أبريل 21, 2025
فقدت زوجي وجنيني وطفلتي ترقد بين الحياة والموت
مشاركة
فقدت زوجي وجنيني وطفلتي ترقد بين الحياة والموت

أماني ماجد رمضان القاضي، 25 عاما، سكان رفح، ونازحة في مواصي خانيونس.

تاريخ الإفادة: 19/04/2025

أنا متزوجة من محمود أحمد عبد الكريم أبو الروس، 25 عاما، كنت أسكن في شقة في مدينة رفح تل السلطان، بالقرب من الحديقة اليابانية، ولدي طفلة واحدة (شام، سنة ونصف)، وكان زوجي يعمل في محل خضروات. في حوالي الساعة 06:30 صباحا، في 7/10/2023، استيقظت على أصوات قوية، في البداية اعتقدت أنها صوت رعد وبرق، بحكم أننا كنا بداية لفصل الشتاء، ولكن بعد وقت قليل اشتدت الأحداث، ونظرت من شباك المنزل لأرى السماء تمتلئ بالصواريخ.  اتصلت بزوجي ليعود للمنزل خوفا من أن يحدث شيء أو يصيبه مكروه نتيجة هذه الصواريخ، وبعد وقت قليل عاد زوجي للمنزل.  ومنذ تلك اللحظة تغيرت حياتنا، لتصبح مليئة بالخوف والخطر، وبدأ جيش الاحتلال عملياته العسكرية علي جميع مناطق قطاع غزة، ليرافقها الجوع وتقليص في سبل الحياة، بداية بانقطاع الكهرباء ليتبعها فصل جميع خطوط المياه، ومنع دخول جميع السلع الغذائية لقطاع غزة، الاستهدافات التي أصبحت مرافقة لجميع أوقاتنا.

وبعد مرور عدة أشهر على بداية الحرب علي قطاع غزة، أعلن جيش الاحتلال (في 7 مايو 2024)  بدء عملياته العسكرية البرية في مدينة رفح ليأمرنا بإخلاء جميع مناطق مدينة رفح.  قمنا بتجهيز بعض مستلزماتنا وتوجهنا لدير البلح (منطقة الحكر)، لبيت أخت زوجي.  ولأن عدد المتواجدين كان كبير جدا، حيث كنا 7 عائلات داخل المنزل، لهذا وضع زوجي خيمة علي سطح المنزل لنستقل به بعيدا عن الازدحام.  وما أن مضينا هناك ما يقارب 5 أشهر حتى أعلن جيش الاحتلال بدء عملية على مناطق محددة من دير البلح وكانت منطقتنا ضمن هذه المناطق، لهذا خرجنا وتوجهنا لمنطقة المواصي، شمال غربي رفح، حيث تواجد أهلي هناك. قمنا بتجهيز خيمة نزوح هناك أيضا، ومكثنا ما يقارب 5 أشهر، حتى أعلن بدء وقف إطلاق النار في قطاع غزة في 19 يناير 2025، لهذا اتجهنا لمنطقة خربة العدس لأرض أحد أقارب زوجي، ومكثنا هناك شهر.

 وخلال هذه الفترة عرفت بحملي بطفلي الثاني، ولكن لم تكتمل فرحتي، لأنه في منتصف شهر رمضان، عمل جيش الاحتلال على استئناف الحرب علي قطاع غزة والتقدم بريا في مدينة رفح، لهذا خرجنا مرة أخرى وتوجهنا هذه المرة لمواصى مدينة خانيونس وبالتحديد لشارع الاسطبل، حيث يتواجد أهل زوجي هناك في إحدى الأراضي الفارغة.

 ولأنني كنت حديثة الحمل، وضعنا خيمتنا بعيدة قليلا عن النار والدخان، والتلوث، خوفا علي جنيني من هذه الغازات السامة. وفي مساء يوم الأربعاء بتاريخ ١٦/٤/٢٠٢٥، بعد أن صليت المغرب صلاة جماعة مع زوجي وبعد ذلك صلاة العشاء، قمت بتجهيز وجبة العشاء، وبعد أن تناولناها أنا وزوجي، استلقيت للنوم وكان زوجي يتصفح الأخبار علي هاتفه، وبعد وقت قليل وفي حوالي الساعة ١٠:٥٠ مساء، استيقظت علي زوجي يصرخ عليّ ويهزني بقوة. في البداية اعتقدت أنه يحتاج شيئا، ولكن ما أن افتحت عيوني حتي رأيت النار تشتعل في الخيمة، وزوجي يصرخ النار ستحرقنا، خذي شام واهربي للخارج، وما أن أكمل كلمته حتى رأيت إحدى الشظايا تخترق جسده، فأمسكت بيده حتى أسنده لنخرج خارج الخيمة، ولكن كانت الشظية أسرع مني لتضرب في شريان الحياة من الجهة الخلفية لظهره ويسقط أرضا شهيداً. وفي ذات اللحظة التي كنت أسنده بها شعرت أيضا بشيء يخترق جسدي وبدأ الدم ينزف مني، لأسفل البطن، فكنت لا أعرف كيف أنقذ ابنتي التي أصيبت في بطنها بعدة شظايا والدم ينزف منها، أو أنقذ نفسي والدم ينزف من جسدي ولا أعرف مصير طفلي الذي في بطني، أو زوجي الذي سقط أمام عيوني شهيدا. حينها فقدت الوعي، ولم أستيقظ إلا في مستشفى ناصر الطبي، بعد عمل الإسعافات الأولية لي، ليخبروني بأن الشظية قد دخلت في الرحم لتصل إلي جنيني الذي استشهد فورا، ليخبروني الأطباء حينها بأني فقدت طفلي الذي كنت أنتظره وكنت قد بدأت بتجهيز مستلزماته، كنت أتأمل أن يبقى من رائحة زوجي، وبعد ذلك قام الاطباء بعمل عملية قيصرية لي لتنزيل طفلي الشهيد، وبعد ذلك أخبروني بأن طفلي هو من حافظ على حياتي، وهو من تلقى ضربة الموت عني، فلولا وجوده فكنت إما استشهدت أو أصبت بشلل كامل.

 أما طفلتي (شام) التي مازالت حتى هذه اللحظة في العناية، فقد أجرى الأطباء عملية استئصال للأمعاء نتيجة اختراق الشظية لأمعائها، ولكن حتى بعد إجراء العملية الجراحية، لم تستعد وعيها. وقد فسر الأطباء هذا الأمر بأنها ربما تكون قد تلقت ضربة في رأسها أثرت على استعادة وعيها. وفي هذا الاستهداف أكون قد فقدت زوجي وابني الذي رأيته في قلبي قبل أن تراه عيني، وابنتي التي هي في وضع صحي سيء حتي هذه اللحظة. أما عن الاستهداف فكل ما أذكره أنني كنت نائمة واستيقظت علي صوت زوجي يصرخ بأن النار اشتعلت في الخيمة، فلم نسمع صوت صاروخ أو أي شيء، هي نار اشتعلت في الخيمة وتبعتها الشظايا تناثرت في جميع الاتجاهات، لتصيب زوجي وتصيبني لتصل الشظية لطفلي الذي أحمله في بطني وكان في الشهر الرابع، وكنت قد عرفت مؤخرا أنه ولد، وحينها فرح زوجي كثيرا واختار له اسم يمان، ومن شدة فرحته به كان يوميا يقوم بتجهيز مستلزماته حتي يكون كل شيء جاهزا عندما ألد طفلي. ولكن استشهد زوجي، واستشهد طفلي قبل أن نفرح به، وعندما كان زوجي يلفظ أنفاسه الأخيرة كان يوصيني بابنتي وابني ويطلب ألا أغير اسم ابننا وأن أسميه يمان، وهو لا يعرف بان ابنه قد ذهب معه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *