المرجع: 69/2014
التاريخ: 21 يونيو 2014
التوقيت: 11:30 بتوقيت جرينتش
مقتل طفل ووفاة مسن جراء إصابته بنوبة قلبية وإعاقة إسعافه، وإصابة (6) مدنيين آخرين، من بينهم طفل
اعتقال (320) مدنيا فلسطينياً من بينهم رئيس المجلس التشريعي و(6) من أعضائه
لليوم التاسع على التوالي، تستمر قوات الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ سياسة العقاب الجماعي ضد المدنيين الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة، وبشكل أساس في الضفة الغربية. وتجسّدت هذه الحملة في تنفيذ عمليات اقتحامات واسعة النطاق للتجمعات السكانية في الضفة، ومداهمات ليلية لمئات المنازل السكنية بشكل وحشي، مستخدمة الكلاب البوليسية، والتنكيل بسكانها، وطردهم منها، أو احتجازهم في غرفة واحدة من غرف المنزل، وتحويل عدد منها لثكنات عسكرية، وتعمد إحداث تخريب في بنية تلك المنازل ومحتوياتها، واعتقال المئات منها. وترافق مع ذلك استخدام القوة بشكل مفرط ضد المدنيين الفلسطينيين الذين تظاهروا ضدها، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى. كما وطالت أعمال الاقتحام والمداهمة جمعيات خيرية، ومراكز صحية، مكاتب إعلامية، مدارس، جامعات ومحلات صرافة، حيث تمت مصادرة محتوياتها ومصادرة العشرات من كاميرات المراقبة. وترافق مع ذلك أيضا شن العديد من الغارات الجوية على مواقع تدريب تابعة لفصائل المقاومة وأهداف مدنية في قطاع غزة.
ففي استخدام مفرط للقوة، قتلت قوات الاحتلال يوم أمس، الجمعة الموافق 20/6/2014، طفلاً فلسطينياً في الرابعة عشرة من عمره في مدينة دورا، جنوب غربي محافظة الخليل. واستناداً لتحقيقات المركز، ففي حوالي الساعة 1:00 فجر اليوم المذكور، اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، معززة بالعديد من الآليات العسكرية، ترافقها عدة ناقلات جند مدرعة، مدينة دورا، جنوب غربي محافظة الخليل، وتمركزت في عدة أحياء منها. انتشر أفرادها بين المنازل السكنية، وأجروا أعمال تمشيط وتفتيش واسعة. تجمهرت مجموعات من الأطفال والفتية في عدة محاور من أطراف المدينة، ورشقت الحجارة والزجاجات الفارغة تجاه تلك القوات. وفي حوالي الساعة 4:50 فجراً، كانت قوة راجلة من جيش الاحتلال، تقدر بحوالي 300 جندي، تتواجد بين المنازل السكنية في حي حنينية، في المنطقة الجنوبية من المدينة، وأثناء محاولتها المرور عبر الشارع الرئيس للتوجه إلى المنطقة المطلة على حي المأجور القريب من معسكر جيش الاحتلال المقام هناك “ادورايم” والمعروف باسم (معسكر المجنونة)، رشق عدد من الأطفال والفتية الجنود بالحجارة. رد الجنود بإطلاق القنابل الصوتية وقنابل الغاز، والأعيرة المعدنية المغلفة بطبقة رقيقة من المطاط تجاههم أثناء مسيرهم دون توقف. استمر هذه الوضع حوالي عشر دقائق، حتى بدأ آخر الجنود بالظهور، فشرع بإطلاق الأعيرة النارية بشكل عشوائي تجاه المتظاهرين. أسفر ذلك عن إصابة الطفل محمد جهاد محمد دودين، 14 عاماً، بعيار ناري في الجهة اليمنى من الصدر، نفذت من الخلف، وتم نقله بواسطة سيارة خاصة من نوع بيجو صالون، إلى مركز جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في المدينة، إلا أنّه لفظ أنفاسه الأخيرة قبل وصوله إلى هناك{{.
وفي ساعات فجر هذا اليوم، السبت الموافق 21/6/2014، قضى المواطن ناجي علي عبد صوف, 60 عاماً, من قرية حارس, شمال غربي مدينة سلفيت, نحبه إثر إصابته بنوبة قلبية حادة، ومنع قوات الاحتلال من إسعافه. وكانت قوة من جيش الاحتلال، معززة بحوالي خمسين آلية عسكرية, قد اقتحمت القرية المذكورة في حوالي الساعة 3:40 فجراً، وأثناء خروج المواطن صوف لأداء صلاة الفجر في مسجد القرية، وهو يعاني من ضعف بعضلة القلب, تفاجأ بمحاصرة جنود الاحتلال لمنزله، فانهار فوراً، ولم تسمح قوات الاحتلال بإسعافه, وفارق الحياة بعد دقائق قليلة جرّاء ذلك.
وفي ساعات فجر هذا اليوم أصيب طفل فلسطيني في مدينة نابلس، أثناء توغل قوات الاحتلال فيها. وكان (3) مدنيين فلسطينيين قد أصيبوا بتاريخ 20/6/2014، في مخيم قلنديا، شمالي مدينة القدس المحتلة، عندما تظاهرت مجموعة من الأطفال والشبان ضدها. ووصفت جراح اثنين منهم بالخطيرة، وجرى تحويل أحدهما إلى مستشفى هداسا في مدينة القدس المحتلة. كما أصيب (4) مدنيين في مخيم جنين للاجئين بتاريخ 19/6/2014 في ظروف مماثلة.
واستناداً لتحقيقات المركز، وما تمكّن باحثوه من توثيقه خلال هذه الحملة، فقد نفذت تلك القوات ما يزيد عن (220) عملية توغل على الأقل في معظم مدن وبلدات ومخيمات الضفة، اعتقلت خلالها ما لا يقل عن (320) مواطناً فلسطينياً، من بينهم رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني د. عزيز الدويك، و(6) من أعضاء المجلس.
وخلال الحملة دهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي العديد من الجمعيات الخيرية والمراكز الصحية التابعة لها، وصادرت محتوياتها، وأغلقت العديد منها. ففي تاريخ 19/6/2014، اقتحمت تلك القوات مبنى “الدار مول” في شارع صلاح الدين وسط المدينة، بحثاً عن مكتب يعود “لمؤسسة القدس للتنمية”. كما دهمت مكاتب لجنة الزكاة والصدقات في بلدة صور باهر، جنوب شرقي المدينة، وسلمت رئيس اللجنة أمراً موقعاً من المفتش العام للشرطة الجنرال “يوحنان دنينو”، يقضي بإغلاق مكاتب اللجنة لمدة عام، وقامت بمصادرة أجهزة الحواسيب الموجودة في مقرها، وعدد من الذاكرات “USB”، واقتحمت مقر جمعية النماء للإبداعات الاجتماعية، الكائن في مبنى مسجد حمزة الواقع في بلدة بيت صفافا، جنوب شرقي المدينة، وسلمت العاملين فيها أمراً موقعاً من مفتش الشرطة العام يقضي بإغلاق الجمعية لمدة 6 أشهر.
وفي حوالي الساعة 3:00 فجر هذا اليوم، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، ولليوم الثاني على التوالي، معززة بعدة آليات عسكرية، مبنى الجامعة العربية الأمريكية في بلدة الزبابدة، شرقي مدينة جنين، وذلك بعد قص القفل الخاص بالبوابة رقم (3). وقام جنود الاحتلال باحتجاز حرس الجامعة، ودهم المبنى الخاص بعمادة شؤون الطلبة، وصادروا بعض الرايات والأوراق الخاصة بالكتل الطلابية المختلفة. كما وداهمت شركة الحواري للصرافة بالمركز التجاري في مدينة نابلس بعدما اتصلت على صاحبه طايل محمد سليم عودة، وأجبرته على فتح باب المحل وصادرت أربعة أجهزة كمبيوتر، ومبلغاً من المال كان موجوداً في الخزنة دون أن يسمحوا له بمعرفة قيمة المبلغ، رقمها كما صادروا سيارته الشخصية والتي هي من نوع مرسيدس 2010 لون أسود. وفي مدينتي رام الله والبيرة، داهمت قوات الاحتلال مكاتب (بال ميديا)؛ ومقر جمعية الإغاثة الإسلامية عبر العالم، ومركز النون للدراسات القرآنية، وصادروا محتوياتها.
وفي قطاع غزة، نفذت الطائرات الحربية الإسرائيلية يوم الخميس الموافق 19/6/2014، خمس غارات جوية استهدفت فيها موقع تونس العسكري شرقي حي الزيتون، شرقي مدينة غزة، وموقع أبو جراد العسكري، جنوب شرقي مدينة غزة، وموقع عماد أبو قادوس، الكائن غربي أبراج المقوسي، شمالي مدينة غزة، موقع آخر إلى الشرق من أبراج مدينة الشيخ زايد، جنوب شرقي بلدة بيت لاهيا، شمالي القطاع، وموقع تدريب شمالي النصيرات، في المحافظة الوسطى. أسفرت تلك الغارات عن حدوث أضرار مادية في تلك الموقع، دون الإبلاغ عن وقوع إصابات في الأرواح.
وفي ساعات فجر يوم الجمعة الموافق 20/6/2014، شن الطيران الحربي الإسرائيلي ثلاث غارات جوية. استهدفت الغارة الأولى أرضاً خالية في حي الصبرة، في مدينة غزة، ما تسبب بدمار وحريق كبير في بركس يستخدم كمصنع للشيبس، فضلا عن إلحاق أضرار في عدد من المنازل المجاورة، وإصابة ثمانية من سكانها، بينهم امرأتان وطفلان، بجروح من شظايا الزجاج المتطاير. واستهدفت الغارتان على خان يونس، أرضاً خالية وموقعاً للمقاومة دون وقوع إصابات. وبذلك يرتفع عدد الغارات التي نفذت على أهداف في القطاع إلى (26) غارة جوية منذ بداية الحملة الإسرائيلية الأخيرة.
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، يؤكد أن الإجراءات التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة تندرج في إطار سياسة العقاب الجماعي وأعمال الاقتصاص من المدنيين الفلسطينيين خلافا للمادة (33) من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب لعام 1949، والتي تنص على عدم جواز معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصياً، وتحظر العقوبات الجماعية وجميع تدابير التهديد أو الإرهاب، وتدابير الاقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم. وفي الوقت الذي يُحَمِّلُ فيه المركز حكومة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن تصعيد الأوضاع في الأرض المحتلة، فإنه يدعو المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف جرائم الاحتلال، ويجدد مطالبته للأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة الوفاء بالتزاماتها الواردة في المادة الأولى من الاتفاقية والتي تتعهد بموجبها بأن تحترم الاتفاقية وأن تكفل احترامها في جميع الأحوال، كذلك التزاماتها الواردة في المادة 146 من الاتفاقية بملاحقة المتهمين باقتراف مخالفات جسيمة للاتفاقية، علماً بأن هذه الانتهاكات تعد جرائم حرب وفقاً للمادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين وبموجب البروتوكول الإضافي الأول للاتفاقية في ضمان حق الحماية للمدنيين الفلسطينيين في الأرض المحتلة.