يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تصعيد قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها العسكري الواسع ضد قطاع غزة، مستهدفةً المدنيين العزل، وارتكاب جرائم قتل جماعي، وإبادة عائلات بأكملها، في تأكيد واضح على استمرار جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين.
ويأتي هذا التصعيد العسكري قبل أيام قليلة من حلول عيد الفطر، في وقت تتفاقم فيه تداعيات الحصار الخانق وسياسات التجويع الممنهجة، ونفاد الكثير من الأدوية والمستهلكات الطبية، ما نجم عنه كارثة إنسانية غير مسبوقة تهدد حياة 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة، يجدون أنفسهم أمام خيارات مروعة بين الموت تحت القصف أو الهلاك جوعًا وحرمانًا من العلاج.
ووفق المعلومات التي جمعها باحثونا، فقد تركزت الغارات على قصف منازل وخيام في أنحاء قطاع غزة، على رؤوس سكانيها والنازحين فيها، وقتلهم جماعيا تحت أنقاضها، وتكثيف سياسة تدمير المنازل المخلاة بعمق يصل 2 كم من الشريط الحدودي شرقي القطاع، واستهداف المركبات والتجمعات.
وتسبب تجدد عدوان الاحتلال منذ 18 مارس الجاري، بمقتل 896 مواطنًا، وإصابة 1,984 آخرين، حتى منتصف ليلة 28/3/2025، وفق وزارة الصحة، وهو ما يرفع حصيلة الضحايا منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 50,251 قتيلا و114,025 جريحا، في حين لا تزال آلاف الجثامين تحت الأنقاض يتعذر انتشالها لعدم توفر معدات مناسبة لدى طواقم الدفاع المدني.
وضمن أبزر الجرائم التي تمكن باحثونا من رصدها وتوثيقها، خلال الساعات الماضية ما يلي:
هاجم الطيران الحربي الإسرائيلي، عند حوالي الساعة 00:20 من يوم الجمعة 28/03/2025، منزلاً لعائلة عوض في حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة، ما أدى إلى مقتل 14 مواطنًا، انتشلت جثامين 8 منهم، بينهم 4 سيدات وطفلان، ولا يزال 6 آخرون تحت الأنقاض، فضلا عن إصابة 30 آخرين، بينهم 12 طفلًا، و8 نساء.
وهاجم الطيران الحربي الاسرائيلي عد حوالي الساعة 02:00 من يوم الخميس 27/3/2025، منزلا لعائلة الغرباوي في جباليا شمال غزة، ما أدى إلى مقتل 9 مواطنين، بينهم 4 أطفال و3 نساء، وإصابة آخرين بجروح. بين القتلى زوجان و4 من أبنائهما، وهم: أشرف نافذ علي الغرباوي، 45 عامًا، وزوجته أماني احمد محمود الغرباوي، 41 عاما، وأبنائهما: ملك 21 عامًا، ومحمد 19 عامًا، ومصعب 16 سنوات، ومعاذ 6 سنوات، بالإضافة لشقيقه شادي 42 عامًا، والمواطنة غادة السيد ديب الغرباوي 55 عامًا، والطفل أحمد علي أحمد الغرباوي، 17عاما.
هاجمت مسيرة اسرائيلية عند حوالي الساعة 02:20 من يوم الأربعاء 26/3/2025، مجموعة مواطنين محيط ديوان النجار غرب كراج رفح جنوب خان يونس، ما أدى إلى مقتل المسنة: انتصار مصطفى عيسى اللحام 75 عاما، والشاب محمد خالد خضر صقر، 26 عاما، فيما أصيب ثالث بجروح.
وبعد 10 دقائق، هاجمت مروحية إسرائيلية شقة سكنية لعائلة حسين في الطابق الرابع من بناية سكنية في بلوك 4 بمخيم البريج في المحافظة الوسطى، ما أدى إلى مقتل المواطن أمير عبد الشافي خميس حسين، 36 عاما، وطفله وليد 4 سنوات، وإصابة آخرين بجروح. علمًا أن القتيلين هما آخر من تبقى من الأسرة الذين قتلوا في غارات سابقة.
هاجمت طائرات الاحتلال عند حوالي الساعة 15:30، خيمة للنازحين في مخيم النصيرات بالمحافظة الوسطى، ما أدى إلى مقتل 5 مواطنين، بينهم امرأة وطفلتها صادف مروهما من المكان.
وهاجمت طائرة مسيرة إسرائيلية، عند حوالي الساعة 16:00، مجموعة مواطنين كانوا متواجدين أمام منزل لعائلة الصالحي في محيط مسجد القسام، على بعد حوالي 15 مترًا جنوب تكية النصيرات الخيرية في مخيم النصيرات، في المحافظة الوسطى، ما أدى إلى مقتل 4 مواطنين، أحدهم من العاملين في التكية وإصابة 15 آخرين بجراح.
وفي روايته لما حدث، أفاد أحد المصابين لباحث المركز، بما يلي:
“بينما كنت أعمل في تكية النصيرات الخيرية أجهز الطعام لتوزيعه على مخيمات النازحين والمحتاجين، فجأة سمعت صوت انفجار قوي على بعد عدة أمتار مني، وانتشر غبار ودخان وشعرت بألم شديد في قدمي اليسرى؛ حتى اعتقدت أن قدمي انفصلت عني، فجريت، ثم أغمي عليّولم أستيقظ إلا وأنا في مستشفى العودة القريبة من منطقتنا، وعلمت بعدها أنه استشهد جراء الاستهداف 4 مواطنين أحدهم جلال حرب الذي يعمل معنا في التكية”.
وهاجمت طائرة مسيّرة إسرائيلية عند حوالي الساعة 17:00 من اليوم نفسه، بصاروخ خيمة في بلدة الزوايدة بالمحافظة الوسطى، ما أدى إلى مقتل المواطنة مي محمد يوسف الشاعر، 42 عاما، والطفلة رؤى معتز تيسير الشاعر، 17 عاما.
وهاجم الطيران الحربي الإسرائيلي عند حوالي الساعة 22:00 من اليوم نفسه، مربعا سكنيا في بلدة بيت لاهيا شمال غزة، ما أدى إلى مقتل 7 مواطنين، بينهم طفلة رضيعة وسيدة مسنة، تمكنت الطواقم الطبية من انتشالهم فيما لا يزال عدد من السكان تحت الأنقاض ومصيرهم مجهول غالبيتهم من الأطفال، كما أصيب عدد اخر بجراح متفاوتة.
وهاجمت طائرات الاحتلال الحربية، عند حوالي الساعة 01:00 من يوم الثلاثاء 25/3/2025، منزلا لعائلة أبو الروس في بلوك 7 بمخيم البريج ما أدى إلى مقتل 6 من سكان المنزل، بينهم 3 أطفال و3 نساء وهم: شكران عبد العزيز أبو الروس، 62 عاما، وزوجة ابنها: آلاء محمد مصلح ابو الروس، 34 عاما، وطفليها فاتن ومحمود وجدي محمود أبو الروس، 5 و16 عاما، وآيات محمود كمال منصور، 16عاما، وفتنة محمود محمد منصور، 40 عاما، فيما أصيب آخرون بجراح مختلفة. وبعد يومين، أعلنت المصادر الطبية وفاة وجدي محمود محمد ابو الروس 38 عاما، متأثرًا بإصابته ليلتحق بوالدته وطفليه.
وهاجمت طائرات الاحتلال عند حوالي الساعة 01:34 من الاثنين 24/3/2025 منزلا لعائلة أبو خاطر في معن جنوب شرق خان يونس، ما أدى إلى مقتل 3 من سكانه، وهم: منار سالم ابو خاطر، 57 عاما، وهو مدير مديرية التربية والتعليم شرقي خانيونس، وابنيه أنس، 23 عاما، وأمجد 22 عاما، وأصيب رابع بجروح خطيرة.
في اليوم نفسه، هاجمت طائرات الاحتلال منزلين لعائلتي أبو عكر والصيفي في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، ما أدى إلى مقتل 14 مواطنًا من العائلتين، من بينهم 4 أطفال 3 نساء.
وأفاد باحثونا، أن طائرات الاحتلال قصفت خلال الأيام الماضية عشرات المركبات المتوقفة في مختلف أرجاء قطاع غزة، ودمرتها، في وقت استمرت فيه في قصف منازل مخلاة من السكان بعمق يصل إلى 2 كم من الشريط الحدودي خاصة شرق خانيونس، حيث تعمل قوات الاحتلال على تدمير ممنهج لما تبقى من منازل في تلك المنطقة التي شهدت تدمير غالبية المنازل والمباني فيها طوال الأشهر الماضية.
كما تواصل قوات الاحتلال تنفيذ هجوم بري في منطقة حي تل السلطان غرب رفح منذ 23/3/2025، ولا يزال مصير 14 من طواقم الإسعاف والدفاع المدني، بعد أن عثر على جثمان أحدهم وهو من الدفاع المدني، أمس الخميس، بعد التنسيق لوصول طواقم جمعية الهلال الفلسطيني بتنسيق ومرافقة من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية (اوتشا) بعد خمسة أيام من انقطاع الاتصال بعدد من المسعفين بينهم 9 من الهلال الأحمر.
يجدد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، تحذيره بأن عودة إسرائيل لتنفيذ هجمات برية والسيطرة على المدن والأحياء الفلسطينية وارتكاب جرائم القتل الواسعة مع الإمعان في جريمة التجويع، والحرمان من العلاج، ينذر بسقوط آلاف الضحايا، سواء نتيجة القصف المباشر، أو تداعيات الحصار، ومن شأنه أن يفاقم الوضع المأساوي الكارثي في القطاع الذي يشهد تدهورًا مستمرًا منذ 7 أكتوبر 2023.
ويدعو المركز المجتمع الدولي، إلى اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لوقف الإبادة الجماعية المستمرة، ومحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم. كما يطالب الدول الأطراف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية بضرورة الوفاء بالتزاماتها القانونية واتخاذ خطوات عاجلة لحماية المدنيين الفلسطينيين من الإبادة الجماعية والقتل الجماعي.