تقديم
للشهر الثاني على التوالي يعيش سكان القطاع المدنيون أوضاعاً كارثية بسبب استمرار أزمة الوقود والكهرباء،
وجراء ذلك تزداد الأوضاع الإنسانية تردياً وتفاقماً، وتتعاظم معاناة نحو 1,6 مليون فلسطيني يقطنون قطاع غزة. وتستمر معاناة هؤلاء السكان جراء حرمانهم من التمتع بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقد أصبح الهم الأساسي لكافة السكان البحث عن وسائل بدائية للحصول على احتياجاتهم الإنسانية الأساسية، بما فيها خدمات الصحة، خدمات صحة البيئة، خدمات مياه الشرب، خدمات الصرف الصحي، الحصول على غاز الطهي، الوصول إلى المرافق التعليمية، وخدمات النقل والمواصلات، حيث بات الحصول على مثل هذه الخدمات بالنسبة لهم يمثل مهمة صعبة ومعقدة، ويكبدهم أعباء مالية مضاعفة لا يستطيعون توفيرها.
ووفقاً لمتابعة المركز، فقد بدأت هذه الأزمات بالظهور، بعد أكثر من شهر على توقف إمدادات الوقود للقطاع، حيث أصبحت مدن القطاع أشبه بمدن أشباح بسبب انقطاع التيار الكهربائي معظم ساعات النهار والليل، والنفاذ المتكرر لمياه الشرب عن منازل المواطنين بسبب عدم وجود تيار كهرباء لضخ المياه إلى الشقق السكنية المرتفعة، أو بسبب الصعوبات التي تواجهها مصلحة مياه بلديات الساحل في تشغيل آبار المياه وتوصيلها إلى المنازل، علاوة على المخاطر الناتجة عن عدم القدرة على التصرف بالمياه العادمة المتجمعة في أحواض المياه العادمة، أو عدم معالجتها قبل ضخها إلى البحر، بما يمثل ذلك من أخطار محدقة على الحياة البحرية وعلى حياة المصطافين من سكان القطاع. كما تشهد جميع محافظات قطاع غزة أزمة مواصلات خانقة، وخاصة في أوقات الصباح (بالتزامن مع موعد ذهاب الطلاب إلى المدارس والجامعات والموظفين إلى العمل) وبعد الظهر (موعد انصراف الفئات سابقة الذكر)، علاوة على التوقف شبه الكلي لحركة المواصلات في الليل.
وتستمر الأوضاع في التدهور في ظل تقاعس الجهات ذات العلاقة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه سكان القطاع، والتي تتمثل في القيام بخطوات عملية، وبذل كافة الجهود التي تكفل التدفق الفوري للوقود والمحروقات إلى القطاع، واتخاذ كافة التدابير اللازمة، بما في ذلك الخطوات العملية لبدء التنسيق الجدي والفعال بين سلطتي الطاقة في كل من غزة ورام الله، بما يكفل التوريد العاجل للوقود إلى محطة توليد الكهرباء بغزة، وتجنيب السكان المزيد من المعاناة والتدهور، حيث أن استمرار معالجة أزمة الوقود والكهرباء بالطريقة الحالية يعبر عن فشل ذريع للأطراف المشرفة على قطاع الطاقة في قطاع غزة.
يرصد هذا التقرير الخاص تطورات الأوضاع الإنسانية المتدهورة في قطاع غزة خلال الشهر الأخير، والناجمة عن
استمرار النقص الشديد في إمدادات الوقود الضروري لاستمرار كافة مرافق الخدمات الأساسية لتسيير حياة السكان المدنيين في قطاع غزة (السولار اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء، السولار، البنزين والغاز الطبيعي).
كما يرصد هذا التقرير أثر توقف امدادات الوقود والمحروقات على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للسكان المدنيين، بما في ذلك حقوق الفلسطينيين في التمتع بمستوى معيشي ملائم، حقهم في الحصول على خدمات الصحة، خدمات صحة البيئة، خدمات مياه الشرب، خدمات الصرف الصحي، الحصول على غاز الطهي، الوصول إلى المرافق التعليمية، وخدمات النقل والمواصلات.