ديسمبر 26, 2024
في جريمة هي الأكبر ضد الصحفيين في قطاع غزة خلال حرب الإبادة الجماعية قوات الاحتلال تقتل خمسة صحفيين في استهداف مباشر لمركبتهم
مشاركة
في جريمة هي الأكبر ضد الصحفيين في قطاع غزة خلال حرب الإبادة الجماعية قوات الاحتلال تقتل خمسة صحفيين في استهداف مباشر لمركبتهم

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي قتل واستهداف الصحفيين والصحفيات خلال هجومها العسكري الواسع والمستمر على قطاع غزة منذ نحو خمسة عشر شهراً، بهدف قتل الشهود على جرائم الإبادة الجماعية التي تقترف على مرأى العالم ومسمعه بحق الفلسطينيين في القطاع.  إن أنماط الاستهداف للصحفيين على امتداد هذا الهجوم تظهر بما لا يدع مجالاً للشك  أن هناك سياسة مقرة من أعلى المستويات في دولة الاحتلال بتصفية جميع الصحفيين والمراسلين الين ينقلون وقائع تلك الجرائم بالصوت والصورة، وملاحقتهم أثناء عملهم الميداني أو حتى داخل منازلهم وبين أهلهم، في رسالة واضحة لإرهابهم وردعهم عن نقل الحقيقة للعالم.

واستمراراً لتلك الجرائم، استهدفت طائرة مسيرة إسرائيلية في حوالي الساعة 1:05 فجر اليوم الخميس الموافق 26/12/2024، باصًا أبيض اللون مخصصاً للبث الخارجي تابع لقناة القدس الفضائية، كان مركوناً أسفل مبنى الإدارة من الناحية الجنوبية لمستشفى العودة التابعة لجمعية العودة الصحية والمجتمعية في مخيم النصيرات بمحافظة الوسطى.  أسفر القصف عن مقتل خمسة صحفيين يعملون لصالح القناة، وهم:  أيمن نهاد عبد الرحمن الجدي، 28 عامًا، وهو مصور صحفي؛ فيصل عبد الله محمد أبو القمصان، 27 عاماً، ويعمل مراسلاً صحفياً؛ الصحفي إبراهيم جمال إبراهيم الشيخ علي، 38 عاماً؛  الصحفي فادي إيهاب “محمد رمضان” حسونة، 22 عاماً؛ والصحفي محمد إياد خميس اللدعة، 23 عاماً.  وقد أدى القصف إلى اشتعال النيران في الباص المستهدف واحتراق جثامين الشهداء الخمسة.  كما أصيب في الجريمة شخصان آخران، أحدهما أحد أفراد أمن المستشفى، فضلاً عن حدوث أضرار في المبنى.

“هذه ليست حرباً؛ إنه التوحش المطلق الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي استمراراً لجريمة الإبادة الجماعية لشعبنا الفلسطيني، بمشاركة شركائه الأمريكيين والأوروبيين الذين ما زالوا يمدونه بالسلاح والذخائر التي نٌقتل بها ويوفرون له الحماية السياسية والقانونية، ويبررون كل الجرائم التي يقترفها ضد شعبنا،” عقب المحامي راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.

ووفقاً لما أفاد به الصحفي طلال محمود عبد الرحمن العروقي، 31 عاماً، مراسل قناة الجزيرة مباشر، الذي تضررت سيارته المركونة بالقرب من موقع الاستهداف، فإنه سمع صوت انفجار قوي أثناء وجوده داخل المستشفى، فتوجه فورًا نحو الباص المستهدف. وأوضح أن الباص كان يُستخدم للبث الخارجي وكان الصحفيون يبيتون بداخله يوميًا، وكان يحمل إشارات واضحة تدل على أنه خاص بالصحفيين.

 ويرتفع عدد الصحفيين/ات الذين قتلوا/ن على أيدي قوات الاحتلال منذ السابع من أكتوبر 2023، إلى (201) صحفياً/ة، وفق المكتب الإعلامي الحكومي، وهو العدد الأعلى في العالم منذ بدء الإحصاء للقتلى الصحفيين/ات في العام 1992.  بين هؤلاء القتلى (20) صحفية. وقتلت الغالبية العظمى من الصحفيين/ات (191) خلال غارات جوية، سواء من الطائرات الحربية، وطائرات الاستطلاع، بينما قتل (4) آخرون جراء إطلاق النار عليهم من قناصة. العدد الأكبر من الشهداء الصحفيين/ات قتلوا/ن هم/ن وعائلاتهم/ن خلال عمليات استهدفت منازلهم/ن.

 وتسعى إسرائيل عبر قتل الصحفيين/ات وتغييبهم إلى احتكار الرواية، حيث لا تريد أن يرى العالم الجرائم التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني، في وقت تمنع فيه الطواقم الصحفية الدولية من الوصول إلى غزة وتغطية حرب الإبادة، وكل ذلك في إطار عملية شاملة تمارس فيها الإبادة الجماعية ومجموعة جرائم دولية أخرى تحاول من خلالها ترسيخ نكبة ثانية ضد 2.3 مليون فلسطيني/ة في قطاع غزة منذ العام.

يرى المركز أن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يمعن في اتباع سياسة ممنهجة للقضاء على الصحافة في قطاع غزة، من خلال الاستهداف المباشر وعدم إعطاء أي اعتبار للشارة الصحفية، علماً أن هناك صحفيين قتلوا خلال ارتدائهم زي الصحافة المميز، ويباشرون أعمالهم، وفي مكان معروف لقوات الاحتلال.

 يؤكد المركز أن استهداف الصحفيين/ات جاء بهدف الاستفراد بالضحية وتغييب نقل وقائع الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال ضد المدنيات والمدنيين في قطاع غزة. ولذلك نطالب المجتمع الدولي بإدانة استهداف العاملين بالصحافة بشكل علني، والضغط على دولة الاحتلال لوقف استهدافهم بشكل فوري، والعمل دون تأخير على توفير حماية دولية للمدنيات والمدنيين بما فيهم للصحفيات والصحفيين في قطاع غزة.

 يعيد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان التذكير بأن الصحفيين/ات يتمتعون بحماية خاصة بموجب القانون الدولي الإنساني شأنهم في ذلك شأن المدنيين/ات. فوفقًا للمادة 79 من البروتوكول الأول الملحق لاتفاقيات جنيف الأربع، والتي وصلت لمستوى القانون العرفي الدولي، “يعد الصحفيون الذين يباشرون مهمات مهنية خطرة في مناطق النزاعات المسلحة أشخاصاً مدنيين ضمن نطاق الفقرة الأولى من المادة 50”. كما يتمتع هؤلاء بحماية القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخصوصًا العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه دولة الاحتلال الإسرائيلي، وترفض الاعتراف بانطباقه على سكان الإقليم المحتل، تمامًا كما تنكر انطباق القانون الإنساني الدولي عليهم.

 ويؤكد المركز أن القتل العمد للصحفيين/ات يعد جريمة حرب تقع ضمن اختصاص المحكمة الدولية، وفقًا للمادة 8 من نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة. كما يعد حرمانًا تعسفيًّا من الحياة وفقًا للمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويستوجب مساءلة مرتكبيه. كما ويعد استهداف الصحافة اعتداء على الحق في حرية الصحافة وحرية التعبير المكفولة وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وخصوصًا المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

 وإزاء ذلك، يكرر المركز مطالبته المجتمع الدولي بالضغط على دولة الاحتلال لوقف حرب الإبادة ضد قطاع غزة، واستهداف الصحفيين بشكل فوري، والعمل دون تأخير على توفير حماية دولية للمدنيين/ات بما فيهم للصحفيات والصحفيين في قطاع غزة، وتفعيل أدوات الضغط على سلطات الاحتلال بوقف جرائمها والامتثال لقواعد القانون الدولي، وحماية المدنيين. كما ونطالب أجسام الصحافة الدولية منها الاتحاد الدولي للصحفيين بالتحرك العاجل للضغط على الاحتلال محاسبته على قتل واستهداف الصحفيات والصحفيين في فلسطين وبالتحديد في قطاع غزة.