يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بأشد العبارات مواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلي هجومها العسكري الدامي على قطاع غزة، بما ذلك استمرار استهداف خيام النازحين المدنيين في “المناطق الإنسانية” المعلنة من الاحتلال، والتي لجأ إليها المدنيون بعد تهجيرهم قسراً من مناطقهم الأصلية.
وشهدت الساعات الماضية تنفيذ قوات الاحتلال جرائم قصف استهدفت عائلات فلسطينية، أُبيد بعضها بالكامل في خيام نزوحها، في شمال قطاع غزة، وجنوبه، دون وجود أي مبرر أو ضرورة، وفي ظل انعدام أي تمييز بين المدنيين وغيرهم، في سلوك يؤكد أن هذه الهجمات تأتي في سياق جريمة الإبادة الجماعية المستمرة التي تنفذها إسرائيل منذ أكثر من 18 شهرًا.
يأتي ذلك في وقت تتفشى فيه المجاعة مع توقف عمل المخابز ونفاد غالبية البضائع والمواد التموينية، ونفاد الكثير من الأدوية والمستهلكات الطبية، ما يفاقم الكارثة الإنسانية غير مسبوقة التي تهدد حياة 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة، يجدون أنفسهم أمام خيارات مروعة بين الموت تحت القصف أو الهلاك جوعًا وحرمانًا من العلاج.
وضمن أحدث ما تمكن باحثونا من رصده وتوثيقه، فقد هاجمت طائرة مسيرة إسرائيلية، عند حوالي الساعة 11:25 صباح اليوم الخميس الموافق 17 أبريل 2025، فصلا في الطابق الأرضي من مدرسة الأيوبية التابعة لوكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين بمخيم جباليا شمال قطاع غزة، التي تؤوي نازحين، ما أدى إلى مقتل 4 منهم بينهم طفلة وإصابة اثنين آخرين سيدة وطفلة بجراح متفاوتة، والقتلى هم: عبير حسن حسام سرور (10 سنوات)، ومحمد خالد أحمد أبو ركبة (35 عاما) وزيد نبيل محمد الرنتيسي (36 عاما) وعبد الرحيم محمد ربيع حمدية (36 عاما).
وقصفت طائرة مسيّرة إسرائيلية عند حوالي الساعة 01:00 فجراً من اليوم نفسه، خيمة نازحين في شارع الداخلية الجديد بجباليا البلد، ما أدى إلى مقتل 7 مواطنين من عائلة واحدة، بينهم 5 أطفال. والقتلى هم: غسان رائد سالم عسلية (31 عامًا)، وزوجته خديجة وافي سالم عسلية (29 عامًا)، وأطفالهما: جملات (12 عامًا)، رهف (10 سنوات)، إسراء (9 سنوات)، رائد (7 سنوات)، ورافي (عام ونصف). كما أُصيب عدد من المدنيين في خيام مجاورة بجراح متفاوتة. وهاجمت طائرة إسرائيلية مسيرة عند حوالي الساعة 00:30 بعد منتصف ليل الخميس، خيمة تؤوي نازحين في منطقة الرزان بمشروع بيت لاهيا، شمال القطاع، ما أدى إلى مقتل عائلة كاملة مكونة من 6 أفراد، بينهم 4 أطفال. والقتلى هم: محمد موسى عبد الوهاب العطل (42 عامًا)، وزوجته إسلام كمال عبد الحميد العطل (32 عامًا)، وأطفالهما: رهف (12 عامًا)، أنس (10 سنوات)، لين (7 سنوات)، وموسى (عامان).
وهاجمت طائرات الاحتلال عند حوالي الساعة 10:50 مساء الأربعاء 16 أبريل 2025، خيام النازحين لعائلة أبو الروس، شمال غربي مواصي خان يونس، ما أدى إلى مقتل 10 نازحين، بينهم 6 أطفال (أحدهم من ذوي الإعاقة الحركية) و3 نساء، بعد تفحم أجسامهم نتيجة اشتعال النيران في المكان. كما أصيب 11 آخرون، بينهم 4 بجراح خطيرة. والقتلى هم: ٱمنة عبد الكريم أبو الروس (68 عامًا)، وناهد زايد أبو الروس (36 عامًا)، وأطفالها الثلاثة: أحمد (13 عامًا – معاق حركيًا)، ونور (14 عامًا)، وفرح (9 سنوات) زهير أبو الروس، وتحرير إبراهيم أحمد أبو الروس (27 عامًا) وأطفالها الثلاثة: آية (4 سنوات)، أحمد (عام واحد)، وسيف (3 سنوات) نضال أبو الروس، ومحمود أحمد عبد الكريم أبو الروس (25 عامًا).
وقد أفاد شاهد عيان من ذوي الضحايا لباحث المركز، أن النيران اشتعلت في الخيمة المستهدفة، ما أدى إلى تفحم جثث بعض الضحايا خاصة الأطفال قبل وصول طواقم الدفاع المدني.
يؤكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن مواصلة قوات الاحتلال استهداف العائلات المدنية في أماكن نزوحها، وإبادتها بالكامل في خيام مؤقتة أقيمت داخل منطقة المواصي التي أعلنتها إسرائيل منطقة إنسانية آمنة، هو دليل إضافي على الطابع الشامل والمنهجي لهذا الهجوم العسكري، الذي لا يترك ملاذًا آمنًا للمدنيين، ويشد على أن هذه الهجمات تعبير صارخ عن استمرار جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
كما يحذّر المركز من تصاعد كارثة التجويع، مع دخول اليوم الخامس والأربعين على التوالي لإغلاق إسرائيل جميع معابر قطاع غزة أمام المساعدات الإنسانية والإمدادات الغذائية والطبية، ما أدى إلى تفاقم حاد في معدلات الجوع وسوء التغذية، خصوصًا بين الأطفال والنساء والمرضى. إن حرمان السكان من الغذاء والدواء جزء لا يتجزأ من سياسة العقاب الجماعي التي يفرضها الاحتلال، وترقى إلى جريمة ضد الإنسانية.
ويجدد المركز تأكيده أن مواصلة الهجوم العسكري الإسرائيلي وتوسّعه المتصاعد يومًا بعد آخر، وسط صمت المجتمع الدولي وتقاعسه، يشكل وصمة عار على جبين الدول والمؤسسات التي تلتزم الصمت أو تبرر هذه الإبادة. ويعكس هذا الصمت حاجة ملحّة لتدخّل دولي عاجل يضع حدًا للجرائم والانتهاكات الممنهجة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
ويدعو المركز المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير فورية وجادة لوقف جريمة الإبادة الجماعية الجارية، وضمان محاسبة المسؤولين الإسرائيليين على جرائمهم أمام العدالة الدولية. كما يطالب الدول الأطراف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية بالوفاء بالتزاماتها القانونية والأخلاقية، والتحرك العاجل لحماية المدنيين الفلسطينيين من القتل الجماعي والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.