يونيو 17, 2025
آلية توزيع المساعدات صنعت لقتل المجوعين وإذلالهم ومطلوب وقفها فوراً
مشاركة
آلية توزيع المساعدات صنعت لقتل المجوعين وإذلالهم ومطلوب وقفها فوراً

يعرب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عن إدانته الشديدة لجرائم القتل المروعة والمتكررة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين قرب نقاط توزيع المساعدات وفي طريق مرور شاحنات المساعدات في قطاع غزة، والتي أسفرت مجددًا عن سقوط عشرات الضحايا المدنيين، في مشهد بات نمطًا متكررًا بصورة مرعبة وغير إنسانية يكشف عن آلية ممنهجة تستهدف قتل المجوّعين بدلًا من إغاثتهم.

تؤكد المعطيات اليومية لما يجري قرب نقاط توزيع المساعدات منذ افتتاحها قبل 22 يومًا، وكذلك في طريق مرور الشاحنات أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتمد نهجًا مدروسًا قوامه الفوضى المنظّمة في إدارة توزيع المساعدات، ما يؤدي إلى تحوّل مواقع الإغاثة إلى مصائد موت. وتستخدم سلطات الاحتلال هذا النمط الدموي كأداة للقتل الجماعي، والإذلال وامتهان الكرامة الإنسانية في مخالفة جسيمة لأبسط قواعد القانون الدولي الإنساني، التي تلزم دولة الاحتلال بضمان وصول الغذاء والمساعدات للمدنيين تحت الاحتلال، لا استهدافهم خلال سعيهم للحصول عليها.

ففي مشهد بات بتكرر يوميًّا، أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي في وقت باكر صباح اليوم الثلاثاء الموافق 17/6/2025، النار تجاه آلاف النازحين قرب مركزي توزيع المساعدات في مدينة رفح. أسفر ذلك عن مقتل 7 مدنيين وإصابة العشرات بجروح.

وفي جريمة مروعة، أطلقت قوات الاحتلال عند حوالي الساعة 08:00 من يوم الثلاثاء الموافق 17/6/2025، عدة قذائف مدفعية تجاه مئات المواطنين الذين تجمعوا في منطقة التحلية ومحيطها في خانيونس، بانتظار مرور شاحنات المساعدات، على أمل الحصول على الطحين أو أي مواد غذائية. أسفر القصف عن مقتل 50 مواطنًا على الأقل وإصابة عشرات آخرين بجروح، جرى نقلهم إلى مجمع ناصر الطبي والمستشفيات الميدانية.

وأفاد شاهد عيان لباحث المركز، بما يلي

“توجهت مع عدد من جيراني إلى منطقة التحلية جنوب خان يونس، عند حوالي الساعة 5 صباح اليوم الثلاثاء؛ لشراء أو الحصول على كيس طحين لعدم وجود طحين لدينا، وكان عدد المواطنين المتجمعين بالآلاف. وعند حوالي الساعة 07:30 أو 08:00 صباحا حلقت فوقنا طائرة كواد كابتر وبعد لحظات ابتعدت، ثم أطلقت مدفعية الاحتلال الإسرائيلي التي تتمركز على بعد مئات الأمتار من المنطقة، قذيفة مدفعية تجاه المواطنين الذين بدؤوا بالهرب، وخلال ذلك عاودت قوات الاحتلال إطلاق المزيد من القذائف؛ ما أسفر عن عدد كبير من الشهداء والجرحى، حيث كان يجري نقلهم بعربات تجرها حيوانات وتكاتك وعربات إسعاف.”

ومنذ إعلان قوات الاحتلال بتاريخ 27 مايو 2025، بدء العمل في آلية توزيع المساعدات من خلال نقاط توزيع تقع في مناطق خطرة تحت سيطرتها التامة وتديرها منظمة غزة الإنسانية التي أنشأتها لهذا الغرض، بحراسة من شركة أمنية أميركية خاصة، مع تمركز قريب لقوات الاحتلال في محيطها، ارتكبت جرائم قتل مروعة محيطها، حيث بات يوميا يسجل عشرات الضحايا.

وفي كل مرة، يتوجه الآلاف من المدنيين، وأحيانا تصل الأعداد إلى عشرات الآلاف إلى محيط نقاط التوزيع على أمل الحصول على أي مواد تموينية بعد أن تفشت المجاعة بشكل غير مسبوق مع استمرار إسرائيل في إغلاق المعابر، ومنع إدخال المساعدات عبر آليات الأمم المتحدة، منذ 2 مارس 2025، وهناك يجدوا أنفسهم عرضة للاستهداف بإطلاق النار والقذائف من قوات الاحتلال وآلياته وطائراته، ومن ينجو من القتل أو الإصابة ويتمكن من الوصول إلى نقطة التوزيع عليه أن يخوض صراع مع غيره من المواطنين للحصول على القليل من المواد الغذائية.

كماً أنه بعد 22 يوم من افتتاح مراكز التوزيع والتي ادعى الاحتلال أن الهدف منها القضاء علي المجاعة وتزويد المدنيين بالطعام، إلا أن الواقع يظهر أن المجاعة لا زالت مستمرة في قطاع غزه بكامله، وأن من يأتي للمراكز وبتوجيهات الاحتلال، هم آلاف او عشرات الآلاف من المجوعين والذين يعانون  هم وأسرهم من المجاعة.

إن الاحتلال ومنذ افتتاح هذه المراكز يقتل يوميا أمامها وحولها العشرات واللذين بلغ عددهم حتي الآن أكثر من 350 مواطنا بينهم نساء وأطفال. هذا القتل هو جزء من الاباده الجماعية في ظروف لا تشكل علي الإطلاق خطرا علي حياه جنود الاحتلال او العاملين في مراكز التوزيع.

يحذر المركز بان الاحتلال يستغل الحرب مع ايران ليوغل في جريمه الإبادة الجماعية في غزه واجزء من ذلك سياسة التجويع وقتل المجوعين قرب  مراكز المساعدات (التي باتت عبارة عن مصائد للموت.

يعيد المركز، التأكيد أن هذه التطورات تدلل على أن هذه الآلية لتوزيع المساعدات” تخالف بشكل كامل معايير العمل الإنساني والإغاثي التي نص عليها القانون الدولي الإنساني، وأنها فعل مهين ومذل في حد ذاته، وأنها تمس بالكرامة الإنسانية خاصة للمدنيين الفلسطينيين الذين عانوا على مدار 20 شهرًا من تجويع إسرائيلي ممنهج ومتعمد، في واحدة من أبشع الجرائم الجماعية المعاصرة.

كما أن الآلية الإسرائيلية لا تقدم حلولا عملية لإنهاء مأساة التجويع، بل توفر بيئة للفوضى فضلا عن كونها خطوة متعمدة لإقصاء المنظمات الدولية والهيئات الإنسانية المحايدة، وعلى رأسها الأمم المتحدة ووكالاتها، وخاصة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” من القيام بدورها في غزة.

ويشدد على أن آلية الاحتلال لا تقدم حلًا ناجعًا للمجاعة التي تفتك بشدة بسكان القطاع، بل تمنح الاحتلال شرعية زائفة لترسيخ سياسة التجويع الإجرامية كسلاح ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، والاستمرار في توظيف ملف الإغاثة والمساعدات لابتزاز السكان والسيطرة على حياتهم اليومية وعلى مقومات بقائهم.

وبناء على ذلك، يحث المركز المجتمع الدولي الضغط على دولة الاحتلال لإلغاء هذه الآلية التي يطلب فيها من المواطنين الانتقال لمناطق خطيرة تحت سيطرة الاحتلال، والعودة لإدخال المساعدات وتمكين المنظمات الدولية من توزيع المساعدات وسط مناطق النزوح المختلفة، إلى جانب إدخال البضائع بشكل حر دون أي قيود.

كما يدعو المجتمع الدولي، والدول الأعضاء في الأمم المتحدة، إلى تحمل مسؤولياتهم الإنسانية والقانونية على الفور، والتدخل العاجل والضغط على الاحتلال، من أجل وقف جريمة الإبادة الجماعية المستمرة، وفتح جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، واستئناف إدخال المساعدات الإنسانية دون قيود وبشكل فوري وواسع النطاق، وتحت إشراف الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، بعيدًا عن أي تدخل عسكري أو سياسي من أي أطراف أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *