تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب جرائم قتل جماعي وإبادة عائلات بأكملها في قطاع غزة، وسط واحدة من أوسع عمليات التدمير المنهجي للأحياء السكنية والمرافق المدنية، في وقت يدخل فيه الهجوم العسكري الشامل شهره الثاني والعشرين على التوالي.
ورغم تكدس نحو 2.3 مليون إنسان في نطاق يقل عن 15 % من مساحة قطاع غزة، إلاّ أن قوات الاحتلال كثفت هجماتها عليهم واستهدفتهم في مراكز الإيواء والخيام والشوارع، بحيث لا تترك أي مساحة آمنة، لتقتل وتصيب المئات في الأيام الماضية، في وقت تواصل فيه تحويل نقاط توزيع المساعدات إلى مصائد موت.
وضمن أبرز ما وثقته طواقم المركز، هجوم طائرات الاحتلال الإسرائيلي، عند حوالي الساعة 05:30 من يوم الاثنين الموافق 07/07/2025، مقر عيادة الرمال، الذي يُستخدم مركزا لإيواء للنازحين، في شارع الوحدة وسط مدينة غزة. أسفر القصف عن استشهاد مقتل 4 مواطنين، أحدهم طفل، يحتفظ المركز بأسمائهم.
وهاجم طيران الاحتلال عند حوالي الساعة 00:55 من اليوم نفسه، منزلا لعائلة الجدي، في مخيم البريج بالمحافظة الوسطى. أسفر ذلك عن مقتل 5 مواطنين، من أسرة واحدة، وهم: حامد هشام سلامة (31 عامًا) وزوجته تسنيم عبد الفتاح الجدي (28 عامًا)، وطفليها: جعفر (7 سنوات) وجنة، وابن خالهما محمد رامز عبد الفتاح الجدي (9 سنوات).
وقصفت طائرة مسيّرة إسرائيلية، عند حوالي الساعة 19:00 من يوم الأحد الموافق 6/7/2025، مجموعة من المواطنين العاملين في تكية طعام في مخيم النصيرات في المحافظة الوسطى، ما أسفر عن مقتل 4 مواطنين، منهم 3 من العاملين في التكية وطفل، بالإضافة إلى إصابة 10 آخرين بجراح متفاوتة. والقتلى هم: أحمد ياسين الصيداوي (35 عامًا)، المسؤول عن التكية، وهادي محمود عبد الحي حلاوة (20 عامًا) ومحمد سامي محمود شحتوت (38 عامًا) وهما من العاملين في التكية، والطفل مهند محمد يوسف أبو زنتيد (16عامًا).
وأفاد المواطن منصور سامي محمود شحتوت، 37 عاما، لباحث المركز، أن شقيقه محمد كان يعمل ضمن طاقم تكية تُعنى بتوزيع الطعام على الأسر النازحة وسكان المخيمات، وأنهم اعتادوا الجلوس يوميًا في ذات الشارع لتنظيم العمل وتحضير احتياجات اليوم التالي. وأثناء جلوسهم برفقة عدد من العاملين في التكية، من بينهم شقيقه محمد، لمناقشة التجهيزات الخاصة بالطعام، استهدفت طائرة مسيرة إسرائيلية باستهداف التجمع بشكل مباشر. وهاجمت طائرات الاحتلال، عند حوالي الساعة 15:35 من اليوم نفسه، تجمعًا للمواطنين أمام مطعم شلدان الواقع بالقرب من دوّار مستشفى الأقصى بمدينة دير البلح في المحافظة الوسطى. أسفر ذلك عن مقتل ثلاثة مواطنين، وإصابة ثلاثة آخرين بجراح متفاوتة. والقتلى هم: محمد بلال نافذ أبو شمالة (18 عامًا) وناهض “محمد صالح” سعيد أبو ربيع (53 عامًا)، أحد العاملين داخل المطعم، وعلي عبد اللطيف محمد الوحيدي (37 عامًا).
وهاجم الطيران الحربي لقوات الاحتلال، عند حوالي الساعة 15:00 اليوم نفسه، منزلا لعائلة يونس، خلف مجمع الرازي الصحي بمخيم النصيرات في المحافظة الوسطى. أسفر القصف عن مقتل خمسة مواطنين، من بينهم طفلان وسيدتان، كما أدى إلى إصابة عشرة مواطنين آخرين بجراح متفاوتة. والقتلى هم: سارة أحمد عبد المعطي يونس (71 عامًا)، وابنها عيد سلمان عيد يونس (34 عامًا)، وحفيدتها جنة أحمد سلمان يونس (7 سنوات)، وإسراء أحمد عبد المعطي يونس (37 عامًا)، ومحمد إبراهيم عدنان سعدة (6 سنوات) وهو من جيران المنزل المستهدف.
وهاجمت طائرات الاحتلال عند حوالي الساعة 14:30 من اليوم نفسه، خيمة تؤوي عائلة بخيت، أقاموها قرب ركام منزلهم المدمر في منطقة أبو معلا غرب مخيم النصيرات بالمحافظة الوسطى. أسفر ذلك عن مقتل سبعة مواطنين، من بينهم طفل وسيدة، وجميعهم من عائلة بخيت، بينهم زوجان وثلاثة من أبنائهما وزوج ابنتهم وحفيدهم الطفل، يحتفظ المركز بأسمائهم. كما أسفر الهجوم عن إصابة عشرة مواطنين آخرين بجراح متفاوتة.
وأفاد المواطن إسلام أحمد رجب بخيت، لباحث المركز، أنه أثناء تواجدهم داخل الخيام التي أقامتها العائلة قرب أنقاض منزلها المدمر، استهدفت طائرة مسيرة إسرائيلية بصاروخ مباشر إحدى الخيام التي كانت تؤوي عائلة والده، ما أدى إلى العديد من الشهداء والجرحى. وأضاف أن القصف أدى إلى تمزق الخيمة بالكامل نتيجة سقوط الصاروخ وتطاير الشظايا الكبيرة والصغيرة داخلها، ما تسبب في دمار واسع وإصابات في صفوف من كانوا بداخلها.
وهاجمت طائرات الاحتلال عند حوالي الساعة 14:15 من اليوم نفسه، مدرسة “أبو عاصي” التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، والتي كانت تؤوي عددًا كبيرًا من النازحين الذين لجأوا إليها هربًا من القصف المستمر. أسفر القصف عن مقتل ثمانية مواطنين، من بينهم أربعة أطفال (يحتفظ المركز بأسمائهم) إضافة إلى وقوع عدد من الإصابات.
وأفاد شاهد عيان من النازحين داخل المدرسة لباحثة المركز: “بينما كنت متوقفا على باب الصف المقيم فيه بالطابق الأرضي تفاجأت بالدخان يملأ المكان، وصوت صراخ، هرعت إلى وسط فناء المدرسة، صدمت من شدة ما رأيت أطفال ممددون على الأرض قصفهم الاحتلال بعدما كانوا يلعبون في المكان”.
وفي إطار استهداف مواطنين قرب نقاط توزيع المساعدات، وخلال الساعات الأولى من مساء يوم الأحد نفسه، توافد مئات من الرجال والنساء والأطفال إلى مركز المساعدات الأمريكية الواقع في منطقة نتساريم جنوب وادي غزة، بحثًا عن الحصول على مساعدات غذائية لعائلاتهم. وعند حوالي الساعة 6:30 من مساء اليوم ذاته، وأثناء انتظار المواطنين في محيط المركز، فتحت قوات الاحتلال الإسرائيلي، المتمركزة داخل آلياتها العسكرية في المنطقة، نيران أسلحتها الرشاشة وأطلقت عددًا من القذائف باتجاه المدنيين المتجمعين، ما أسفر عن مقتل أربعة مواطنين، أحدهم طفل، يحتفظ المركز بأسمائهم، وإصابة نحو 30 آخرين.
وفي جريمة مماثلة، أطلقت قوات الاحتلال، عند حوالي الساعة 09:00 صباحاً، نيران أسلحتها الرشاشة تجاه آلاف المواطنين أثناء انتظارهم فتح مركزي توزيع المساعدات الإسرائيلية/الأمريكية في حي الحشاش، والحي السعودي شمال غرب مدينة رفح. أسفر ذلك عن مقتل 3 مواطنين، أحدهم طفل، يحتفظ المركز بأسمائهم وإصابة آخرين بجروح مختلفة.
وإذ يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بأشد العبارات هذا التصعيد الخطير والجرائم التي تأتي في سياق الإبادة الجماعية، فإنه يؤكد أن استهداف المدنيين، وخصوصًا العائلات والأطفال والنازحين، هو جريمة ممنهجة ونمطية ومقصودة تهدف إلى تدمير النسيج الاجتماعي الفلسطيني وفرض التهجير القسري بالقوة.
بناء عليه، يطالب المركز المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية واتخاذ خطوات عملية وفورية لوقف الجرائم المرتكبة بحق السكان المدنيين في قطاع غزة.
ويحذر من استمرار الصمت الدولي والتواطؤ غير المباشر، الذي يشجع سلطات الاحتلال على التمادي في ارتكاب الفظائع دون رادع.
ويؤكد أن حماية المدنيين، وخصوصًا النازحين، يمثل مسؤولية دولية تقع على عاتق الأمم المتحدة وأجهزتها ذات الصلة، والتي عليها التحرك فورًا لتوفير الحماية الفعلية للمدنيين الفلسطينيين، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب التي تغذيها ازدواجية المعايير والتواطؤ الدولي.