ميرنا جمال يوسف أبو عبيد، 31 عاما، متزوجة، وأم لأربعة أطفال، سكان رفح، ونازحة في مواصي خانيونس.
تاريخ الإفادة: 24/4/2025
أنا متزوجة من عبد المجيد داوود عبد المجيد أبو عبيد،37 عاما، كنت أسكن في شقة في مخيم يبنا في رفح، ولدينا 4 أطفال. في حوالي الساعة 6:30 صباح 7/10/2023، كنت أساعد ابنائي لتجهيز أنفسهم للذهاب للمدرسة، وقبل أن يخرجوا من المنزل سمعنا أصوات قوية كادت تهز المكان، وسرعان ما تبين أنها أصوات إطلاق صواريخ. لم يخطر ببالي أن تكون بداية حرب قوية علي قطاع غزة، ظننت أنه حدث عابر وسيمر كالمعتاد، لهذا لم أسمح لأبنائي بالخروج من المنزل. ولكن مع مرور الوقت كانت الأصوات تزداد، ووتيرة الأحداث تشتد بشكل كبير، حينها دب الخوف في قلبي من عواقب ذلك. في البداية كانت مدينة رفح هي الوجهة الأولى لجميع النازحين من مناطق شمال غزة، لهذا كانت تكتظ بشكل كبير من أعداد السكان. كانت بين الحين والآخر تحدث استهدافات وعمليات قصف من قوات الاحتلال في مناطق مختلفة في مدينة رفح، ولأنها تحتوي عدد كبير من النازحين فكان كل استهداف يذهب ضحيته أعداد كبيرة من الشهداء والمصابين.
وبعد أن أنهى جيش الاحتلال عملياته العسكرية في أغلب مناطق قطاع غزة، توجهت أنظاره لمدينة رفح. وفي الأسبوع الأول من شهر مايو لعام 2024، وبدون سابق إنذار، بدأت الأحزمة النارية والتقدم البري لدبابات جيش الاحتلال بداية من معبر رفح البري والمناطق الشرقية لتتقدم لمنتصف المدينة. في تلك الأثناء قمنا بتجهيز بعض مستلزماتنا، وتوجهنا لمواصى مدينة خانيونس، المنطقة التي كانت تجمع جميع النازحين من جنوب وشمال قطاع غزة، بقعة جغرافية صغيرة تحوي عشرات الآلاف من النازحين. توجهنا لأرض أحد أقاربنا، وجهزنا خيام نزوح هناك. منذ تلك اللحظة بدأت المعاناة الكبرى في كيفية تأمين سبل العيش من توفير المياه، حيث إن المياه في هذه المنطقة كانت مياه عادمة وكنا نقوم بوضع المعقمات والكلور لتنظيفها من الشوائب واستخدامها. أما عن مياه الشرب فكنا نقوم بنقلها من مسافات بعيدة بواسطة الجرادل أو جالونات المياه، فكان كل شيء يصلنا بشق الأنفس. هذا عدا عن الاستهدافات التي لم نسلم منها كانت محاطة بنا من جميع الاتجاهات، حتي وصل الاستهداف لنا.
في حوالي الساعة 6:30 مساء بتاريخ 11/4/2025 ، كنا نقوم بتعبئة المياه في البرميل. فجأة سمعت انفجاراً قوياً، وقبل أن ألتفت لأرى أين هذا الانفجار، كانت الشظايا قد انتشرت حولي وقد أصيب زوجي الذي كان يقف بجانبي وقد سقط أرضا وبدأت الدماء تنزف منه من جميع الاتجاهات. نظرت للخيمة التي كان أبنائي يجلسون فيها، فكانت الشظايا قد اخترقتها من جميع الاتجاهات، فركضت مسرعـة لأرى أبنائي، فوجدت ابني يزن عبد المجيد أبو عبيد، 7 سنوات، قد سقط أرضا وانقطعت أنفاسه لأتلقى أول صدمة بخبر استشهاد ابني أمام عينيّ. وكان باقي أبنائي بجواري في البداية لم يظهر عليهم أي علامات إصابات، ولكن أخذوهم للمستشفى للاطمئنان علي وضعهم الصحي، حيث تم نقلهم للمستشفى الكويتي الميداني. ولكن بعد وقت قليل أخبرني أسلافي بأنهم قد نقلوا أبنائي (عمر، 3 سنوات، عبادة 9 سنوات) لمستشفى ناصر الطبي وتم إدخالهما لغرفة العمليات لأنهما أصيبا بشظايا داخلية أدت لحدوث نزيف داخلي، وأجرى الأطباء عملية استئصال في الأمعاء لهما، لأن الشظايا تسببت بحدوث تمزقات شديدة في الأمعاء. أما زوجي فكان وضعه الصحي خطيرا جدا، فقد أصيب بشظية بجانب القلب بشكل مباشر، وكسر في الجمجمة، وعديد من الشظايا في الوجه، مما أدى لفقدانه الوعي، ومكوثه في العناية المركزة لأيام عديدة، وعدم قدرة الأطباء علي إخراج الشظية من جسده بسبب خطورة المكان الذي تتواجد فيه، فمن الممكن أن تؤدي لوفاته أو إصابته بشلل. لهذا يعيش علي التنفس الصناعي منذ ذلك الوقت، ليتم متابعة حالته ليتبين معهم مدى استقرار الشظية، وقدرته علي التعايش معها.