المرجع: 53/2016
التاريخ: 19 أكتوبر 2016
التوقيت: 11:49 بتوقيت جرينتش
تعرض ثلاثة مواطنين في الضفة الغربية للاستدعاء والاحتجاز على خلفية نشاطهم على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك،، وتأتي هذه الحوادث في إطار حالة من الاستخدام التعسفي للقانون، والذي بموجبه يتم استدعاء وأحيانا احتجاز اصحاب الرأي على ذمة التحقيق دون مبرر موضوعي يستلزم ذلك. المركز الفلسطيني لحقوق الانسان يؤكد على ضرورة احترام حرية التعبير، والالتزام الصارم بقانون الاجراءات الجزائية عند استدعاء أي مواطن، ويطالب النيابة العامة والقضاء بعدم حجز صحفيين على ذمة التحقيق.
ووفق متابعة المركز، فقد تم اعتقال المواطن نضال محمود آشمر، من مدينة الخليل، ويعمل مصوراً في وكالة رمسات، ووجهت النيابة له تهمة إطالة اللسان على الرئيس الفلسطيني، على خلفية كتاباته على مواقع التواصل. وما زال آشمر معتقلا في انتظار المحاكمة لليوم السابع على التوالي. وقد أفاد شقيقه لباحث المركز: “تلقي أخي نضال استدعاءً من قبل جهاز الأمن الوقائي بتاريخ 11 اكتوبر 2016، مما حدا به للاتصال بنقابة الصحفيين التي وعدته بحل الأمر، إلا أنه وبتاريخ 13 اكتوبر، وفي حوالي الساعة 11:00، حضرت قوة من الأمن الوقائي، وقامت باعتقال أخي، ومصادرة أوراق وجهاز “لابتوب”، بعد أن قاموا بتفتيش المنزل. وعندما سألتهم عن إذن النيابة، أظهروا اذناً من النيابة ولكن لم يمكنوني من الاطلاع عليه، لمعرفة محتواه. وبعدها علمنا من محاميه أن النيابة قامت بتمديد توقيفه 48 ساعة، ووجهت له تهمة إطالة اللسان على الرئيس، وفي تاريخ 18 اكتوبر 2016 مددت المحكمة توقيفه لمدة أربعة أيام أخرى.”
وفي حالة أخرى، تم استدعاء المواطن أمير مصطفى داوود، من قرية بيت دقو، شمال غرب القدس، على خلفية نشره فيديو مع جدته، والتي وجهت انتقاداً لمشاركة الرئيس في عزاء شمعون بيريز. وقد تم احتجازه لساعات طويلة قبل ابلاغه بالحضور مرة أخرى بتاريخ لاحق، وقد جاء في إفادته: “بتاريخ 11 اكتوبر 2016، حضر شخص عرف عن نفسه إنه من جهاز المخابرات العامة، وطلب مني الحضور إلى مقر الجهاز، ورفض تسليمي الاستدعاء. وفي اليوم التالي توجهت إلى مقر المخابرات الكائن في حي البالوع- رام الله، وهناك تم التحقيق معي عن ارتباطي بالجبهة الشعبية وفادي السلامين (ناشط فلسطيني)، بعد أن تم استعراض آرائي التي أطرحها على صفحتي الخاصة في موقع “الفيسبوك”. وبعدها نقلوني إلى الحجز، وقاموا بتفتيشي، ومن ثم التحقيق معي مرة أخرى، ووضعي في الحجز حتى الساعة 8:30 مساءً. وبعدها حضر أحد المحققين وقال لي أنه أقنع المسؤول بإطلاق سراحي بالرغم من وجود قرار باعتقالي، وطلب مني الحضور مرة أخرى في 19 اكتوبر”
وفي حالة ثالثة، استدعي المواطن نزار خليل بنات، من قرية دورا في مدينة الخليل، من قبل جهاز الأمن الوقائي، على خلفية نشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي، لتطلق سراحه المحكمة بعد احتجاز دام لخمسة أيام. وقد جاء في إفادته “إنه وبتاريخ 22 سبتمبر 2016 تلقى اتصالاً من قبل أحد الأشخاص الذي عرف عن نفسه بأنه من جهاز الأمن الوقائي، وطلب منه الحضور بتاريخ 24 سبتمبر. وخضعت للتحقيق الذي لم يتم سؤالي فيه الا عن “الباسورد” الخاص بحسابي على الفيسبوك. وتم نقلي إلى الزنزانة بعدها لصباح اليوم التالي، حيث علمت من الحرس إن النيابة مددت لي 48 ساعة. وحضر المحامي الخاص بي لتوقيع الوكالة لتمثيلي، ولم يسمح لي بالكلام مع المحامي أو البقاء معه منفردا. وبقيت في الزنزانة حتى تاريخ 27 سبتمبر، حيث تم عرضي على المحكمة، وطلبت النيابة التمديد لي لمدة 15 يوماً، حيث وجهت لي تهمة إثارة النعرات الطائفية، إلا أن القاضي رفض التمديد إلا ليومين بعد أن أوضحت له أن النيابة لم تقدم أي دليل. وفي يوم 29 سبتمبر حاولت النيابة طلب التمديد مرة أخرى إلا أن القاضي رفض وأطلق سراحي.”
يؤكد المركز على أن التطبيق الدقيق لقانون الاجراءات الجزائية أمر لا غنى عنه لصيانة الحريات، ويشدد على أن الاحتجاز على ذمة التحقيق في قضايا الرأي يتعارض مع المعايير الدولية الملزمة للسلطة الفلسطينية.
ويذكر المركز بأن الاحتجاز شُرع بهدف الحيلولة دون هروب المتهم أو طمس الأدلة وهذا لا يتوفر في قضايا الرأي. وهذا ما أكدته اللجنة الدولية لمتابعة تنفيذ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
ويحذر المركز من أن الاستدعاء المتكرر لأصحاب رأي دون مبرر قانوني أو تهمة واضحة، وإخضاعهم لإجراءات قانونية غير مستحقة وبشكل تعسفي، يمثل تعد صارخ على الحريات العامة، واساءة واضحة وتعسف في استخدام السلطة، وعلى النائب العام التحقيق في هذه الادعاءات للوقوف على الحقائق لمحاسبة المسؤولين.
ويطالب المركز النيابة العامة بالتدقيق في أي طلب يتعلق بإصدار إذن اعتقال أو تفتيش، لان التساهل في إعطاء مثل هذه الاذونات يهدد حرية وكرامة المواطنين، ويسيء للنيابة العامة نفسها، والتي يناط بها تمثيل المواطنين والحفاظ على مصالحهم.
إن المركز وإذ يعبر عن بالغ قلقه تجاه تزايد استخدام وسائل القانون لقمع الحريات وإهانة كرامة المواطنين، فإنه يحث النائب العام واعضاء المجلس التشريعي بالقيام بدورهم المنوط بهم في متابعة مدى الالتزام بالقانون من قبل سلطات التحقيق والاتهام، ومعالجة ظاهرة الاحتجاز التعسفي، بما لهم من صلاحيات بموجب القانون وما عليهم من واجب تجاه المجتمع.
ويشدد المركز على حق كل مواطن في رفع دعوى الحق المدني بالتعويض ضد السلطات العامة في حال الاحتجاز غير المشروع أو في حال الاستخدام السيء لسلطة الاتهام.