المرجع: 69/2013
التاريخ: 27 يونيو 2013
التوقيت: 11:18 بتوقيت جرينتش
يرحب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بشدة بإصدار محكمة باريس أمس الأربعاء الموافق 26 يونيو 2013، قراراً يدين الإعلامي الفرنسي، فيليب كارسينتي، وتغريمه مبلغ (7000 يورو) بتهمة التشهير بالقناة الثانية الفرنسية. ويؤكد المركز أن هذا القرار هو انتصار أخلاقي وقانوني وإنساني بعد أن حاولت إسرائيل وأنصارها ورسمييها إنكار هذا الحادث بكل الوسائل وطرق التأثير، بما فيها استهداف القناة الفرنسية الثانية ومراسلها في غزة. كما يؤكد المركز أن قرار المحكمة هو انتصار للحقيقة وللضحايا الفلسطينيين في مواجهة محاولات التشكيك المستمرة وتزييف الحقائق، وتضليل الرأي العام الدولي من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وكان الإعلامي الفرنسي، فيليب كارسينتي، قد أصدر تقريراً في العام 2004، يتهم فيه القناة الفرنسية الثانية بفبركة تقرير مقتل الطفل محمد الدرة في العام 2000، منكراً بشكل كلي وكامل واقعة مقتل الطفل الدرة، مدعياً عدم وجود أي دليل على وقوع الحادث. ووقفت وراء هذا الادعاء أجهزة الدولة الرسمية في إسرائيل، وساندته بكل ما أوتيت من قوة، أجهزتها الإعلامية، وبعض وسائل الإعلام الدولية بصورة وقحة وقميئة كي تنكر حادثة مقتل الدرة التي كانت أحد المحركات الرئيسية لانتفاضة الأقصى.
إن قرار محكمة باريس الخاص بمقتل الطفل الدرة يعيد مرة أخرى الثقة بأجهزة القضاء الفرنسية وانتصارها للعدل وسيادة القانون وإنصاف الضحايا. خاصة وأن هذا الملف كان أهم ملفات الصراع الإعلامي والقانوني الخاص بالقضية الفلسطينية في العشر سنوات الماضية. وعلى مدى هذه الأعوام، تابع المركز تطورات القضية ومجرياتها بشكل حثيث، لا سيما وأن كل التوثيق القانوني بهذا الملف هو لدى المركز، بما في ذلك الشهادة الخاصة بالمصور الصحفي طلال أبو رحمة، مصور القناة الفرنسية الثانية الذي كان شاهداً على الحادثة وصور وقائعها بالكامل.
ويشير المركز إلى أنه رغم امتلاكه للملف القانوني كاملاً في حادثة مقتل الطفل الدرة، إلا أنه لم يتم استدعاؤه أمام المحكمة لعرض الحقائق والوقائع الخاصة بالملف وحول الملف والتي منها على سبيل المثال لا الحصر مقتل سائق الإسعاف بسام البلبيسي، الذي حاول إنقاذ الدرة، كذلك شهادة صحفيين آخرين كانوا في عين المكان بالقرب من الدرة وشاهدوا جريمة مقتله.
إن محاولة إنكار مقتل الطفل محمد الدرة على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي، على الرغم من توثيق وسائل الإعلام المحلية والعالمية، ومنظمات حقوق الإنسان لهذه الجريمة المروعة، يأتي في سياق المحاولات الإسرائيلية المتكررة لإنكار جرائمها بحق المدنيين الفلسطينيين، والتشكيك في البديهيات التي تؤكد وقوع جرائم حرب بحق المدنيين الفلسطينيين في الأرض المحتلة.
في هذا السياق، شكلت قوات الاحتلال الإسرائيلي في شهر سبتمبر 2012، أي بعد 12 عاماً على الحادثة التي وقعت في سبتمبر 2000، لجنة تحقيق رسمية في الحادث، أسمتها “لجنة المراجعة الحكومية” بتعليمات من رئيس الوزراء الإسرائيلي، كخطوة استباقية تهدف للتشويش على قرار المحكمة. وخلصت اللجنة في تقريرها الذي أصدرته بتاريخ 19 مايو 2013، إلى “عدم وجود أي دليل على أن محمد أو والده جمال أصيبا في الحادثة؛ وأنه لم يصب أي منهما بالرصاص، ولا تتحمل القوات الإسرائيلية أية مسئولية عن الحادثة.”
وقد دحض المركز، في حينه، تقرير لجنة المراجعة الحكومية الإسرائيلية، مشيراً إلى أن هذا التحقيق، والتحقيقات السابقة في هذا الموضوع، والتي أجرتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، لم تف بمعايير الاستقلالية والنزاهة والشفافية والسرعة. وأكد المركز أنه أجرى تحقيقاً موسعاً في الحادثة منذ اليوم الأول لوقوعها، كانت نتائجه مخالفة تماماً للتأكيدات التي وردت في التقرير الإسرائيلي. وكجزء من التحقيقات، قام محامو المركز بجمع إفادات من كل من: 1. السيد طلال حسن أبو رحمة، مصور القناة الفرنسية الثانية الذي كان شاهداً على الحادثة؛ 2. السيد معالي سليمان حسين سلمي، رئيس قسم الاستقبال في مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة؛ 3. السيد فتحي مسعود اللوح، سائق سيارة إسعاف كان متواجداً في مفترق الشهداء في يوم الحادثة، وتعرض لإصابة خطيرة بنيران الجيش الإسرائيلي.
ومن بين ما ذكره الشهود، أكد طلال أبو رحمة، الذي كان متواجداً في المكان وقام بتصوير الحادثة، بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي أطلقت النار بصورة كثيفة ومتقطعة على محمد وجمال. وتم نقل الضحيتين بعد ذلك إلى مستشفى الشفاء بواسطة سيارة إسعاف، حيث أعلن عن وفاة محمد عند وصوله إلى المستشفى. وأفاد فتحي اللوح، الذي كان متواجداً في مفترق الشهداء في ذلك اليوم عندما وقت الحادثة، بأنه شاهد قوات الاحتلال تطلق الرصاص الحي في ذلك اليوم، وبأنه بينما كان يقدم الإسعاف لعدد من الجرحى، أصيب بعيار معدني مغلف بالمطاط في ساقه اليمنى، كما أصيب بعد ذلك بقليل بعيار ناري في أعلى رأسه.
في ضوء ما تقدم، فإن المركز: