سبتمبر 5, 2016
ورقة موقف: المركز الفلسطيني: إلغاء قوائم لاستبعاد أحد المرشحين فيها مجافٍ للقانون ويهدر الإرادة الحقيقية للناخبين
مشاركة
ورقة موقف: المركز الفلسطيني: إلغاء قوائم لاستبعاد أحد المرشحين فيها مجافٍ للقانون ويهدر الإرادة الحقيقية للناخبين

مقدمة

أقدمت لجنة الانتخابات المركزية على إلغاء 5 قوائم انتخابية في بلديات بيت حانون، وأم النصر، والزهراء والنصيرات، بقطاع غزة، ويطا في الضفة الغربية وذلك على إثر طعون قبلتها بحق بعض المرشحين فيها.  المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يؤكد أن قرار اللجنة لا يتفق مع مضمون وروح قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية رقم (10) لسنة 2005 وتعديلاته، كما ويتنافى مع جوهر العملية الانتخابية، والتي تتمحور حول التعرف على الإرادة الحقيقية للناخبين، وايجاد ممثلين حقيقيين لهم، وهو ما يحول دونه إلغاء قوائم ربما تمثل شريحة عريضة من الناخبين.

أعلنت لجنة الانتخابات المركزية عن إغلاق باب الترشح بتاريخ 25 أغسطس 2016، وقامت بنشر القوائم الأولية بتاريخ 29 أغسطس 2016، لتعطي للجميع حق تقديم الاعتراضات عليها، خلال المدة القانونية المحددة وهي ثلاثة ايام.  وقد تلقت لجنة الانتخابات المركزية خلال المدة المحددة 163 طلب اعتراض على قوائم ومرشحين بالضفة والقطاع، وذلك خلال فترة نشر الكشف الأولي للقوائم والمرشحين خلال الأسبوع الماضي.

ووفق بيان صدر عن اللجنة أمس، الأحد، فإن الاعتراضات شملت  24 طلب اعتراض  بخصوص براءة الذمة، و42 طلب اعتراض بخصوص الإقامة لبعض المرشحين، و25 طلب اعتراض بخصوص الاستقالات، و20 طلب اعتراض قُدمت بزعم وجود أحكام قضائية ضد مرشحين، و52 طلبا لأسباب متفرقة أخرى، لم يذكرها البيان.

وقالت اللجنة إنها رفضت 154 طلب اعتراض، وقبلت سبعة اعتراضات وهي:  أربعة اعتراضات في قطاع غزة، ترتب عليها رفض أربعة قوائم في كل من بيت حانون، وأم النصر، والزهراء والنصيرات. وقبلت اللجنة ثلاثة اعتراضات أخرى في الضفة الغربية، نجم عنها رفض قائمة في يطا.

ويعيب قانون انتخابات الهيئات المحلية رقم (10) لسنة 2005 غموضه ونقص مواده فيما يتعلق بنتيجة الطعون على القوائم الانتخابية.  والحقيقة أن تفسير القانون يجب أن يكون بما يحقق الهدف منه ويتطابق مع المنطق القانوني والموضوعي.  ويرى المركز أن لجنة الانتخابات لم توفق في تفسيرها للقانون، واعطت نفسها صلاحيات خطيرة، تعصف بفكرة التمثيل الحقيقي لإرادة الناخبين.  ولذا، يقدم المركز هذه الورقة القانونية كرأي موضوعي يستند إلى فهم عميق للقانون وللغرض من العملية الانتخابية، مسترشدا بالمعايير الدولية ذات العلاقة ولمبادئ القانون والعدالة.

القانون غير واضح والتفسير يجب أن يكون منطقياً وفي مصلحة العملية الانتخابية

تثير مسألة إلغاء قائمة كاملة بسبب اكتشاف اللجنة لمخالفة أحد المرشحين فيها لشروط الترشح الواردة في المادة (18) من قانون الانتخابات المحلية الكثير من الجدل لغموض القانون نفسه في هذه المسألة، إلى درجة أوجدت انقساماً في القضاء في الضفة الغربية بخصوص طعون مشابهة أثيرت في انتخابات البلدية التي عقدت هناك في العام 2012-2013.  ويعتبر المركز أن مسألة التفسير، وإن كانت مسألة اجتهادية، الا أنها يجب أن تتفق مع منطق وروح القانون والهدف الأساسي من تنظيم العملية الانتخابية، ويجب أن تستنبط إرادة المشرع من خلال سياق القانون ككل والقوانين ذات العلاقة، سيما القانون الأساسي.  ويرى المركز أن لجنة الانتخابات قد جافت الصواب عندما اعتبرت أن مخالفة أحد المرشحين لشروط الترشح، يعطيها الحق بحرمان قائمة كاملة من حق الترشح، وذلك للأسباب التالية:

  1. إن ما استندت إليه لجنة الانتخابات المركزية من أن لها الحق وفق المادة 20 (أ) في رفض أي قائمة غير مستوفية للشروط، واعطت نفسها بموجب ذلك الحق في إلغاء القائمة التي تبين أن أحد مرشحيها لم يستوف الشروط، هو خلط بين صلاحيتي الرفض الواردة في المادة (20) والإلغاء، الواردة في المادة 15(5). فقد ورد في متن المادة (20) من قانون الانتخابات المحلية “على لجنة الانتخابات رفض قبول طلب تسجيل قائمة انتخابية…”، ولم ينص على أن لجنة الانتخابات لها الحق في “إلغاء” القائمة في حال كشف الطعن عن مخالفة أحد مرشحيها لشروط الترشح.  ويبدو أن اللجنة تعتبر أن ما تقوم به بعد تقديم الطعون هو عملية قبول أو رفض.  وفي الحقيقة إن القبول أو الرفض مرحلة تسبق الطعون، أما إزالة قائمة بعد الطعن فهو “إلغاء”.  ويرى المركز أن رفض القائمة يكون فقط إذا تبين مخالفتها لأحد الشروط الشكلية الواردة في المادة (16)، عند التقدم بطلب الترشح.

ويبرز الفارق بين المصطلحين من حيث الطبيعة والنتائج المترتبة على كل منهما.  فصلاحية الرفض هو موقف مبدئي قبل ترتيب أي مراكز قانونية، كما إنها تتيح للقائمة تلافي الأخطاء وإعادة تقديم نفسها بصورة صحيحة، فباب الترشح يكون مفتوحا، بالتالي لا يحرم أحد من حقة في الترشح المكفول بالقانون الأساسي لخلل يمكن تلافيه بسهولة من خلال استبعاد المرشح الذي قبل فيه الطعن.  أما “الإلغاء”، فإنه صلاحية تأتي بعد إنشاء مراكز قانونية، يتمثل هنا في فقدان القدرة على تصحيح الأوضاع بسبب إغلاق باب الترشح.  ومن حيث النتائج تنال فكرة الإلغاء من حق الترشح، وتحرم القائمة والحزب التابعة له من الانتخابات، مما يخل بفكرة الفرصة المتكافئة التي يجب أن تعطى لجميع الأحزاب في كل المراحل الانتخابية.

  1. يرى المركز أن استبعاد أحد المرشحين يجب أن يأخذ حكم الانسحاب من قائمة دون قدرتها على ملء الشواغر. وبالتالي ووفق المادة 15 (فقرة 5) فإن القائمة لا تسقط الا إذا تسبب الاستبعاد في أن يصبح عدد المرشحين في القائمة أقل من الحد الأدنى المشترط لتقديم قائمة وفق المادة 14 (فقرة 5)، وهو أغلبية المقاعد المخصصة للمجلس البلدي (النصف +1).  وهذا ما لا ينطبق في الحالات الخمس التي تم إلغاء القوائم فيها.
  1. كان على اللجنة أن تفرق بين الطعن على القائمة، والطعن على المرشح، وهو ما ذكره القانون نفسه حيث جاء في المادة (22) منه: “يجوز لأي شخص خلال ثلاثة أيام من تاريخ نشر قوائم المرشحين أن يقدم اعتراضاً كتابياً إلى اللجنة الانتخابية التابع لها على القائمة أو على مرشح أو أكثر من مرشحيها،..”. والقانون وضع شرطاً واحداً لقبول القائمة في المادة 14(فقرة 5) وهو: “يجب ألا يقل عدد المرشحين في القائمة الانتخابية الواحدة عن أغلبية عدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية.”، أما الشروط الخمس الواردة في المادة (18) فهي للمرشحين فيها، وليس للقائمة.  وبالتالي تسقط القائمة بسقوط شرطها، ويسقط المرشح وحده بسقوط أحد الشروط اللازم توافرها فيه، والخلط بين الأثنين مجاف للنصوص القانونية والمنطق القانوني، وهذا ما يفرضه وجود كلمة “أو” بين الخيارين.
  1. إن ما أوردته لجنة الانتخابات المركزية في تقريرها للانتخابات البلدية في العام 2012-2013 من أنها أعطت نفسها هذه الصلاحية بإلغاء قائمة في حال وجود أي خلل فيها لأنها تعاملها كـ “وحدة واحدة، وأن أي خلل يلحق بأي من شروط القائمة الانتخابية أو أي من مرشحيها من شأنه أن يؤدي إلى رفض قبول طلب ترشح القائمة ككل”، لا يخلو من مغالطة للأسباب التالية:
  • إن الأمر يكون صحيحا ومنطقياً قبل مرحلة الطعون وإغلاق باب الترشح. ففي ذلك الوقت للجنة إما قبول أو رفض القائمة ككل، ويتاح حينها للقائمة تعديل أوضاعها، والتقدم مرة أخرى.  أما وقد أغلق باب الترشح وقبلت القوائم بشكل مبدئي، فإن ما تسميه اللجنة رفض للقائمة هو في الحقيقة “إلغاء” كما سبق وأن ذكرنا.  وبالتالي، فإن مثل هذه الصلاحية الجوهرية تحتاج لنص قانوني واضح، وليس مجرد تفسير مطعون في منطقيته.
  • إن فكرة أن القائمة وحدة واحدة يتناقض مع ما نص عليه القانون من إمكانية انسحاب أحد المرشحين، دون اسقاط القائمة، وفق ما أكدته الماد 15 (فقرة 5).
  • القانون ذكر كل من “الطعن في قائمة” و”الطعن في مرشح أو أكثر”، ولو كان الطعن في المرشح يتضمن الطعن في كل القائمة فلماذا ذكر القانون الأمرين، ولم يكتف بعبارة “الاعتراض على القوائم”، في نص المادة (22).
  1. إن اللجنة نفسها قد أقرت في تقريرها حول انتخابات البلدية 2012-2013، أن فكرة إلغاء القائمة لوجود خلل في أحد مرشحيها أوجدت انقساماً بين المحاكم في الضفة الغربية، حيث بعضها قد رفض توجه اللجنة من إلغاء القائمة كاملة في حال وجود خلل في أحد مرشحيها، في حين أقرت بعض المحاكم الأمر. وهذا يبرز مدى الخلاف الموجود والناتج عن الغموض الذي يعتري القانون.  وبالتالي، كان الأولى بلجنة الانتخابات أن تأخذ بالرأي الذي يساهم في صون إرادة الناخبين، بدلاً من حرمانهم من قائمة ربما يرون فيها الخيار المناسب لهم، لوجود خلل يمكن تداركه بسهولة، من خلال استبعاد المرشح والابقاء على القائمة، التي ربما تمثل شريحة مهمة من الشعب الفلسطيني، يجب عدم تجاهل حقها في اختيار من تراه ممثلاً لها.
  1. إن قرار اللجنة يمثل تعدٍ على الحق في الترشح والذي كفله القانون الأساسي في المادة (26) منه، حيث إنه يحرم الكثير من فرصة الترشح من خلال اسقاط قائمتهم، بعد إغلاق باب الترشح، دون أن يعطيهم الحق في تصحيح أوضاعهم، وإعادة تقديم قائمتهم بصورة صحيحة.
  1. إن محاججة اللجنة بأنها سبق وأن اعلمت المرشحين بسقوط القائمة كاملة في حال سقوط أحد المرشحين، لا يغير من حقيقة أن تفسيرها للقانون لم يكن صحيحا، وأنها منحت نفسها صلاحية خطيرة تحتاج إلى نص واضح وصريح، لأنه يترتب عليه اعتداء على مراكز قانونية وحقوق اشخاص آخرين لم تكن محلاً للطعن، ويجب أن لا تتأثر، وهو مبدأ قانوني مستقر.
  1. إن مهمة قانون الانتخابات تنظيم العملية الانتخابية بشكل يضمن معرفة الإرادة الحقيقية للناخبين، وليس مهمته ابداً عقاب القوائم الانتخابية التي لم تبذل عناية كافية لتلافي أي خلل فيها. وبالتالي، على الجهات التي تفسر القانون أن تلتزم بالمنطق الذي يدعم إظهار الإرادة الحقيقية للناخبين.  وقيام لجنة الانتخابات بإلغاء قائمة كاملة لوجود خلل في شخص واحد فيها، دون أي اعتبار لما تمثله هذه القائمة من كتلة انتخابية في الشارع الفلسطيني، هو هدر لأصوات وإرادة الناخبين.
  1. إن الاستناد إلى ما ورد في المادة 14(فقرة 2) من أن القوائم “مغلقة” والادعاء أنه بموجب ذلك تسقط القائمة كلها في حال استبعاد شخص فيها، هو فهم قاصر للمادة، حيث تعني كلمة “مغلقة”، إنه لا يحق للناخب استثناء أحد من القائمة التي يريد التصويت لها، كما لا يجوز تغيير ترتيب الأسماء فيها. والقول بغير ذلك، يجعل انسحاب شخص من القائمة مسقطاً لها، وهذا لم يقل به القانون بل جاء بعكسه في المادة 15(فقرة 5).  كما أن هذا التفسير يجعل من وفاة أحد مرشحيها مسقط لها أيضاً، وهذا لا يقبله أي منطق.

التوصيات:

وإذ يؤكد المركز على أن الهدف الرئيس من العملية الانتخابية هو معرفة إرادة الناخبين من خلال انتخابات تضمن أوسع مشاركة شعبية، وحق خوض المعركة الانتخابية لكل القوائم وما تمثلها من أحزاب على قدم المساواة، فإنه:

  1. يؤكد على حق ممثلي القوائم أو المرشحين استئناف قرارات اللجنة أمام محكمة البداية في المحافظة التي تتبع لها الهيئة المحلية وفق ما نصت عليه المادة (23) من قانون الانتخابات المحلية، وذلك خلال ثلاثة أيام من إبلاغهم بقرار اللجنة. وتلتزم المحكمة بعدها وخلال 5 ايام بالبت في جميع طلبات الاستئناف وفق ما نصت عليه المادة (24) من نفس القانون.
  2. يؤكد على حق المتضررين في اللجوء إلى المحكمة المختصة للطعن في صحة تأويل لجنة الانتخابات لقانون الانتخابات البلدية.
  3. يؤكد على أن إلغاء قائمة بناءً على خلل في أحد مرشحيها، إن تم إقراره، فإنه يستلزم إعادة فتح باب الترشح مرة أخرى، والا سيعتبر ذلك بمثابة حرمان من حق الترشح المكفول بالقانون، وحرمان لشريحة معتبرة من المواطنين من حقهم في اختيارها وما تمثله.
  4. تعديل القانون بحيث ينص صراحة على أن قبول الطعن في أحد المرشحين، يؤدي لاستبعاده من القائمة، على أن يحل محله من يليه في القائمة وفق الترتيب، وهكذا.
  5. يوصي لجنة الانتخابات المركزية بالعمل على تعديل القانون القائم في اقرب فرصة، وإزالة ما فيه من لبس، لكي يتسنى للجميع فهم القانون والتكيف مع احكامه.