أبريل 8, 2025
تكريسًا لسياسة التجويع .. الاحتلال يستهدف تكيات الطعام وتجمعات المدنيين الباحثين عن لقمة العيش في قطاع غزة
مشاركة
تكريسًا لسياسة التجويع .. الاحتلال يستهدف تكيات الطعام وتجمعات المدنيين الباحثين عن لقمة العيش في قطاع غزة

يعرب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عن إدانته الشديدة لمواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف تجمعات المواطنين المدنيين قرب تكيات ومراكز توزيع الطعام في قطاع غزة، في وقت يزداد فيه اعتماد مئات آلاف المواطنين عليها، في توفير ما يسد رمقهم، مع بدء تفشي مجاعة حادة ناجمة عن سياسة الحصار والتجويع الممنهجة التي تنتهجها إسرائيل.

وقد وثقت طواقم المركز، خلال الأسابيع الأخيرة، سلسلة من هجمات قوات الاحتلال على تكيات الطعام أو على تجمعات مواطنين أثناء اصطفافهم في طوابير للحصول على الطعام، أو خلال تواجدهم بالقرب من مبادرات أهلية لتوزيع الوجبات الساخنة، وقد أسفر أحدثها عن مقتل 17 مواطناً وإصابة آخرين بجروح خلال الأيام الماضية.

فقد هاجمت طائرة مسيرة إسرائيلية عند حوالي الساعة 12:30 من يوم الاثنين 7/4/2025، خيمة للنازحين داخل مخيم الأمل بالعودة في مواصي غربي خان يونس، بالتزامن مع تجمع العديد من المواطنين في طابور للحصول على الطعام من تكية القلوب الرحيمة المجاورة. أسفر ذلك عن مقتل 7 مواطنين، منهم 4 من سكان الخيمة هم شقيقان، وزوجة أحدهما وطفلته، و3 من المصطفين للحصول على الطعام، بينهم طفلان، وإصابة 25 آخرين بينهم صاحب التكية وعدد من العاملين فيها، والمصطفين للحصول على الطعام. وفي صباح اليوم الثلاثاء 8/4/2025 أعلنت المصادر الطبية في مجمع ناصر الطبي بخايونس عن وفاة ثلاثة من المصابين متأثرين بجراحهم التي أصيبوا بها في القصف.

وأفاد صاحب التكية، محمد جمعة محمد يحيي، 40 عاما، لباحث المركز بما يلي:

“بينما كنا نستعد  وأثناء لتوزيع الطعام للنازحين الذين كانوا يصطفون في انتظار الحصول على طعام، فجأة سمعت صوت انفجارين قويان جدا، وانتشر دخان وغبار في المنطقة وشاهدت في أعقاب ذلك عمال التكية ملقيين على الأرض، وشعرت بألم بقدمي اليمنى فنظرت إلى مكان الألم فشاهدت قدمي تنزف دما، فأدركت أنني اصبت، وكان عدد كبير من الناس ملقى على الأرض منهم النساء والأطفال، تجمهر الشبان النازحين في المنطقة على صوت الانفجار، وبدأوا بنقل المصابين والشهداء بسيارات مدنية وعلى عربات يجرها حيوان، وأنا نقلوني بسيارة مدنية إلى المستشفى الكويتي. وقد استشهد عدد من المواطنين وأصيب آخرون من سكان الخيمة والعمال في التكية والمصفين للحصول على الطعام. وعندما عدت للتكية، وجدت بعض الأضرار فيها منها أضرار في خزانات المياه وتلف وعطب في القدور المستخدمة بالطهي وعددها 6، وأضرار في الأدوات المستخدمة بالطهي”.

وفي حادث سابق، هاجمت مسيرة إسرائيلية، عند حوالي الساعة 06:45 صباح السبت 5/4/2025 تكية الخير في منطقة السد العالي في مخيم خان يونس. أسفر القصف عن مقتل 3 مواطنين، يعملون في التكية، وهم: بلال سعيد محمد ابو مصطفى 31 عاما، ومحمد سليمان ابراهيم ابو مصطفى 30 عاما، ومحي الدين حسين محمد الخواص 29 عاما.

وأفاد سليمان إبراهيم جمعة أبو مصطفى، 65 عامًا، والد أحد القتلى، لباحث المركز، أن تكية الخير تعمل بشكل طوعي فردي، وبدأت العمل منذ أكثر من عام، وكان يعتمد عليها الكثر من سكان المنطقة والنازحين فيها في توفير وجبات الطعام اليومية.

وهاجمت طائرة مسيرة إسرائيلية، عند حوالي الساعة 16:00، من يوم الأربعاء 26/3/2025، مجموعة مواطنين كانوا متواجدين أمام منزل لعائلة الصالحي في محيط مسجد القسام، على بعد حوالي 15 مترًا جنوب تكية النصيرات الخيرية في مخيم النصيرات، في المحافظة الوسطى، ما أدى إلى مقتل 4 مواطنين، أحدهم من العاملين في التكية وإصابة 15 آخرين بجراح.

وفي روايته لما حدث، أفاد أحد المصابين لباحث المركز، بما يلي:

“بينما كنت أعمل في تكية النصيرات الخيرية أجهز الطعام لتوزيعه على مخيمات النازحين والمحتاجين، فجأة سمعت صوت انفجار قوي على بعد عدة أمتار مني، وانتشر غبار ودخان وشعرت بألم شديد في قدمي اليسرى؛ حتى اعتقدت أن قدمي انفصلت عني، فجريت، ثم أغمي عليّولم أستيقظ إلا وأنا في مستشفى العودة القريبة من منطقتنا، وعلمت بعدها أنه استشهد جراء الاستهداف 4 مواطنين أحدهم جلال حرب الذي يعمل معنا في التكية”.

ووفق معطيات نشرها المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، استهدف جيش الاحتلال “الإسرائيلي” بشكل مباشر 26 تكية طعام في قطاع غزة، كانت تقدم وجبات للنازحين والجائعين، كما وقصف الاحتلال أكثر من 37 مركز توزيع مساعدات، منذ بدء 7 أكتوبر 2023، حتى 28 مارس 2025.1

ويأتي استهداف تكيات الطعام، مع استمرار اغلاق إسرائيل للمعابر الحدودية، منذ أكثر من 2 مارس 2025، ومنع إدخال المساعدات الإغاثية، بما فيها الدقيق والمواد الغذائية، والذي ترتب عليه توقف جميع المخابز العاملة في قطاع غزة عن العمل منذ 9 أيام، ما ينذر بمجاعة حقيقية تهدد حياة أكثر من مليوني فلسطيني يعتمدون على المساعدات الغذائية.

وحسب متابعة طواقمنا، فإن تكيات الطعام التي أغلبها ينطلق بمبادرات فردية أو من جمعيات باتت المصدر الوحيد لتوفير الطعام لعشرات آلاف الأسر، حيث يصطف أفرادها للحصول على وجبة يوميا، في وقت نفدت فيه معظم السلع الغذائية الأساسية من أسواق قطاع غزة بما في ذلك الدقيق، السكر، زيت القلي، الأرز، الفواكه والخضروات، عدا عن نفاد اللحوم والدواجن والأسماك منذ أكثر من شهر.  وتضاعفت أسعار السلع التي تبقى منها كميات محدودة في الأسواق عدة مرات. وقد بات المواطنون غير قادرين على توفير أدنى احتياجات أسرهم من المواد الغذائية الأساسية، ولذلك يلجأ الكثير منهم للتكيات التي باتت عرضة للاستهداف أيضًا.

ويرى المركز أن استمرار حصار قطاع غزة وإغلاق المعابر، ومنع دخول السلع والبضائع، بالتزامن مع مواصلة جريمة الإبادة الجماعية التي تمارسها اسرائيل منذ عام ونصف، بحق السكان المدنيين، واستمرار اصدار أوامر التهجير القسري لعشرات آلاف المواطنين، وتصاعد وتيرة قصف التجمعات والمنازل والخيام على رؤوس ساكنيها، يهدف إلى إخضاع الفلسطينيين إلى ظروف معيشية يراد بها تدميرهم ماديًّا ونفسيًّا، وكذلك خلق بيئة غير صالحة للحياة وطاردة لسكان القطاع، وبالتالي تحقيق الهدف الإسرائيلي المتمثل بالتهجير القسري للسكان.

ويؤكد المركز أن تعمد اسرائيل استخدام الجوع كسلاح حرب بغطاء من محكمتها العليا يشكل جريمة حرب وفقاً لميثاق روما، وامعاناً في جريمة الإبادة الجماعية، وتجاوزًا لكل الأعراف والمواثيق الدولية.  ويشير المركز إلى التدابير الثلاثة المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية، التي تطالب إسرائيل “باتخاذ تدابير فورية وفعالة لتمكين توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها… في قطاع غزة”. كما يشير المركز إلى أمر القبض الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق، لارتكابهم جرائم حرب تتمثل من بين جرائم أخرى باستخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب.

ويدعو المركز المجتمع الدولي، إلى اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لوقف الإبادة الجماعية المستمرة، ومحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم. كما يطالب الدول الأطراف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية بضرورة الوفاء بالتزاماتها القانونية واتخاذ خطوات عاجلة لحماية المدنيين الفلسطينيين من الإبادة الجماعية والقتل الجماعي، وتوفير ممر آمن لتأمين الاحتياجات العاجلة والمنقذة للحياة.


  1.  المكتب الإعلامي الحكومي، الحساب الرسمي على تلجرام، 28 مارس 2025. الرابط: https://t.me/mediagovps/3541 ↩︎

1 Comments

  1. […] أدان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، بأشد العبارات، مواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف المدنيين الفلسطينيين المتجمعين حول المطابخ الميدانية ونقاط توزيع المساعدات الغذائية في قطاع غزة، في وقت يعتمد فيه مئات الآلاف من السكان على هذه المراكز للبقاء على قيد الحياة. (8 أبريل 2025) […]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *