حذر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان (PCHR) من الخطة الإسرائيلية الجديدة للإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في شمال قطاع غزة، والتي تتضمن، وفقاً للتقارير، التهجير القسري لما يقارب مليون فلسطيني إلى المناطق الوسطى والجنوبية من القطاع، التي تعاني بالأصل من الدمار والخراب الشامل. وقد صادق الأسبوع الماضي مجلس الأمن الإسرائيلي على مقترح تقدّم به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي وصف مدينة غزة بأنها “آخر معقل لحركة حماس”، لشن هجوم عسكري واسع على المدينة. وأكدت وسائل الإعلام يوم الأحد أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، أنهى خطط العمليات لاحتلال مدينة غزة، ممهّدًا الطريق لتنفيذها الوشيك.
تمثل هذه الخطة مرحلة جديدة من محاولات إسرائيل المنهجة للتطهير العرقي لشمال غزة، بهدف إفراغ المنطقة قسريًا من سكانها، وضمها، وإنشاء مستوطنات إسرائيلية غير قانونية. وإذا ما نُفذت، فإنها ستؤدي حتمًا إلى وقوع عمليات قتل جماعي واعتقالات وتعذيب وتجويع وتشريد مئات الآلاف من المدنيين، بما في ذلك الأطفال وذوي الإعاقة والفئات الأكثر ضعفًا.
يتجمع حاليًا حوالي مليون فلسطيني في الأجزاء الغربية من مدينة غزة، بينهم نازحون من المحافظات الشمالية (بيت لاهيا، بيت حانون، وجباليا)، التي دُمّرت تقريبًا بالكامل. حيث أن معظم أحياء مدينة غزة باتت تحت سيطرة الاحتلال العسكري أو أعلنت مناطق “ممنوعة من الدخول”. بعد 23 شهرًا من القتل الجماعي والدمار والتجويع والحصار والنزوح المتكرر، يعيش المدنيون الفلسطينيون في جميع أنحاء القطاع حالة من الانهيار الشامل، جسديًا ونفسيًا، يكافحون يوميًا للبقاء على قيد الحياة، محرومين من الحد الأدنى من مقومات الحياة. إنهم يعيشون في ظروف كارثية بلا مأوى، بلا غذاء، بلا كهرباء، بلا مياه نظيفة، وبلا علاج، ولا يجدون مكانًا آمنًا يلجأون إليه. وبعد ما يقارب عامين، لم تعد القدرة على الصمود ممكنة أمام هذا الهجوم والابادة الجماعية المستمرة.
يُقتل يومياً عشرات المدنيين نتيجة الجوع أو سوء التغذية، أو أثناء محاولتهم البحث عن المساعدات عبر مصائد الموت التي وضعتها ما يسمى بالمؤسسة الإنسانية لغزة التي تديرها إسرائيل. هذه الآلية ليست سوى غطاء لسياسة التجويع المتعمدة التي تنتهجها إسرائيل. كما يُقتل عشرات آخرون يوميًا نتيجة القصف المستمر من قبل إسرائيل للمنازل والمباني والملاجئ المؤقتة المتبقية في غزة.
يؤكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن هذه ليست خطة “لاحتلال غزة”؛ لأنه يقع تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967، وهو ما أكدته مؤخرًا محكمة العدل الدولية. بل هي محاولة جديدة للتطهير العرقي، لإفراغ سكان المحافظات الشمالية ومدينة غزة قسريًا، بعد فشل إسرائيل في تنفيذ ما عُرف بـ “خطة الجنرالات” العام الماضي.
على المجتمع الدولي التحرك فورًا لوضع حد للإبادة المستمرة، بما في ذلك فرض حظر فوري على الأسلحة، والضغط على إسرائيل لإيقاف هجومها المخطط على مدينة غزة. بعد ما يقارب عامين من الجرائم، لا يمكن لأحد إنكار جريمة الإبادة الجماعية في غزة، وليس هناك أي مجال للشك أو التردد. إن عدم التحرك يعني التواطؤ، ولا يوجد أي مبرر لذلك.