المرجع: 09/2018
التاريخ: 16 يناير 2018
التوقيت: 09:25 بتوقيت جرينتش
في جريمة جديدة من جرائم استخدام القوة المميتة ضد المشاركين في مسيرات الاحتجاج السلمي، قتلت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي مساء أمس، الاثنين الموافق 15 يناير 2018، مدنياً فلسطينياً في بلدة جيوس، شمال شرق مدينة قلقيلية. يأتي اقتراف هذه الجريمة في ظلّ حالة التصعيد التي تنتهجها حكومة الاحتلال منذ القرار الأمريكي بإعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال بتاريخ 6 ديسمبر 2017. وتدلل هذه الجريمة، وغيرها من جرائم القتل التي اقترفتها قوات الاحتلال في الآونة الأخيرة تعمد إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا في صفوف المتظاهرين الفلسطينيين. وتظهر متابعة طواقم المركز أن قوات الاحتلال كثفت استخدام الذخيرة الحية في مواجهة المدنيين العزل؛ وبشكل مقصود، وعبر عمليات قنص مباشرة لمدنيين في تظاهرات سلمية، علمًا أن المتظاهرين لم يشكلوا أي إيذاء، أو تهديد لحياة جنود الاحتلال.
واستناداً لتحقيقات المركز حول هذه الجريمة، ففي حوالي الساعة 4:15 مساء يوم الاثنين الموافق 15/1/2018، تجمهر عدد من الفتية والشبّان في منطقة المنطار بمحاذاة جدار الضم (الفاصل) غرب بلدة جيوس، شمال شرق مدينة قلقيلية، للتظاهر ضد قرار الرئيس الأميركي رونالد ترامب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل. رشق المتظاهرون الحجارة تجاه جنود الاحتلال الذين يتولون أعمال الحراسة هناك، فتفاجئوا بإطلاق كثيف للأعيرة النارية تجاههم، إذ تم إطلاق ما يزيد عن عشرين عياراً ناريا متتاليا، وفق شهود العيان. أسفر ذلك عن إصابة المواطن أحمد عبد الجابر محمد سليم، 24 عاماً، بعيار ناري برأسه من الخلف، ما أدى إلى مقتله على الفور. وأفاد الشهود أن جنود الاحتلال أطلقوا النار تجاه المواطن المذكور من مسافة تقدر بحوالي عشرين متراً تقريباً. وقام الطبيب إياد يوسف خالد الحلو، وهو ويعمل في الخدمات الطبية العسكرية، بإعلان مقتل المواطن سليم فور إصابته. نقل جثمان القتيل إلى مستشفى الدكتور درويش نزال الحكومي في مدينة قلقيلية، إلا أن قوات الاحتلال الإسرائيلي المتمركزة على حاجز (DCO)، على المدخل الشرقي للمدينة، أوقفت سيارة الإسعاف التي تحمل الجثمان لعدة دقائق على الحاجز المذكور، قبل السماح لها بعبوره. يشار إلى أن إطلاق النار نحو المواطن سليم كان بعد خمس دقائق فقط من نزوله إلى مكان المواجهات، كما أنه كان أمراً مفاجئاً للمتظاهرين استخدام الأعيرة النارية، إذ أن قوات الاحتلال تستخدم الأعيرة المعدنية بشكل يومي في الموقع المذكور. هذا وكان القتيل أسيرا محرراً، وقضى ثلاث سنوات في الاعتقال، وأفرج عنه عام 2016، وهو طالب في جامعة القدس المفتوحة، ويمتلك مطعماً وسط بلدة جيوس.
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يتابع بقلق عميق تدهور الأوضاع في الأرض الفلسطينية المحتلة، وينظر بخطورة بالغة إلى استخدام القوة المميتة ضد مدنيين عزل، مشاركين في تظاهرات سلمية. وإذ يدين المركز استخدام قوات الاحتلال للقوة المفرطة والمميتة غير المتناسبة ضد المتظاهرين، فإنه يرى أنها نتيجة الضوء الأخضر للاحتلال بعد القرار الأمريكي بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، ما يمثل اشتراكاً مباشراً في جريمة عدوان ويهدد السلم والأمن الدوليين بشكل مباشر.
يدعو المركز المجتمع الدولي والهيئات الأممية للتدخل لوقف جرائم الاحتلال وانتهاكاته المتصاعدة، والعمل على توفير حماية دولية للفلسطينيين في الأرض المحتلة. ويجدد مطالبته للأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة الوفاء بالتزاماتها الواردة في المادة الأولى من الاتفاقية والتي تتعهد بموجبها بأن تحترم الاتفاقية وأن تكفل احترامها في جميع الأحوال، كذلك التزاماتها الواردة في المادة 146 من الاتفاقية بملاحقة المتهمين باقتراف مخالفات جسيمة للاتفاقية، علماً بأن هذه الانتهاكات تعد جرائم حرب وفقاً للمادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين وبموجب البروتوكول الإضافي الأول للاتفاقية في ضمان حق الحماية للمدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.