إن السماح بتصدير بضع كميات من التوت الأرضي كانت بمثابة ذر الرماد في العيون.… لقد تسممت حياتنا, حيث نقوم بزراعة الأراضي ومن ثم نقوم بإتلاف المحاصيل أو نقوم بتصريفها بأسعار بخسة.
المزارع نظير رجب العطار من بيت لاهيا
… وخوفاً من ذلك اضطررت لبيع المحصول في السوق المحلي بسعر 2.5 شيقل للكيلو بدلاً من 15 شيقل وهو ثمن الكيلو في حالة تصديره.
المزارع خالد غبن من بيت لاهيا
كان لدينا أمل بنجاح الموسم، حيث تم تشغيل معبر كيرم شالوم جنوب شرق رفح أمام تصدير الزهور… وصدرت لبورصة الزهور في هولندا ما يقرب من 250 ألف زهرة ولكن إسرائيل عادت وأغلقت المعبر أمام التصدير.
المزارع زاهر احمد القاضي من سكان رفح
كل صباح أتوجه إلي دفيئات الزهور بنية خلعها ولكني أعجز عن ذلك، و أتمني أن تقطع يدي قبل أن تخلعه وهو في ذروة إنتاجه…. ولكن هذه الذروة بدون فائدة بل تعود بالخسائر علي… يجب خلعه وزراعة شيء بديل عنه كي أتمكن من الاستمرار وسداد الديون المترتبة و المتراكمة علي كاهلي.
المزارع نشأت مصطفى حجازي من مدينة رفح
يعتبر التوت الأرضي والزهور من القطاعات الإنتاجية الزراعية الهامة في قطاع غزة، إذ تسهم بما قيمته حوالي 25 مليون دولار سنوياً من الدخل القومي. كما يعتمد على زراعتهما والعمل فيهما الآلاف من المزارعين, وذلك بشكل مباشر أو غير مباشر. ويمتد موسم تصدير التوت الأرضي من الفترة ما بين 20/11- 15/1 من كل عام. بينما يمتد موسم تصدير الزهور من الفترة ما بين 15/11- 25/4 من كل عام.
وخلال انتفاضة الأقصى، التي بدأت في التاسع والعشرين من سبتمبر2000 ومستمرة حتى تاريخ إعداد هذا التقرير، تعرض هذان النوعان من الزراعة في موسم التصدير إلى مضايقات متنوعة جراء القيود المفروضة على المعابر، لا سيما معبر كارني ” المنطار”، المعبر الوحيد الذي يسمح من خلاله بتصدير هذين المنتجين الزراعيين.
يهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على تأثير إجراءات الحصار وإغلاق المعبر على صادرات قطاع غزة من التوت الأرضي والزهور، وانعكاس ذلك على تمتع المواطنين بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، لا سيما الحق في المستوى المعيشي اللائق، والحق في العمل. ويركز التقرير على الفترة ما بين 20/11/2007 و حتى تاريخ إعداد هذا التقرير، باعتبار هذه الفترة هي الموسم الذي يصدر فيه مزارعو غزة إنتاجهم من التوت الأرضي والزهور. كما يلفت التقرير نظر المجتمع الدولي إلى ممارسات وإجراءات سلطات الاحتلال بحق أكثر من مليون ونصف مليون شخص يسكنون في سجن جماعي بقطاع غزة، الأمر الذي يحرمه القانون الدولي الإنساني، لا سيما اتفاقية جنيف الرابعة.
خلفية عن زراعة التوت الأرضي والزهور في قطاع غزة
تبلغ مساحة قطاع غزة 365 كم مربع، وتشكل نسبة الأراضي المزروعة حوالي 8%(أي حوالي 160 ألف دونم), ويسود نمط زراعة الحمضيات والخضراوات والفواكه. ومنذ قدوم السلطة الفلسطينية في العام 1994، تم الاهتمام وتطوير أنواع زراعية معينة في قطاع غزة، تتميز بأنها ذات قيمة اقتصادية ومالية عالية. ومن بين هذه الأنواع التوت الأرضي والزهور. وتقدر المساحة الكلية للأراضي المزروعة بهذين النوعين حوالي 2800 دونم، منها حوالي 2200 دونم مخصصة لزراعة التوت الأرضي، وحوالي 500 دونم مخصصة لزراعة الزهور. وتتركز زراعة التوت الأرضي في محافظة الشمال” بيت لاهيا”، بينما تتركز زراعة الزهور في جنوب غزة، في محافظتي رفح وخان يونس.
ونظراً لما تحتاجه زراعة التوت الأرضي والزهور من رعاية خاصة، فإن تكلفة إنتاجهما تعد مرتفعة إلى حد ما، حيث تقدر تكلفة إنتاج الدونم الواحد من التوت الأرضي حوالي 3473 دولار أمريكي، بإجمالي يبلغ 7.640.600 دولار أمريكي. بينما تقدر تكلفة الدونم الواحد من الزهور حوالي 7158 يورو ( 10.000$) بإجمالي يصل إلى 3.579.000 يورو (5.000.000$). [1]
وعلى الرغم من محدودية مساحة الأراضي المزروعة بالتوت الأرضي والزهور، مقارنة بالمساحة الكلية للأراضي الزراعية في قطاع غزة، إلا أن زراعة هذين النوعين يعتبران من الأصناف التي تتمتع بقيمة اقتصادية ومالية واجتماعية عالية. فهذان الصنفان يوفران ما قيمته من 10-12 مليون دولار أمريكي للتوت الأرضي، و 13 مليون دولار للزهور في كل موسم.
عدا عن ذلك، تساهم زراعة هذين النوعين من المنتجات في عملية التشغيل وخلق فرص العمل, حيث يقدر عدد مزارعي التوت الأرضي بحوالي 450 مزارعاً بشكل مباشر, في حين يقدر عدد مزارعي الزهور بحوالي 60 مزارعاً . إلى جانب ذلك تتيح العديد من فرص التشغيل المرتبطة بأنشطة وأعمال متصلة بعملية الإنتاج الزراعي والتسويق والخدمات الأخرى. والذين يقدر عددهم بحوالي 7500 فرداً مرتبطون بزراعة التوت الأرضي، وحوالي 800 فرد مرتبطون بزراعة الورود.[2]
ووفقاً للمهندس جبر قرموط من وزارة الزراعة، يتم تصدير التوت الأرضي والزهور بموجب اتفاقية مبرمة بين شركة جرسكو الإسرائيلية ومزارعي قطاع غزة. وتقوم بموجبها شركة جرسكو بشراء محصول التوت الأرضي والزهور من المزارعين الغزيين وفقاً لمواصفات محددة، عالية الجودة، وخالية من متبقيات المبيدات. وتقوم الشركة بدورها بتصديره إلى الدول الأوربية، وفقاً لإجراءات معينة. جدير بالذكر أن شركة جرسكو تقوم بشراء كمية المحصول من المزارعين الغزيين لتغطية العجز في كمية هذين المنتجين، حيث تلتزم هذه الشركة – بموجب اتفاقية مع السوق الأوروبية- على تزويدها بكمية معينة من هذين المحصولين من المزارعين الإسرائيليين. ونظراً لأن المزارعين الإسرائيليين لا يتمكنون من تغطية الكمية المطلوبة، فقد لجأت الشركة إلى تغطية العجز من المزارعين الغزيين. وووفقاً للاتفاقية، تمر عملية التصدير عبر عدة مراحل يمكن ذكرها على النحو التالي: