المرجع: 150/2014
التاريخ: 3 نوفمبر 2014
التوقيت: 11:15 بتوقيت جرينتش
يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، وبشدّة، سلسلة القرارات والإجراءات الإسرائيلية الأخيرة في مدينة القدس الشرقية المحتلة، والتي تهدف إلى تهويد المدينة نهائياً. وكان أخطر تلك الإجراءات في الأيام القليلة الماضية إغلاق مداخل الحرم القدسي الشريف، وتسهيل، وحماية دخول عشرات آلاف المستوطنين والمجموعات الاستيطانية المتطرفة بقيادة وزراء في حكومة الاحتلال، وأعضاء في الكنيست، إلى باحات المسجد الأقصى لإقامة صلواتهم التلمودية فيه، والتلويح بتقسيم المسجد على غرار تقسيم الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل في أعقاب المذبحة التي اقترفها المستوطن المتطرف باروخ غولدشتاين بتاريخ 25 فبراير 1994، وقتل فيها 29 مصليا فلسطينياً. وفي الوقت الذي يؤكد فيه المركز على الوضع القانوني لمدينة القدس الشرقية كمدينة واقعة تحت الاحتلال، فإنه يؤكد أيضاً على أن هذه القرارات والإجراءات تندرج في إطار خطط حكومة الاحتلال الإسرائيلي في تهويد المدينة المحتلة بشكل نهائي. ويدعو المركز المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف تنفيذها، ووقف كافة الإجراءات غير القانونية في الأرض الفلسطينية المحتلة بشكل عام، وفي مدينة القدس المحتلة بشكل خاص.
ففي حوالي الساعة 6:00 صباح يوم الخميس الموافق 30/10/2014، وفي أعقاب قتلها للمواطن معتز إبراهيم خليل حجازي، 32 عاماً، في حي الثوري، شرقي مدينة القدس المحتلة، بعد محاصرة منزله واستدراجه إلى سطح المنزل بكمين محكم أعدوه له، وإطلاق وابل من الرصاص على جسده، بزعم أنه حاول اغتيال الحاخام يهودا غليك في الليلة السابقة، قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق جميع أبواب المسجد الأقصى المبارك، وذلك لأول مرة منذ احتلالها للمدينة عام 1967. وفرضت حصاراً شاملاً عليه، ومنعت المواطنين من الدخول إليه لأداء صلواتهم الخمس.
واستناداً لتحقيقات المركز، وما أفاد به شهود عيان لباحثته في المدينة المحتلة، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي قامت منذ ساعات صباح اليوم المذكور أعلاه بإغلاق جميع أبواب المسجد الأقصى أمام المصلين من كافة الأعمار، ووضعت الحواجز الحديدية حوله، ونشرت أعداداً كبيرة من قواتها على أبوابه. كما ومنعت طلبة مدارس الأقصى الشرعية، وعددهم حوالي 500 طالب وطالبة، من الدخول والوصول إلى مقاعدهم الدراسية في داخله، فضلاً عن منع مؤذني وأئمة المسجد. ولم يتمكن سوى ثمانية أشخاص من الدخول إليه، من بينهم مديره عمر الكسواني وبعض الحراس. وفي اليوم التالي، الجمعة الموافق 31/10/2014، أدى آلاف الفلسطينيين صلاة الجمعة في شوارع المدينة بعد منع الرجال الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً من الدخول إلى المسجد الأقصى والصلاة فيه. يشار إلى أن تلك الجمعة كانت الرابعة على التوالي التي يُمْنَعُ فيها الشبان من الدخول إلى المسجد. ووفق تقديرات مدير المسجد الأقصى، عمر الكسواني، فإن عدد الذين أدوا صلاة الجمعة في المسجد لم يتجاوز أربعة آلاف شخص، جميعهم من كبار السن والنساء. هذا واستمرت قوات الاحتلال بإغلاق أبواب المسجد أمام طلبة مدرسة الأقصى الشرعية ليوميين متتاليين، كما وقامت باعتقال المواطنة هنادي الحلواني، 31 عاماً، ظهر يوم الأحد الموافق 2/11/2014، واعتدت على حارس المسجد عبد الرحمن شريف، 34 عاماً، بالضرب، ثم قامت باعتقاله أيضاً.
وفي سياق متصل، وفي إطار سياساتها الرامية لقمع مسيرات الاحتجاج ضد انتهاكاتها في المدينة، والتي يشكّل الأطفال نسبة كبيرة من المشاركين فيها، صادقت حكومة الاحتلال الإسرائيلي أمس، الأحد الموافق 2/11/2014، على مشروع قانون لتشديد العقوبات على الأطفال الفلسطينيين الذين يقومون بإلقاء الحجارة، والتي قد تصل إلى السجن 20 عاما. وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن الحكومة وافقت على تعديل هذا القانون في اجتماعها الأسبوعي، ويفترض عرض التعديل على الكنيست للمصادقة عليه. وقال البيان إنه “سيتم زيادة بنود جديدة على قانون العقوبات مما سيسمح بفرض عقوبات أقصاها السجن لمدة 20 عاما على من يرشق الحجارة، أو أي غرض آخر على السيارات”.
وفي الوقت الذي يجدد فيه المركز إدانته الشديدة لتلك القرارات والإجراءات غير القانونية في الأرض الفلسطينية المحتلة بشكل عام، وفي مدينة القدس المحتلة بشكل خاص، فإنه:
1- يطالب المجتمع الدولي بالتدخل من أجل إجبار إسرائيل على وقف كافة أنشطتها الاستيطانية في الأرض المحتلة، وبخاصة في مدينة القدس الشرقية.
2- يؤكد على أن القدس الشرقية هي مدينة محتلة، ولا تغير كافة الإجراءات التي اتخذتها سلطات الاحتلال في أعقاب احتلال المدينة في عام 1967 من وضعها القانوني كأرض محتلة.
3- يؤكد على أن كافة الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في القدس الشرقية المحتلة تعتبر جريمة حرب وفقاً للقانون الإنساني الدولي.
4- يطالب الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف بالوفاء بالتزامها بموجب المادة الأولى المشتركة في اتفاقيات جنيف بضمان احترام الاتفاقية في كافة الظروف. ويرى المركز بأن مؤامرة الصمت التي يمارسها المجتمع الدولي تشجع إسرائيل على اقتراف المزيد من الانتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما فيها إجراءات تهويد القدس الشرقية المحتلة.