يونيو 10, 2025
في إطار جريمة الإبادة الجماعية: المركز يدين استهداف القوات المحتلة طاقم اسعاف وقتل 3 منهم أثناء مهمة إنقاذ إنسانية
مشاركة
في إطار جريمة الإبادة الجماعية: المركز يدين استهداف القوات المحتلة طاقم اسعاف وقتل 3 منهم أثناء مهمة إنقاذ إنسانية

يعرب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عن إدانته الشديدة لاستهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي المباشر سيارة إسعاف أثناء تأديتها لواجبها الإنساني، ما أدى إلى مقتل ثلاثة مسعفين وصحفي كان يرافقهم.  ويؤكد المركز أن هذه الجريمة الجديدة تأتي ضمن سلسلة جرائم ممنهجة تطال الطواقم الطبية، وفي إطار سياسة واسعة النطاق تهدف إلى تقويض المنظومة الصحية في قطاع غزة، وتشكّل انتهاكًا صارخًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، وترقى إلى مستوى جريمة حرب وجريمة إبادة جماعية.

ووفق باحثي المركز، فقد وقعت الجريمة في حوالي 23:00 من يوم أمس الاثنين، 09 يونيو 2025، عندما عاودت قوات الاحتلال الإسرائيلي قصف “عمارة الحداد” قرب دوار الشرفا في شارع يافا، شرق مدينة غزة، بالتزامن مع قيام طاقم إسعاف للخدمات الطبية بمحاولة انتشال جثامين قتلى وإجلاء مصابين من المكان جراء قصف سابق. أسفر القصف عن مقتل ثلاثة مسعفين، وهم: حسين عبد سليمان محيسن – 46 عامًا، مدير الإسعاف والطوارئ بمحافظة غزة، ووائل ماهر محمد العطار- 38 عامًا، والمسعف المتطوع: براء فارس عوض عفانة -18 عامًا، إلى جانب الصحفي مؤمن رجب رياض ابو العوف – 21عامًا، الذي كان يرافقهم لتوثيق عمليات الإنقاذ إعلامياً.  وتعكس الجريمة نمطًا متكررًا من الاستهداف المزدوج الذي يضرب المنقذين بعد استهداف الضحايا، ويكشف إصرارًا منهجيًا على عرقلة عمل الطواقم الطبية وتوسيع رقعة الخسائر البشرية.

كما تأتي هذه الجريمة في سياق أوسع من الهجمات المتكررة على المنظومة الصحية في غزة منذ بدء العدوان في أكتوبر 2023، حيث تجاوزت الهجمات على القطاع الصحي ما يزيد عن 720 هجومًا، شملت تدمير أو تضرر 597 منشأة صحية، واستهداف مباشر لـ 186 وسيلة نقل طبي، بينها 144 سيارة إسعاف، ما أدى إلى تعطل خدمات الإسعاف الأولي والعاجل، ومقتل 917 من الكوادر الصحية، واعتقال 70 مريضًا وأكثر من 300 من العاملين الصحيين خلال تأديتهم لواجبهم الإنساني.1

ويرى المركز في استهداف سيارة إسعاف أثناء تأديتها لمهمة إنقاذ، مخالفة واضحة للمادتين 18و21 من اتفاقية جنيف الرابعة اللتين تلزما جميع الأطراف باحترام وحماية الوحدات الطبية ووسائل نقل الجرحى والمرضى المدنيين والعجزة والنساء التي تجري بواسطة قوافل المركبات، وهو ما لم تفعله القوات الإسرائيلية وتنتهكه على الدوام رغم احتواء سيارات الإسعاف والدفاع المدني على الإشارات الدولية المعتمدة والمميزة لها ولأطقمها.  لذا فنحن أمام أفعال ترقى لجريمة حرب وفق المادة 8 من ميثاق روما الأساسي والتي أوردت في البند 24 منها اعتبار تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية، ووسائل النقل، والأفراد من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات جنيف طبقاً للقانون الدولي، جريمة حرب تستوجب المحاسبة.  كما تكتسب هذه الجريمة بعدًا أعمق حين توضع في سياق سياسة شاملة تعتمدها إسرائيل منذ 20 شهرًا، تتعمد من خلالها تدمير المنظومة الصحية وحرمان السكان المدنيين من وسائل البقاء الأساسية، ما يندرج ضمن الأفعال المُكوِّنة لجريمة الإبادة الجماعية وفقًا للمادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948.

إن استهداف الأطقم الطبية وحرمان سكان قطاع غزة من حقهم في تلقي العلاج، يمثل تحديًا خطيرًا لمنظومة الحماية الدولية، واستهتارًا فج بالقانون الدولي الإنساني، ويعكس غيابًا فاضحًا لأدوات المساءلة الدولية تجاه جرائم دولة الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة، ما يشجعها على تكرارها بوتيرة متصاعدة دون رادع.

وعليه، يطالب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان المجتمع الدولي، وخاصة الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف، بالتحرك الفوري لوقف هذه الجرائم، وبتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية في توفير الحماية للطواقم الطبية ووسائط النقل الصحي. كما يدعو إلى تفعيل أدوات المساءلة الدولية، لا سيما المحكمة الجنائية الدولية، للتحقيق في جرائم استهداف الطواقم الطبية كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ويؤكد على ضرورة إنشاء آلية دولية مستقلة لتوثيق هذه الانتهاكات وملاحقة مرتكبيها، بما يضمن وضع حد لحالة الإفلات من العقاب، ويكفل حماية السكان المدنيين في قطاع غزة.


  1. منظمة الصحة العالمية، لوحة معلومات إحصائية، رابط إلكتروني: https://healthcluster.who.int/countries-and-regions/occupied-palestinian-territory ↩︎

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *