ديسمبر 23, 2023
الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة يضاعف معاناة النساء
مشاركة
الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة يضاعف معاناة النساء

مع دخول الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الـ 78 على التوالي، تتفاقم معاناة جميع السكان ومنهم على وجه الخصوص 1.10 مليون أنثى فلسطينية بات أكثر من 90 % منهن مهجرات من منازلهن ومناطق سكناهن قسرًا، وسط ظروف غير إنسانية وانعدام متطلبات الحد الأدنى من المعيشة.

وتتابع مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية_ المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق_ الكارثة الفعلية التي ألمت بقطاع غزة، جراء استمرار الهجوم العسكري الإسرائيلي بما في ذلك عمليات القصف العنيف عبر الجو والبر والبحر، والاجتياح البري لمحافظة غزة، وشمال غزة، وأجزاء واسعة من خانيونس، وما رافق ذلك من اقتراف انتهاكات خطيرة، وتواصل طواقمنا التحقق والتحقيق في ملابسات العديد منها، بما في ذلك عمليات إعدام ميداني واعتقالات تعسفية شملت رجالا ونساءً، ويستمر إخفاء غالبيتهم/ن قسريا حتى الآن.

ومع أوامر التهجير الإسرائيلي التي صدر أحدثها الجمعة 22/12/2023، واستهدف نحو 150 ألف نسمة في مخيم البريج وشمال مخيم النصيرات، تتفاقم أزمة النازحين الذين يزيد عددهم عن 2 مليون نسمة أغلبهم جنوب وادي غزة.

وتفيد طواقمنا أن المناطق المستهدفة بأوامر التهجير الجديدة، كانت تغص بآلاف النازحين من شمال وادي غزة، ومن خانيونس أيضًا، وها هم يضطرون للنزوح مجددًا إلى مناطق جديدة تشهد غارات إسرائيلية لا تتوقف تقريبا، بحيث لا يوجد مكان آمن، ولا يوجد مكان به متسع يمكن أن يذهب إليه السكان.

وفي تعقيبه على هذه الأوامر، قال مدير عمليات الأونروا في قطاع غزة (توماس وايت): الناس في غزة ليسوا أحجار شطرنج، فقد تم تهجير العديد منهم عدة مرات. يأمر الجيش الإسرائيلي الناس بالانتقال إلى المناطق التي تشهد غارات جوية مستمرة1.

وعلاوة على عمليات القتل والإصابات في صفوف الإناث الناجمة عن آلاف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، وأدت لمقتل 6200 سيدة، من بين أكثر من 20 ألف شهيد فلسطيني، وآلاف الجريحات من بين 53 ألف جريح، تعاني النساء بشكل مضاعف من تداعيات الهجوم الإسرائيلي خاصة التهجير القسري.

وأفادت العديد من النساء في مراكز الإيواء لطواقمنا بأنهن يواجهن معاناة إضافية جراء حالة النزوح وعدم توفر الظروف الصحية الملائمة لهن.

يذكر أنه من سكان قطاع غزة المقدر بحوالي 2.23 مليون نسمة، يوجد 1.13 مليون ذكر و1.10 مليون أنثى،2 وتشكل نسبة الإناث ما نسبته 49.3% من إجمالي السكان في القطاع. ووفق المعطيات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، هناك حوالي 546 ألف انثى في سن الإنجاب (15-49 عاماً) في قطاع غزة، منهن حوالي 58% متزوجات.  وأشارت التقارير الصحية إلى وجود حوالي 50 ألف امرأة حامل في قطاع غزة، حيث ستلد 5,500 امرأة خلال الأسابيع القادمة، أي ما معدله 183 مولوداً جديداً يومياً في قطاع غزة.3

وتواجه النساء الحوامل مخاطر عديدة بسبب صعوبة الوضع بالمستشفيات وغياب المتابعة مع الأطباء، واضطرار الكثير منهن للوضع في أماكنهن مع المخاطر المترتبة على ذلك، فضلا عن عدم توفر الرعاية والافتقار للكثير من التطعيمات للمواليد، إلى جانب عدم توفر الغذاء الملائم سواء للأمهات الحوامل أو المرضعات وهو أمر يمس أكثر من 155 ألف امرأة حامل وأم مرضعة، بالإضافة إلى أكثر من 135 ألف طفل دون سن الثانية، نظرًا لاحتياجاتهم الغذائية الخاصة، والتي تتفاقم بسبب التوتر والصدمات4.

ووفق المعلومات التي جمعها باحثونا من مراكز الإيواء، تعاني غالبية النساء من الاكتظاظ الشديد، وغياب الرعاية الصحية، والظروف الصحية، إلى جانب فقدان الخصوصية مع تكدس أعداد كبيرة منهن في الفصول الدراسية أو ساحات المدارس أو الخيام المنصوبة في كل مكان، كذلك يعانين من أزمة الذهاب للحمام، وتوفر المياه وعدم توفر المكان المناسب للاستحمام.

كما تعاني آلاف النساء من الأجواء الباردة مع عدم توفر أغطية وفراش ملائم فضلا عن الافتقار للملابس الشتوية، حيث اضطرت غالبيتهن للنزوح المتكرر وفي كل مرة كن يفقدن أمتعتهن ومستلزماتهن الأساسية.

وتعاني غالبية النساء كما هو الحال بالنسبة لجميع النازحين من جوع حقيقي وافتقار كبير للمواد الغذائية، وتزداد معاناة النساء الحوامل والمرضعات، في وقت يعتمد أغلبهم على وجبة واحدة محدودة في اليوم إن توفرت.

كما تعاني النساء المسنات من أوضاع صعبة في توفير الأدوية المزمنة وحالة البرد الشديدة في الخيام وأماكن النزوح وعدم القدرة على قضاء حاجتهن مع النقص الكبير في الحمامات ونقص المياه أيضا.

ونتيجة لاستشهاد الزوج أو الأب أو الأبناء، باتت آلاف النساء هي المسؤولة عن الأسرة وتلبية احتياجاتها، في ظل واقع أقل ما يقال فيه كارثي ويفتقر لكل شيء، وتنعدم فيه الموارد والإمكانات.

السيدة نهي حازم أصرف من سكان غزة لديها طفلان، أحدهما طفلة حديثة الولادة لم تكمل الأسبوع، أفادت لباحثينا:أول نزوح لي كان في ثاني أيام الهجوم الإسرائيلي على غزة، وكنت حاملا في الشهر السابع. ثم تكرر النزوح عدة مرات بسبب القصف وأوامر التهجير حتى وصلت إلى جنوب قطاع غزة. لم أستطع مراجعة الطبيب وتم تأجيل ولادتي بعملية قيصرية ثلاث مرات بسبب صعوبة الأمور في المستشفيات، وعندما أجريت لي العملية تمت بتخدير جزئي، ثم خرجت بعد الولادة قبل الوقت المحدد، لم يكن معي أي ملابس للطفلة ولكن حصلت عليها لاحقا عبر مساعدات. ولاحقا عانيت لعدم توفر التطعيم الخاص بالطفلة وعدم توفر الحليب والحفاضات سواء لها أو لشقيقها الأكبر وعمره أقل من عامين، حتى أنا لم يكن هناك طعام كافٍ وملائم لي كأم مرضعة عانيت من فقر دم شديد.

السيدة آمنة عبد الهادي البطش، أم لـ 6 أطفال، أحدهم طفلة من الأشخاص ذوي الإعاقة، نزحت هي الأخرى عدة مرات، وتعرض منزل لجأت إليه للقصف الإسرائيلي ما تسبب باستشهاد 16 شخصا من ضمنهم ابنها، وقد أفادت بما يلي:

لم أستطع وداع ابني الذي استشهد بسبب القصف، تكرر نزوحي من مكان لآخر عدة مرات، لم نجد خيمة في مركز الإيواء، واستمر ذلك بعض الوقت.  بدأنا نعاني للحصول على لقمة العيش والبحث عن الماء للشرب والاستخدام اليومي ليقضوا حاجات الأطفال. نعتمد وجبة واحدة في اليوم لنتمكن أن نعيش ونعطي الأولوية لأطفالنا. خرجنا بدون أي أوراق ثبوتية وهذا كان يعيق حصولنا على بعض المساعدات. لدي طفلة من ذوي الإعاقة عمرها 5 سنوات تحتاج لحفاظات خاصة وملابس معينة ملائمة لها وكل ذلك غير متوفر، والأسواق لا يوجد بها شيء، وانتهى بنا المطاف لنعيش في حاصل صغير مع 20 شخصا، ولا أعرف أي معلومات عن زوجي أو باقي أهلي.

ووفق آخر تحديث للجهات الحكومية في غزة، صباح 22/12/2023، ارتفعت حصيلة الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 20.057 شهيد، بينهم 8 آلاف طفل، و6200 سيدة، وأكثر من 53 ألف مصاب، 70% منهم من فئة الأطفال والنساء، وفق وزارة الصحة.

وتؤكد طواقمنا، أن العدد الفعلي للشهداء بمن فيهم الإناث هو أكبر بكثير من الرقم المعلن من وزارة الصحة؛ بالنظر لوجود أعداد كبيرة من الضحايا تحت الأنقاض أو في الشوارع، وفي الكثير من الحالات يضطر الأهالي لدفنهم في الشوارع وقرب المنازل المدمرة والأسواق، لتعذر نقلهم للمشافي خاصة في غزة وشمالها.

وأمام كل ذلك، نطالب المؤسسات النسوية في العالم، إلى التحرك الجدي والسريع لمساعدة النساء في فلسطين وتلبية احتياجاتهن الأساسية، والضغط من أجل وقف الهجوم الإسرائيلي باعتبار ذلك المدخل الحقيقي لإنهاء المأساة التي تواجهها النساء وعموم المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة.

 وتطالب مؤسساتنا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالتسريع في اتخاذ إجراءات عملية لإنجاز التحقيق في الجرائم المرتكبة على إقليم دولة فلسطين، بما فيها جرائم القتل الجماعي ضد المدنيين وضمنهم النساء والأطفال، وإظهار الحقيقة والمضي بالخطوات اللاحقة، وخصوصًا، أن الضحايا في فلسطين طال انتظارهم للعدالة والانصاف.

ونجدد مطالبتنا المجتمع الدولي بالتحرك الجاد والفوري لوقف الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، وإلزام إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال التوقف عن سياسة استهداف المدنيين والأعيان المدنية كأداة انتقام وعقاب وضغط سياسي، واتخاذ إجراءات فعالة لضمان المساءلة على جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي اقترفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة.

ونجدد مطالبتنا للمجتمع الدولي ضمان إنهاء الاحتلال وتفكيك الاستعمار الاستيطاني ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وإلغاء جميع القوانين والسياسات والممارسات التمييزية واللاإنسانية ضد الشعب الفلسطيني بأكمله، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير دون قيد أو شرط .

  1. أخبار الأونروا – من مدير عمليات الأونروا في غزة: أصدرت السلطات… | Facebook ↩︎
  2. الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني | أوضاع السكان في فلسطين بمناسبة اليوم العالمي للسكان، 11/07/2023. (pcbs.gov.ps) ↩︎
  3. الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني | الاحصاء الفلسطيني يصدر بياناً صحفياً بعنوان: “اطفال ونساء قطاع غزة يواجهون كارثة انسانية غير مسبوقة” (pcbs.gov.ps) ↩︎
  4. بيان من اليونيسف حول خطر المجاعة في قطاع غزة (unicef.org) ↩︎