نوفمبر 1, 2018
مراجعة قانونية لمشروع تعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية للعام 2000
مشاركة
مراجعة قانونية لمشروع تعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية للعام 2000

المقدمة

يقبع مشروع قانون لتعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية لسنة 2000 حالياً على أجندة مجلس الوزراء انتظاراً لإقراره، ومن ثم  عرضه على الرئيس الفلسطيني لإصداره في هيئة قرار بقانون، وفق ما دأب عليه العمل منذ الانقسام الفلسطيني في  العام 2007، وتغييب المجلس التشريعي.

وقد صيغ مشروع القانون بشكل يحكم سيطرة وزارة الداخلية على الجمعيات، ويعدم استقلاليتها المالية والإدارية.  ويعتبر هذا التطور الأخير حلقة من سلسلة امتدت منذ إنشاء السلطة الفلسطينية، وما قامت به من سن قانون الجمعيات، مروراً بالانقسام الفلسطيني والذي ولد حالة من النهم السلطوي لدى طرفيه، كان من تجلياتها محاولات مستمرة ومتراكمة لتقويض المجتمع المدني.

يعتبر وجود المجتمع المدني الفاعل أحد أهم الضمانات لوجود ديمقراطية سليمة تحترم الحقوق وتصون الحريات.  ويتمثل دور المجتمع المدني كرافد للقطاع العام ورقيب عليه.  ويمارس هذان الدوران من خلال أدواته المختلفة، والتي تتطلب فاعليها مساحة كافية من الحرية، والتي لا غنى عنها لكي يكون المجتمع المدني قادراً على ممارسة دور الرقيب المصحح للمسار.  ولكي يكون المجتمع المدني قادراً على ممارسة هذا الدور يجب أن تصاغ القوانين الخاصة بتنظيمه بشكل يوجد نوع من التوازن بينه وبين المجتمع السياسي.

تمثل الجمعيات إحدى أهم تجليات المجتمع المدني، والتي وجدت لتمارس العمل المدني بنوع من الاحترافية وفق أهداف ورؤى محددة.  ويعد تشكيل الجمعيات حق من حقوق الإنسان التي نصت عليها المواثيق الدولية في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكل من العهدين الدوليين لحقوق الإنسان.  ويمكن تعريف هذا الحق بأنه “حق أي مجموعة من الأفراد الطبيعيين أو المعنويين في التجمع من أجل العمل مع بعضهم للتعبير أو لتطوير أو لمواصلة أو للدفاع عن مصلحة مشتركة”… “ويشمل مصطلح الجمعيات بمعناه الواسع ضمن أشياء أخرى، هيئات ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والنوادي والجمعيات التعاونية والنقابات والأحزاب السياسية والاتحادات التجارية وحتى المجموعات المشكلة على الشبكة العنكبوتية (الانترنت).”

وقد جاء هذا المقترح في خضم تطورات متتابعة تعلقت بمساعي حكومة التوافق منذ تشكيلها للسيطرة على الجمعيات بشكل كامل وتقويض استقلاليتها.  وقدم المشروع في (22) مادة أغلبها سن بهدف السيطرة على إدارة وتمويل الجمعيات.  واقتصرت هذه الدراسة على تحليل أخطر النصوص الواردة دون التطرق للنصوص التي وضعت لمعالجة مشاكل في الصياغة أو مشاكل تقنية في النصوص القديمة، حيث تتناول هذه الورقة تحليل (12) من نصوص المشروع وهي المواد (2، 3، 5، 6، 8، 9، 10، 11، 14، 15، 16، 18). وقد استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي واعتمد بالأساس على القوانين والمعايير الدولية والوطنية، وكذلك على التقرير الصادر عن المقرر الخاص للحق في التجمع السلمي والحق في تشكيل الجمعيات.  وتنقسم هذه الورقة إلى قسمين، يتناول الأول المعايير الدولية ذات العلاقة، أما القسم الثاني فيعمل على تحليل بعض النصوص الواردة في المشروع لتبيان عدم انسجامها مع المعايير الدولية وأفضل الممارسات على هذا الصعيد. وتقدم هذه الورقة في نهايتها خلاصة وتوصيات لصناع القرار والمجتمع المدني.