يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بأشد العبارات عودة قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى شن هجمات واسعة ودامية على قطاع غزة، بما في ذلك ارتكاب جرائم قتل جماعية، استهدفت مئات المدنيين، بينهم نساء وأطفال، وإصدار أوامر تهجير، في إمعان على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بتوسع، وهي الجريمة التي لم تتوقف فعليًا عن ارتكابها منذ 19 يناير الماضي، تاريخ بدء وقف إطلاق النار.
ويأتي قرار إسرائيل باستئناف هجومها العسكري الواسع على قطاع بعد 17 يومًا من إغلاقها معابر قطاع غزة، ومنع إدخال البضائع والمساعدات في إطار استخدام سياسة التجويع كأداة حرب، بعد تنصلها من جانب واحد من اتفاق وقف إطلاق النار.
ووفق المعلومات الأولية التي جمعها باحثو المركز، فعند حوالي الساعة 02:10 من فجر الثلاثاء 18 مارس 2025، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي عشرات الغارات العنيفة المتزامنة على منازل ومراكز إيواء وخيام تأوي نازحين على امتداد قطاع غزة من شماله إلى جنوبه، وأسفرت عن مقتل وإصابة المئات، معظمهم من المدنيين.
ووفق حصيلة أولية أعلنتها وزارة الصحة في غزة، وصل مستشفيات قطاع غزة 326 قتيلاً، وأكثر من 440 إصابة، بينها اصابات خطيرة جداً نتيجة الاستهدافات لمتعددة التي ارتكبها الاحتلال منذ ساعات فجر اليوم على قطاع غزة1، فيما لا يزال عدد كبير من الضحايا تحت الركام يتعذر انتشال العديد منهم .
وتعمل طواقمنا على توثيق هذه الجرائم بشكل مفصل رغم صعوبة التحرك والمخاطر جراء استمرار الهجمات العسكرية الإسرائيلية، في حين تواجه طواقم الإسعاف والدفاع المدني صعوبات في انتشال الضحايا ونقلهم نتيجة عدم توفر المعدات اللازمة ونقص الوقود.
كما أصدرت قوات الاحتلال أوامر تهجير إلى جميع سكان قطاع غزة المتواجدين قرب المنطقة العازلة التي فرضتها وتتمركز فيها جنوب قطاع غزة وشرقه وشماله، وتحديدًا في أحياء بيت حانون، خربة خزاعة، عبسان الكبيرة والجديدة، وطالبتهم بالتوجه إلى غرب غزة وخانيونس.2
تأتي هذه الجرائم في سياق جريمة الإبادة الجماعية التي تقترفها قوات الاحتلال منذ بدء هجومها العسكري المتواصل على غزة، قبل أكثر من 17 شهرًا، والتي لم تتوقف أي لحظة، حيث أسفر القصف عن مقتل أكثر من 170 مواطنًا وإصابة المئات منذ وقف إطلاق النار في 19 يناير الماضي وحتى أمس.
يحذر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، بأن عودة إسرائيل لارتكاب جرائم القتل الواسعة مع الإمعان في جريمة التجويع، والحرمان من العلاج، ينذر بسقوط آلاف الضحايا، سواء نتيجة القصف المباشر، أو تداعيات الحصار، ومن شأنه أن يفاقم الوضع المأساوي الكارثي في القطاع الذي لم يشهد أي تحسن طوال الأشهر الماضية.
يدعو المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان المجتمع الدولي، إلى اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لوقف الإبادة الجماعية المستمرة، ومحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم. كما نطالب الدول الأطراف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية بضرورة الوفاء بالتزاماتها القانونية واتخاذ خطوات عاجلة لحماية المدنيين الفلسطينيين من الإبادة الجماعية والقتل الجماعي.
إن استمرار صمت المجتمع الدولي على هذه الجرائم يمنح سلطات الاحتلال الضوء الأخضر للاستمرار في انتهاكاتها الدامية، ويؤكد ضرورة تكثيف الجهود من أجل فرض عقوبات ومساءلة قانونية حقيقية على قادة الاحتلال.