أغسطس 28, 2025
“أصوات من الإبادة الجماعية”: تقرير يصدره المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يُثبت تعمّد الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب إبادة جماعية تستهدف الوجود الفلسطيني في قطاع غزة
مشاركة
“أصوات من الإبادة الجماعية”: تقرير يصدره المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يُثبت تعمّد الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب إبادة جماعية تستهدف الوجود الفلسطيني في قطاع غزة

يصدر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، اليوم الموافق الخميس 28 أغسطس 2025، تقريراً بعنوان” أصوات من الإبادة الجماعية”. يُسلّط هذا التقرير الضوء على الانتهاكات الجسيمة المرتكبة بحق المدنيين في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، والتي تشكّل بمجموعها أفعالًا ترقى إلى جريمة الإبادة الجماعية بموجب أحكام القانون الدولي. لا يُقدّم التقرير هذه الجرائم كوقائع معزولة، بل يضعها في سياقها التاريخي والسياسي الأوسع، بوصفها امتدادًا لمنظومة استعمار استيطاني تمارسها دولة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين منذ أكثر من 75 عامًا، في إنكار ممنهج للحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه في تقرير المصير، وفي إطار سياسة متواصلة تهدف إلى اقتلاعه من أرضه ومنع وجوده الوطني.

ووصف المحامي راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، جرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة قائلاً:

“منذ اللحظة الأولى للعدوان على قطاع غزة، كان جلياً لنا كمدافعين عن حقوق الإنسان وكشهود عيان بأننا نتعرض لإبادة جماعية…طبيعة الهجمات بالقصف الجوي لأحياء سكنية والمرافق المدنية الحيوية، والقتل والتدمير واسع النطاق والتهجير وتجويع المدنيين، مقروناً بالتصريحات الأولى لقادة الاحتلال السياسيين والعسكريين، كل ذلك كان في إطار حملة إبادة جماعية تستهدف كل قطاع غزة. إن الفلسفة الأساسية لاتفاقية منع جريمة الإبادة والمعاقبة عليها تتمثل في التدخل الفوري لمنعها قبل حدوثها، ومن العار على العالم المتحضر أن يقف عاجزاً أو متواطئاً أو داعماً للاحتلال الإسرائيلي في الاستمرار باقتراف هذه الجريمة على امتداد أكثر من 21 شهراً.”

يعتمد التقرير على قاعدة واسعة من المعلومات الأولية، استُخلصت من جمع إفادات مباشرة من أكثر من 1200 من الضحايا والناجين، بالإضافة إلى بيانات مستمدة من مصادر موثوقة مفتوحة، بما في ذلك تقارير صادرة عن هيئات محلية ودولية، ومنشورات على وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي. وقد واجهت عملية التوثيق تحديات جسيمة نتيجة الانهيار شبه الكامل للبنية التحتية، والانقطاع المتكرر في شبكات الاتصال، والظروف الأمنية شديدة الخطورة التي تعيق الوصول إلى الضحايا والمناطق المتضررة. كما أسفرت عمليات القصف الواسعة والعشوائية التي استهدفت المدنيين عن استشهاد ثلاثة من موظفي المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان مع أفراد من عائلاتهم.

كما يُقدِّم التقرير توثيقًا لأهم التصريحات الرسمية والقرارات السياسية والعسكرية الصادرة عن المسؤولين الإسرائيليين، والتي تعكس النية الواضحة لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد السكان الفلسطينيين في قطاع غزة.

يستند التحليل القانوني الوارد في هذا التقرير إلى أحكام اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، مع تركيز خاص على تفسير المادة الثانية، بفقراتها (أ)، (ب)، (ج)، و(د). وقد أُجري هذا التحليل من قِبل فريق متخصص من الخبراء القانونيين الفلسطينيين والدوليين، ذوي الخبرة الواسعة في توثيق وتكييف الجرائم الدولية، حيث قاموا بفحص دقيق لممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة بهدف التحقق مما إذا كانت تلك الأفعال ترقى إلى مستوى جريمة الإبادة الجماعية، وما إذا كانت قد ارتُكبت بنيّة متعمدة.

ويخلص التقرير إلى أن السلوك الذي تنتهجه إسرائيل، عبر أجهزتها الرسمية، ومن خلال الأفراد والكيانات التي تعمل تحت إشرافها أو بتوجيه منها أو ضمن نطاق سيطرتها أو تأثيرها، يُشكّل جريمة إبادة جماعية بحق السكان الفلسطينيين في قطاع غزة. فعلى مدار خمسة عشر شهرًا، ارتكبت السلطات الإسرائيلية أفعالًا محظورة بموجب المادة الثانية (أ) و(ب) و(ج) و(د) من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، وهي: القتل العمد، والتسبب في أذى جسدي أو نفسي جسيم، وفرض ظروف معيشية يُقصد بها التدمير المادي الكلي أو الجزئي للجماعة، وفرض تدابير تهدف إلى منع الإنجاب داخلها. وقد نُفِّذت هذه الأفعال بقصد مُحدد يستهدف تدمير السكان الفلسطينيين بصفتهم جماعة محمية بموجب القانون الدولي.

يطالب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في هذا التقرير بتحرك دولي عاجل، يشمل إحالة هذه الجرائم الموثقة إلى الهيئات القضائية الدولية المختصة، تأكيدًا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب وحماية المدنيين الفلسطينيين من الاستهداف المستمر. ويسعى المركز، من خلال هذا المنهج، إلى تعزيز آليات المساءلة القانونية الدولية، ورفع الوعي العالمي بخطورة الانتهاكات، والدعوة إلى وقف فوري للجرائم المستمرة التي ترتكب بحق سكان قطاع غزة، والتي تكشف عن نية واضحة للإبادة على أساس الهوية القومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *