أرسل المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان مذكرة من 75 صفحة إلى لجنة مناهضة التعذيب قبيل استعراض إسرائيل خلال دورتها السادسة والثمانين المقرر عقدها في 10 نوفمبر 2025.
تعد اللجنة هيئة تعاقدية تتألف من عشرة خبراء مستقلين في مجال حقوق الإنسان، وتعنى بمراقبة تنفيذ اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة من قبل الدول الأطراف فيها. ووفقًا لاختصاصها، ستنظر اللجنة في التقرير المقدم من الحكومة الإسرائيلية، إلى جانب المذكرات والتقارير المقدمة من منظمات المجتمع المدني، لتقييم مدى التزام إسرائيل بالاتفاقية.
وكانت آخر مراجعة رسمية أجرتها اللجنة للتقرير الدوري المقدم من إسرائيل في مايو 2016، خلال دورتها السابعة والخمسين. وفي حينها، أصدرت اللجنة قائمة بالمخاوف والتوصيات التي جاءت إلى حد كبير مطابقة لما ورد في المراجعات السابقة، مشيرةً إلى فشل إسرائيل الواضح في تنفيذ العديد منها. ولم يقتصر الأمر على استمرار التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز الإسرائيلية بحق المعتقلين الفلسطينيين، بل ازداد بشكل كبير، ولا سيما منذ بدء الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة.
قدمت المذكرة الصادرة عن المركز، والمستندة إلى 330 شهادة جمعها باحثو ومحامو المركز الميدانيون، أدلة دامغة على أساليب التعذيب وسوء المعاملة غير المسبوقة والواسعة النطاق، فضلاً عن ظروف الاحتجاز اللاإنسانية التي تعرض لها المعتقلون الفلسطينيون السابقون من قطاع غزة في السجون والمعسكرات العسكرية الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر 2023، بما في ذلك استخدام المعتقلين الفلسطينيين كدروع بشرية، والاغتصاب، وأشكال أخرى من العنف الجنسي.
ودعا المركز في مذكرته اللجنة إلى الإدانة العلنية لأعمال التعذيب التي تُرتكب ضد المدنيين الفلسطينيين، والاعتراف بأن حجم وأنماط هذه الانتهاكات ترقى إلى مستوى التعذيب الممنهج، بما يشكل انتهاكاً للمواد (1، 2، 11، 12، و16) من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
علاوة على ذلك، دعا المركز اللجنة إلى مطالبة إسرائيل بإنهاء جميع أشكال الاعتقال وسوء المعاملة، والإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفاً بموجب قانون “المقاتلين غير الشرعيين”، والسماح للجنة الدولية للصليب الأحمر والمحامين بالوصول الفوري وغير المقيّد إلى المعتقلين، وكشف مصير ومكان وجود الفلسطينيين الذين أخفتهم السلطات الإسرائيلية قسراً.
بينما ركزت المذكرة على أنماط سوء المعاملة والتعذيب الممنهج الذي تعرض له 330 معتقلاً فلسطينياً سابقاً اعتُقلوا من قطاع غزة خلال العامين الماضيين، شدد المركز أمام اللجنة على أن ضحايا التعذيب لا يقتصرون على المعتقلين والمفرج عنهم فحسب، بل يشملون أيضاً جميع المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، الذين عانوا على مدار العامين الماضيين من قصف متواصل وهجمات لا هوادة فيها، وتجويع وتشريد قسري وحرمان من الحد الأدنى من مقومات الحياة، ما يجعلهم جميعاً ضحايا لأفعال التعذيب كما تُعرفها الاتفاقية.