤسس لمحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ووزير الدفاع السابق غالانت لارتكابهم جرائم حرب تمثلت بالتجويع بما في ذلك الحرمان من المياه عبر تدمير وتعطيل البنية التحتية الأساسية للمياه اللازمة لبقاء السكان في غزة على قيد الحياة. كما يشكل حرمان قوات الاحتلال سكان القطاع من المياه انتهاكًا للحق في المياه والصرف الصحي وفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

ويؤكد المركز أن السياسات الإسرائيلية تهدف إلى فرض أحوال معيشية بقصد اهلاك السكان في غزة، وقد أدت إلى قتل جماعي ومن المحتمل أن تتسبب في وفيات مستقبلاً، وتشكل جريمة ضد الإنسانية متمثلة في الإبادة.  كما تندرج أيضاً تلك الأفعال ضمن أفعال جريمة الإبادة الجماعية لتسببها بأذى جسدي ونفسي كبير بالسكان، وفق ما أكدنه لجنة التحقيق الأممية في تقريرها الأخير عندما وجدت أسباب معقولة حول وجود جريمة إبادة جماعية ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة منذ 17 شهرًا.3

وفي ضوء ما سبق يوجه المركز نداءًا عاجلاً للمجتمع الدولي وأحرار العالم لتحمل مسئولياتهم والضغط على اسرائيل من أجل اجبارها على فتح المعابر الحدودية والسماح بإدخال المواد الاغاثية بما في ذلك الوقود اللازم لتشغيل محطات تحلية المياه، وإعادة تشغيل خطوط مياه ميكروت والسماح للطواقم الفنية بالوصول إلى مناطق الأعطال واصلاحها، لإنقاذ حياة سكان غزة.

كما يطالب المركز المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بمتابعة أوامر القبض الصادرة بحق مجرمي الحرب الاسرائيليين وتحديث الجرائم المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني في غزة وإصدار مذكرات قبض جديدة بحق مسئولين بشكل مباشر عن استخدام المياه كسلاح حرب، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر وزير الدفاع الإسرائيلي الحالي يسرائيل كاتس. ويطالب المركز المقرر الخاص المعني بالمياه المأمونة والصرف الصحي بمتابعة وفضح الجرائم الإسرائيلية، وإعلان قطاع غزة منطقة منكوبة بيئيًا بفعل انهيار أنظمة المياه والصرف الصحي.


  1. معلومات حصل عليها باحث المركز من موظف في سلطة مياه بلديات الساحل، بتاريخ 5 إبريل 2025. ↩︎
  2. المرجع السابق ↩︎
  3. لجنة تحقيق دولية: “استخدام إسرائيل المنهجي للعنف الجنسي والإنجابي أكثر مما يمكن أن يتحمله بشر”، رابط إلكتروني: https://news.un.org/ar/story/2025/03/1139826 ↩︎

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *