مايو 30, 2025
آلية توزيع فاشلة بامتياز .. ومهينة ومذلة وحاطة بالكرامة الإنسانية
مشاركة
آلية توزيع فاشلة بامتياز .. ومهينة ومذلة وحاطة بالكرامة الإنسانية

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، تحويل نقاط توزيع المساعدات التي أقامتها في مناطق خطيرة، في رفح وشمال المحافظة الوسطى، إلى ساحة للقتل والإذلال والحط من الكرامة الإنسانية، للمدنيين الفلسطينيين الذين جوعتهم بشكل غير مسبوق طوال الأشهر الماضية.

وأسفرت اعتداءات قوات الاحتلال على المدنيين طالبي المساعدات منذ الثلاثاء الماضي، عن مقتل 11 مواطنًا على الأقل وإصابة عشرات بجروح، إلى جانب فقدان آخرين.

أحدث الجرائم، وقعت عندما هاجم الطيران الحربي لقوات الاحتلال الإسرائيلي، عند حوالي الساعة 06:15 صباح اليوم الجمعة الموافق 30 مايو 2025، مجموعة من النازحين في شارع المحررات في حي المواصي، شمال غرب مدينة رفح أثناء توجههم إلى نقطة توزيع مساعدات أقامتها قوات الاحتلال في حي تل السلطان جنوب غربي مدينة رفح. أسفر ذلك عن مقتل الفتى راتب أيمن راتب جودة، 18 عامًا، وإصابة 8 آخرين بجراح متفاوتة.

وفي وقت لاحق أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي نيران أسلحتها الرشاشة أعداد من النازحين قرب ميدان العلم، وفي شارع المحررات في حي المواصي في مدينة رفح، ما أدى إلى إصابة 4 من النازحين بجراح مختلفة.

ووفق المعلومات التي توفرت لطاقم المركز، فإن آلاف المواطنين توجهوا إلى نقطة توزيع المساعدات، وتبين وجود كمية محدودة جدا من المساعدات في تلك المنطقة، واضطروا للعودة دون الحصول على أي شيء، في حين عملت قوات الاحتلال على تفريق المواطنين بإطلاق النار والاستهداف من الطائرات المسيّرة.

كما أصيب 20 مواطنًا، بجروح، جراء إطلاق النار تجاههم من قوات الاحتلال الإسرائيلي المتمركزة محيط نقطة توزيع المساعدات التي أقامتها قرب محور نتساريم شمال المحافظة الوسطى.

يذكر أنه جرى أمس الخميس افتتاح هذه النقطة، وتكررت فيها حالة الفوضى وغياب نظام التوزيع، قبل أن تتدخل قوات الاحتلال لإطلاق النار تجاه المواطنين الذين تجمعوا في المنطقة ما أدى إلى عدد من الإصابات، وفقدان مواطن على الأقل، حيث أفادت عائلة مغاري أنها فقدت الاتصال بابنها عبدالله أحمد مغاري، وهو شاب يعاني من ضمور في الدماغ، كان قد توجه كما فعل آلاف المواطنين العزل لاستلام المساعدات من منطقة نتساريم جنوب قطاع غزة، قبل أن تختفي آثاره بعد تقدم آليات الجيش الإسرائيلي نحو المركز وإطلاق النار بشكل عشوائي على المدنيين المتجمعين هناك.

وفي حوادث متفرقة من يوم الأربعاء الموافق 28 مايو 2025، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 10 مواطنين بينهم امرأة مسنة وشقيقان، على الأقل وأصابت آخرين بجروح، خلال توجههم أو عدتهم من محيط نقطة توزيع أقامتها قوات الاحتلال بالقرب من منطقة موراج شمال رفح.

ووفق المعلومات التي توفرت لطاقم المركز، ففي وقت مبكر من صباح الأربعاء، توجه مئات المواطنين إلى نقطة التوزيع، وسلكوا طريقا قريبة من قيزان أبو رشوان جنوب خان يونس، في طريقهم إلى نقطة التوزيع المقامة قرب منطقة الحشاشين، استهدفتهم طائرة مسيرة لقوات الاحتلال، إلى جانب إطلاق النار المتكرر تجاهههم في المنطقة، ما أدى إلى وقوع القتلى والعديد من الإصابات.

وقتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي مواطنًا فلسطينيًّا وأصابت 50 آخرين، مساء الثلاثاء الموافق 27 مايو 2025، بعد إطلاقها النار تجاه آلاف المدنيين الفلسطينيين المجوّعين، قرب نقطة توزيع مساعدات أقامتها في رفح جنوب قطاع غزة.

يذكر أن قوات الاحتلال بدأت اعتبارًا من الثلاثاء الماضي، في إقامة أولى نقاط المساعدات في حي تل السلطان في رح، حيث تولت منظمة “غزة الإنسانية (GHF) توزيع المساعدات في النقطة، تحت حراسة مباشرة من شركة أمن أميركية خاصة تُدعى “SRS”، مع تمركز لقوات الاحتلال في محيط المنطقة. وفي اليومين التاليين أقامت نقطتين مماثلين، إحداهما في منطقة الحشاشين شمال رفح، والأخرى، في منطقة محور نتساريم شمال المحافظة الوسطى. وللحصول على المساعدة، يضطر النازحون للسير مشيًّا على الأقدام عدة كيلو مترات وصولاً إلى المناطق الخطرة المقام فيها نقاط توزيع المساعدات، حيث يطلب من المواطنين التجمع والتحرك في مسارات عبارة عن ممرات محاطة بالأسلاك الشائكة، بشكل يعكس الإذلال والسيطرة، وصولاً لنقطة التوزيع التي تمركز داخلها موظفو المنظمة الأمريكية، لاستلام الطرد الذي يحتوي على حزمة محدودة من المساعدات، دون ضوابط أو تدقيق أو معايير.

يعيد المركز، التأكيد أن هذه التطورات تدلل على أن “الآلية الجديدة لتوزيع المساعدات” تخالف بشكل كامل معايير العمل الإنساني والإغاثي التي نص عليها القانون الدولي الإنساني، وأنها فعل مهين ومذل في حد ذاته، وأنها تمس بالكرامة الإنسانية خاصة للمدنيين الفلسطينيين الذين عانوا على مدار 20 شهرًا من تجويع إسرائيلي ممنهج ومتعمد، في واحدة من أبشع الجرائم الجماعية المعاصرة.

كما أن الآلية الإسرائيلية لا تقدم حلولا عملية لإنهاء مأساة التجويع، بل توفر بيئة للفوضى فضلا عن كونها خطوة متعمدة لإقصاء المنظمات الدولية والهيئات الإنسانية المحايدة، وعلى رأسها الأمم المتحدة ووكالاتها، وخاصة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” من القيام بدورها في غزة.

ويشدد على أن آلية الاحتلال لا تقدم حلًا ناجعًا للمجاعة التي تفتك بشدة بسكان القطاع، بل تمنح الاحتلال شرعية زائفة لترسيخ سياسة التجويع الإجرامية كسلاح ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، والاستمرار في توظيف ملف الإغاثة والمساعدات لابتزاز السكان والسيطرة على حياتهم اليومية وعلى مقومات بقائهم.

وبناء على ذلك، يحث المركز المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لإلغاء هذه الآلية التي يطلب فيها من المواطنين الانتقال لمناطق خطيرة تحت سيطرة الاحتلال، والعودة لإدخال المساعدات وتمكين المنظمات الدولية من توزيع المساعدات وسط مناطق النزوح المختلفة، إلى جانب إدخال البضائع بشكل حر دون أي قيود؟

وإذ يدين المركز إطلاق النار تجاه المدنيين، فإنه يدعو المجتمع الدولي، والدول الأعضاء في الأمم المتحدة، إلى تحمل مسؤولياتهم الإنسانية والقانونية على الفور، والتدخل العاجل والضغط على الاحتلال، من أجل وقف جريمة الإبادة الجماعية المستمرة، وفتح جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، واستئناف إدخال المساعدات الإنسانية دون قيود وبشكل فوري وواسع النطاق، وتحت إشراف الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، بعيدًا عن أي تدخل عسكري أو سياسي من أي أطراف أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *