الصحفي الرابع منذ مطلع شهر أغسطس
مقتل المصور الصحفي إبراهيم محارب جراء استهداف مجموعة من الصحفيين في خان يونس
يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بشدة تصاعد استهداف وقتل الصحفيين والصحفيات بشكل متعمد من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، بالتوازي مع حرب الإبادة التي تشنها ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة. أخر الصحفيين الذين قتلوا كان المصور الصحفي إبراهيم محارب، الذي قتل جراء استهداف دبابة إسرائيلية مجموعة من الصحفيين بالقرب من مدينة حمد، شمال خان يونس، مما أسفر أيضاً عن إصابة صحفية بجراح.
ووفق متابعة المركز، في حوالي الساعة 18:30 من مساء يوم أمس الأحد الموافق 18 أغسطس 2024، أطلقت قوات الاحتلال النار بشكل متعمد تجاه عدد من الصحفيين والصحفيات، كانوا يرتدون سترات زرقاء مكتوب عليها Press خلال تغطيتهم تقدم آليات الاحتلال في محيط مدينة حمد، شمال غربي خان يونس. أسفر ذلك عن إصابة الصحفية سلمى القدومي، التي تعمل في الوكالة الفرنسية بشظية عيار ناري مدخلها من الظهر ومخرجها من الصدر، وتمكنت من مغادرة المنطقة مع ثلاثة من زملائها تحت إطلاق النار، فيما أصيب الصحفي إبراهيم مروان سالم محارب، 26 عاماً، وهو مصور صحفي حر، ولم يتمكن من مغادرة المنطقة بسبب كثافة إطلاق النار، وبقي في مكانه. وفي صباح اليوم الاثنين، 19 أغسطس 2024، تم انتشال الصحفي محارب، وتبين أنه استشهد جراء إصابته بأعيرة نارية أسفل الظهر والفخذ وبقي ينزف حتى الموت. وأظهر مقطع فيديو لقوات الاحتلال وهي تطلق النار بكثافة تجاه الصحفيين.
ويرتفع عدد الصحفيين الذين قتلوا خلال شهر أغسطس الحالي إلى (4) صحفيين، ببنهم صحفيان قتلا وعائلتاهما. فبتاريخ 6 أغسطس، قتل الصحفي محمد عيسى أبو سعادة، 26 عاماً، ويعمل مصوراً لشبكة “صدى الشرقية”، جراء قصف خيمته في بلدته عبسان الجديد، شرق خان يونس. وبتاريخ 9 أغسطس، قتل الصحفيان تميم معمر، ويعمل في تلفزيون فلسطين، وعبد الله السوسي، ويعمل في تلفزيون الأقصى، في حادثتين منفصلتين جراء قصف منزليهما في خان يونس. أدى ذلك لمقتل الصحفيين وأفراد عائلتيهما.
وبالمجمل، ارتفع عدد الصحفيين والصحفيات الذين قتلوا على أيدي قوات الاحتلال منذ السابع من أكتوبر 2023، إلى (169) صحفياً، وفق المكتب الإعلامي الحكومي، وهو العدد الأعلى في العالم منذ بدء الإحصاء للقتلى الصحفيين في العام 1992. بين هؤلاء القتلى (13) صحفية. وقتلت الغالبية العظمى من الصحفيين (165) خلال غارات جوية، سواء من الطائرات الحربية، وطائرات الاستطلاع، بينما قتل (4) آخرون جراء إطلاق النار عليهم من قناصة. العدد الأكبر من الشهداء الصحافيين وعددهم (72) قتلوا هم وعائلاتهم خلال عمليات استهدفت منازلهم، فيما قتل (53) صحفياً خلال جرائم القصف العشوائي على امتداد حرب الإبادة المستمرة، وقتل (24) صحفياً خلال استهداف مباشر، وقتل (22) صحفياً خلال قيامهم بمهام صحفية ولم يتم التأكد من قتلهم عن عمد. كما أصيب خلال العدوان (185) صحفياً آخرون في ظروف مختلفة. هذا عدا عن نشطاء التواصل الاجتماعي الذين استهدف الاحتلال عددا كبيًرا منهم ودأب على التحريض عليهم وتهديدهم بالقتل إذا لم يصمتوا.
يرى المركز أن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يمعن في اتباع سياسة ممنهجة للقضاء على الصحافة في قطاع غزة، من خلال الاستهداف المباشر وعدم إعطاء أي اعتبار للشارة الصحفية، علماً أن الصحفيين كانوا يرتدون زيهم المميز، وفي مكان معروف لقوات الاحتلال.
يؤكد المركز أن استهداف الصحفيين/ات جاء بهدف الاستفراد بالضحية وتغييب نقل وقائع الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال ضد المدنيات والمدنيين في قطاع غزة. ولذلك نطالب المجتمع الدولي بإدانة استهداف العاملين بالصحافة بشكل علني، والضغط على دولة الاحتلال لوقف استهدافهم بشكل فوري، والعمل دون تأخير على توفير حماية دولية للمدنيات والمدنيين بما فيهم للصحفيات والصحفيين في قطاع غزة.
يعيد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان التذكير بأن الصحفيين/ات يتمتعون بحماية خاصة بموجب القانون الدولي الإنساني شأنهم في ذلك شأن المدنيين/ات. فوفقًا للمادة 79 من البروتوكول الأول الملحق لاتفاقيات جنيف الأربع، والتي وصلت لمستوى القانون العرفي الدولي، “يعد الصحفيون الذين يباشرون مهمات مهنية خطرة في مناطق النزاعات المسلحة أشخاصاً مدنيين ضمن نطاق الفقرة الأولى من المادة 50”. كما يتمتع هؤلاء بحماية القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخصوصًا العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه دولة الاحتلال الإسرائيلي، وترفض الاعتراف بانطباقه على سكان الإقليم المحتل، تمامًا كما تنكر انطباق القانون الإنساني الدولي عليهم.
ويؤكد المركز أن القتل العمد للصحفيين/ات يعد جريمة حرب تقع ضمن اختصاص المحكمة الدولية، وفقًا للمادة 8 من نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة. كما يعد حرمانًا تعسفيًّا من الحياة وفقًا للمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويستوجب مساءلة مرتكبيه. كما ويعد استهداف الصحافة اعتداء على الحق في حرية الصحافة وحرية التعبير المكفولة وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وخصوصًا المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وإزاء ذلك، يطالب المركز المجتمع الدولي بالضغط على دولة الاحتلال لوقف استهداف الصحفيين بشكل فوري، والعمل دون تأخير على توفير حماية دولية للمدنيين/ات بما فيهم للصحفيات والصحفيين في قطاع غزة، وتفعيل أدوات الضغط على سلطات الاحتلال بوقف جرائمها والامتثال لقواعد القانون الدولي، وحماية المدنيين. كما ونطالب أجسام الصحافة الدولية منها الاتحاد الدولي للصحفيين بالتحرك العاجل للضغط على الاحتلال محاسبته على قتل واستهداف الصحفيات والصحفيين في فلسطين وبالتحديد في قطاع غزة.
كما يدعو المركز المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للتسريع باتخاذ إجراءات عملية لإنجاز التحقيق بالجرائم المرتكبة على إقليم دولة فلسطين، بما فيها جرائم قتل الصحفيين/ات، الذين يدفعون حياتهم ثمنًا لإظهار الحقيقية، والمضي بالخطوات اللاحقة، وخصوصًا، أن الضحايا في فلسطين طال انتظارهم للعدالة والانصاف. كما ندعو المقررة الخاصة المعنية بحرية الرأي والتعبير بالأمم المتحدة إلى تعزيز وتكثيف الجهود لحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والتحقيق في جرائم الاحتلال المقترفة بحق الصحفيين ووسائل الاعلام في الأرض الفلسطينية المحتلة.
نسخة تجريبية