المرجع: 53/2017
التاريخ: 9 يوليو 2017
التوقيت: 13:00 بتوقيت جرينتش
يتابع المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بقلق شديد التطورات الأخيرة التي شهدتها دائرة شراء الخدمة ( العلاج في الخارج) في قطاع غزة، والمتمثلة في تقليص وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله تحويل المرضى من ذوى الحالات الحرجة والخطيرة للعلاج في الخارج، والذين لا تتوفر إمكانية لعلاجهم في مشافي القطاع، وذلك من دون إبداء أي أسباب. ويعرب المركز عن خشيته من الانعكاسات الكارثية التي يمكن أن تحل بمئات المرضى ممن هم بحاجة للعلاج بشكل عاجل، أو لاستكمال علاجهم، الذي كانوا قد بدأوه في فترات سابقة، في مستشفيات اسرائيل والضفة الغربية، بما فيها مشافي مدينة القدس المحتلة.
ووفقاً لمتابعة المركز المستمرة لملف العلاج بالخارج، فإن وزارة الصحة في رام الله قلصت منذ أبريل الماضي تحويل أو تجديد تحويل مئات المرضى ممن يعانون أمراضاً خطيرة ومستعصية للعلاج في الخارج، وذلك من دون إبداء أية أسباب. وقد كان المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، وفي ضوء تلك التطورات، قد وجه رسالة إلى معالي الدكتور جواد عواد، وزير الصحة في حكومة التوافق الوطني بتاريخ 21/6/2017، أعرب فيها عن قلقه من تأخير وصول تحويلات المرضى في قطاع غزة، وناشد الوزير إرسال جميع التغطيات المالية الخاصة بالمرضى، وبشكل خاص مرضى السرطان والقلب والأطفال دون استثناء. غير أن المركز تلقى رداً من د. أميرة الهندي، مدير عام (دائرة شراء الخدمة)، عبر مكتب الوزير، وذلك بتاريخ 3/7/2017، حيث نفت خلاله توقف الوزارة عن إصدار تحويلات المرضى في المحافظات الجنوبية (قطاع غزة)، معتبرةً أن ما يثار حول ذلك من جدل هو ادعاءات غير حقيقية.
غير أن البيانات التي حصل عليها المركز تشير إلى انخفاض تدريجي حاد لعدد تحويلات العلاج في الخارج الصادرة لمرضى القطاع، حيث بلغ عددها في شهر مارس الماضي 2,190 تحويلة طبية، وانخفاض عددها خلال شهر أبريل الماضي إلى 1,756 تحويلة طبية، وبنسبة انخفاض بلغت (19.8%) عن الشهر الذي سبقه، فيما انخفض عدد التحويلات الطبية خلال شهر مايو ليصل إلى 1,484 تحويلة طبية، وبنسبة انخفاض بلغت (32.2%). كما تشير البيانات التي جمعها المركز أن عدد التحويلات خلال شهر يونيو الماضي لم يتجاوز الـ 500 تحويلة طبية، وهو ما يشير إلى تقليص عددها بنسبة تتجاوز (75%). ومن ناحية أخرى، فقد اعتمدت دائرة العلاج في الخارج آلية خاصة في التعامل مع الحالات الحرجة، يتم بموجبها تحويل المرضى بعد توقيع مدير الدائرة، على أن يتم “تغطية العلاج لاحقاً وبعد إجراء التنسيق اللازم”. وقد توقف العمل بهذه الآلية منذ يوم الخميس 15/6/2017، بتعليمات من وزارة الصحة في رام الله لدائرة العلاج في الخارج في غزة. وقد بلغ عدد التحويلات الطبية التي وافقت عليها اللجنة الطبية العليا في قطاع غزة منذ بداية شهر يونيو الماضي وحتى تاريخ إعداد هذا البيان، أكثر من 2500 تحويلة طبية لمرضى يعانون أمراضاً خطيرة، ولا يتوفر لهم علاج في مستشفيات القطاع، وما يزالون في انتظار الموافقة على التغطية المالية لتحويلهم للعلاج في الخارج، فيما لم تصدر دائرة العلاج في الخارج في رام الله سوى نحو 400 تحويلة طبية فقط، وهو ما يثير التساؤل حول أسباب التأخير التي باتت تصل لنحو شهر وأكثر، بل وتقليص عدد التحويلات الطبية الصادرة رغم موافقة اللجنة الطبية العليا في قطاع غزة.
وتحرم تلك الاجراءات تحويل عشرات الحالات المرضية الطارئة، والتي تتطلب الاستجابة الفورية لها، من فرصة تلقي العلاج في مستشفيات خارج قطاع غزة. ويتسبب تقليص تحويل المرضى للعلاج في الخارج في تدهور خطير، ويعرض حياة مئات المرضى للخطر، وقد حول العديد من هؤلاء المرضى إلى أقسام العناية الفائقة في مستشفيات القطاع بعد تدهور أوضاعهم الصحية. وبات مئات المرضى يواجهون حكماً بالموت في مستشفيات القطاع في ظل انعدام أية إمكانيات لعلاجهم في مستشفيات قطاع غزة.
كما يستغرب المركز توجه مستشفيات الضفة العربية الجديد برفض حجز مواعيد لمرضى القطاع الحاصلين على تحويلات طبية من دائرة العلاج في الخارج، رغم أن تلك المشافي كانت تكتفي في السابق بعبارة ” التغطية لاحقاً” للقيام بحجز سرير لمريض محول من دائرة العلاج في الخارج، وهو ما يعرقل وصول مرضى القطاع إلى تلك المشافي، ويفاقم من تدهور أوضاعهم الصحية.
إن حرمان المرضى من حقهم في العلاج خارج قطاع غزة، في ظل عدم توفير بديل مناسب في القطاع هو انتهاك مباشر وصريح للحق في الصحة، والذي ينص عليه القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003، وقانون الصحة العامة رقم (20) لعام 2004، والذي ينص في الفقرة الأولى من المادة الثانية على قيام الوزارة، وبالتنسيق مع الجهات المعنية، بتقديم الخدمات الصحية الحكومية الوقائية والتشخيصية والعلاجية والتأهيلية، وإنشاء المؤسسات الصحية اللازمة لذلك. كما يعتبر حرمان المرضى من حقهم في العلاج انتهاكا صريحاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك المادة (12) من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي أصبحت فلسطين دولة طرفاً فيها بموجب انضمامها له في العام 2014، ويرتب عليها التزاماً قانونياً بالوفاء بحق كل شخص بالتمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسدية والعقلية الذي يمكن بلوغه، بما في ذلك ضمان الوصول إلى الخدمات الصحية اللازمة والحصول على الأدوية والعلاج الملائم للحفاظ على حياة وصحة كل إنسان.
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إذ يؤكد على حق كل مواطن فلسطيني في التمتع بأفضل مستوى من الرعاية الجسدية والعقلية، وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان والقانون الأساسي للسلطة الوطنية الفلسطينية، فإنه: