المرجع: 41/2015
التاريخ: 9 يوليو 2015
التوقيت: 11:30 بتوقيت جرينتش
صادق مجلس الوزراء الفلسطيني بتاريخ 7 يوليو 2015 على النظام المعدل لنظام الشركات غير الربحية رقم 3 لسنة 2010، والذي تضمن قيوداً خطيرة على عمل الشركات غير الربحية وحريتها في ممارسة نشاطها واستقلاليتها، حيث جعل القرار من مجلس الوزراء مرجعية لتحديد مصادر دعم هذه المؤسسات وأوجه الصرف فيها.
يؤكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان موقفه الرافض لهذا القرار الذي يمثل تدخلاً سافراً في عمل مؤسسات المجتمع المدني، وانتهاكاً صارخاً لحقها في الاستقلال والخصوصية، وهو ما يمثل خرقاً لالتزامات السلطة الفلسطينية بموجب المادة (22) العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، التي تكفل الحق في تشكيل الجمعيات.
وكان مجلس الوزراء قد أصدر نظاماً خاصاً للشركات غير الربحية في العام 2010، في خطوة تعسفية لم يتم إشراك المؤسسات المعنية فيها، وانعكس هذا بطبيعة الحال على مضمون النظام نفسه، وما احتواه من احكام أفرغت الحق من مضمونه، وجعلته منحة من وزارة الاقتصاد.
ومن الجدير بالذكر أن الحكومة التي أقرت النظام سابق الذكر هي حكومة قامت في ظل الانقسام، وبالتالي كان من الاولى بحكومة التوافق أن تعيد النظر في النظام وتعمل على تلاشي العيوب الموجودة فيه، بدلاً من أن تقر وجوده بل وتزيد التعسف الموجود فيه.
وقد تناول المركز هذا القرار خلال تقريره الخاص عن الحق في تشكيل الجمعيات والصادر في مايو 2013، تحت عنوان “تأثير انقسام السلطة الفلسطينية على دور الجمعيات وتنظيمها القانوني”، حيث بين خلاله مثالب هذا القرار والآثار السلبية التي ستنعكس على دور المجتمع المدني الفلسطيني جراء تطبيقه.
ويعتبر التعديل الأخير بمثابة إمعان في التعسف ضد المجتمع المدني وإلغاء لدوره كجهة يناط بها الرقابة على دور السلطة ورصد انحراف اصحاب السلطة بها أو عجزها عن تلبية الحاجات العامة، والعمل على وقف هذا الانحراف أو سد ذلك العجز.
إن المركز الفلسطيني وإذ يتابع عن كثب القرارات الحكومية التي تصدر بخصوص الحق في تشكيل الجمعيات، فإنه يؤكد على ما يلي:
- السلطة الفلسطينية أصبح عليها التزاماً دولياً باحترام الحق في تشكيل الجمعيات، بعد توقيع دولة فلسطين على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
- إن مهمة المجتمع المدني ليس تنفيذ خطط الحكومة، وإنما تعزيز الرقابة الشعبية على جدوى هذه الخطط ومراقبة التوزيع العادل للثروة، وسد الفجوات في النظام القائم في بعض الأحيان. وبالتالي لا يحق للحكومة بأي حال التدخل في طبيعة نشاط الجمعيات أو أوجه الصرف فيها أو المشاريع التي تنفذها، أو النشاطات التي تختارها بحجة توجيه الصرف لتحقيق الصالح العام، كما أن تحديد الصالح العام ليس حكرا على الحكومة.
- مؤسسات المجتمع المدني لديها قدرة كبيرة على فهم الاحتياجات العامة، قد تتجاوز في بعض الأحيان قدرة الحكومة نفسها، بحكم تواصلها الدائم مع الجمهور، وبحكم تركيزها على التفاصيل بشكل أكثر عمقاً. بالتالي، فإن ادعاءات أية جهة حكومية بأنها يجب أن تكون الوصي الذي يحدد المشاريع التي يحتاجها المجتمع، أمر مطعون في صحته.
- إن محاولة مجلس الوزراء الفلسطيني إجبار الجمعيات على الالتزام بالخطة التنموية الخاصة بالحكومة أمر مثير للاستغراب، حيث أن الحكومة لم تشرك المجتمع المدني بشكل فاعل في إعداد هذه الخطة. كما أن الادعاء بأن الخطة المذكورة ستحقق الصالح العام، يبقى مجرد ادعاء، لاسيما في ظل غياب أي شكل من أشكال الرقابة الشعبية على أداء الحكومة لغياب المجلس التشريعي منذ حادثة الانقسام الفلسطيني في العام 2007.
- إن المجتمع المدني لا يمكن أن يقوم بدوره المنوط به دون أن يتمتع بحقه في الوجود والاستقلال والخصوصية.
وانطلاقا من إيمانه العميق بأهمية المجتمع المدني في أي عملية للتحول الديمقراطي في فلسطين، فإن المركز:
- يطالب بإلغاء التعديل الأخير الصادر من قبل مجلس الوزراء بخصوص الشركات غير الربحية، ويؤكد على ضرورة أن تكون اللائحة الخاصة بالشركات غير الربحية منسجمة مع المعايير الدولية، وأن يتم اعادة صياغتها بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة.
- يحث المجتمع المدني على ضرورة رفع مستوى العمل المشترك إلى أعلى المستويات للوقوف ضد المحاولات المستمرة من قبل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة الهادفة إلى احتواء المجتمع المدني وتهميش دوره.
- يطالب بإلغاء كافة القرارات والقوانين المتعلقة بالجمعيات التي صدرت في ظل الانقسام.
- يطالب بإشراك مؤسسات المجتمع المدني في أي قوانين أو قرارات تسن بخصوص تنظيمها أو عملها.