سبتمبر 3, 2003
المعاقون الفلسطينيون ضمن دائرة استهداف قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي أيضاً خلال الفترة بين 29/9/2000-15/8/2003
مشاركة
المعاقون الفلسطينيون ضمن دائرة استهداف قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي أيضاً خلال الفترة بين 29/9/2000-15/8/2003

مقدمة

 في التاسع والعشرين من أيلول/سبتمبر 2000، اندلعت انتفاضة الأقصى في كافة مدن وقرى ومخيمات الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير، اقترفت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي انتهاكات جسيمة وواسعة النطاق شملت كافة السكان المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم.  وشكلت هذه الانتهاكات جرائم حرب بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.  كما تميزت هذه الانتهاكات الجسيمة والخطرة، وجرائم الحرب التي مورست بحق الفلسطينيين بأنها كانت دائماً منظمة ومخططة وممنهجة، ونطاقها شامل لحقوق الشعب الفلسطيني المدنية والسياسية، فضلا عن حقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.  كرست قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي ومجموعات مستوطنيه، وبقرارات سياسية عليا، شكلا جديداً، وغير مألوف، في التعاطي مع الأحداث اليومية لانتفاضة الأقصى. حيث عمدت إلى استخدام سياسات عسكرية تؤدي إلى وقوع أضرار شاملة وكلية في الأرواح والممتلكات الفلسطينية على حد سواء.

 لقد مست جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة، التي اقترفتها قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي، حياة كل مواطن فلسطيني دون استثناء، بمن فيهم الفلسطينيين الذين يعانون من إعاقات مختلفة حركية وعقلية وسمعية و بصرية.  واستخدمت القوات المحتلة في عدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني الأعزل مختلف أسلحة الدمار والقتل كالطائرات الحربية المقاتلة، والدبابات المدرعة، والأسلحة الأتوماتيكية.  ووفقاً للتحقيقات الميدانية في مئات الحالات من قبل المركز الفلسطيني وغيره من منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والدولية، فإن قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي لم تراع مبادئ القانون الدولي الإنساني في التعامل مع المدنيين الفلسطينيين، خاصة مبدأي التناسب والتمييز.  ويأتي مبدأ التمييز كمقيد لمبدأ الضرورة الحربية، حيث أن وجود الضرورة الحربية، لا ينفي ضرورة أن تتناسب الأعمال العسكرية والأساليب المستخدمة مع الأهداف العسكرية المرجو تحقيقها، لذا فإنه يجب أن تبقى محظورة تلك الأعمال التي قد ينتج عنها خسائر في الأرواح والممتلكات، التي ليست لها علاقة بالعمليات أو بالنتائج المتوقع تحقيقها.  كما يجب على قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي أن تميز بين الأهداف المدنية وغيرها من الأهداف، وكذلك التمييز في استخدام القوة، من حيث الأساليب أو الأسلحة المستخدمة، بما يضمن إحداث أقل أضرار ومعاناة ممكنة.

إن عدم التزام قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي بمبادئ القانون الدولي الإنساني، أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، وكذلك الاعتداءات على الممتلكات.  وفي كثير من الأحيان كانت الاعتداءات على المدنيين أعمال مقصودة ومتعمدة.

 عدا عن ذلك، فرضت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي حصاراً شاملاً على معظم الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعزلت المدن والقرى الفلسطينية عن بعضها عزلاً تاماً، لتعيد إلى الذاكرة الإنسانية نظام الفصل العنصري ” الأبرتايد” في جنوب أفريقيا، والذي عفا عليه الزمن ورفضه المجتمع الدولي وتضافرت جهوده حتى تم القضاء عليه.  وتتم هذه الإجراءات التمييزية في وقت تعجز فيه آليات الأمم المتحدة، بكافة أجسامها، عن وقف انتهاكات قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي لحقوق الشعب الفلسطيني.  

 لقد طالت الاعتداءات التي تقوم بها قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي، كافة فئات الشعب الفلسطيني، من أطفال ونساء وشيوخ. كما شملت هذه الاعتداءات، الممتلكات المدنية، والمباني الرسمية ومؤسسات ومدارس ومصانع ومحلات تجارية. عدا عن تجريف الأراضي وهدم المنازل وتخريب في البنية التحتية.  وعلى الرغم من أن المعاقين لم يكونوا مستهدفون بصورة مباشرة أو غير مباشرة، إلا أن هذه الفئة الضعيفة ومؤسساتها كانت ضحية لجرائم الاحتلال الحربي الإسرائيلي، وذلك نظراً لعدم التزام قوات الاحتلال بقواعد القانون الدولي الإنساني.

 يسلط هذا التقرير الضوء على جرائم الاحتلال الحربي الإسرائيلي التي ارتكبها بحق المعاقين وذلك منذ بداية انتفاضة الأقصى وحتى تاريخ 15/8/2003. ويغطي كافة الاعتداءات عليهم وعلى مؤسساتهم، بما فيها تلك التي تشكل انتهاكات ذات علاقة بهم، أو تلك الناجمة عن جملة الاعتداءات على المدنيين بمن فيهم المعاقين.  فوفقاً لتحقيقات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فإن كثيراً من الجرائم ضد المعاقين ارتكبت عمداً ومع إدراك مسبق بحالة الشخص المعاق، حيث أطلقت النار على المعاق بشكل مباشر وهو في وضع ظاهر بأنه معاق.  وفي أحيان أخرى كان المعاقون ضحايا استخدام مفرط للقوة، شأنهم في ذلك شان غيرهم من المدنيين.  وفي أحيان أخرى لم يتمكن المعاقون من تجنب الخطر بسبب إعاقتهم.

 عدا عن ذلك لم تسلم مؤسسات المعاقين من اعتداءات قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي، حيث تضررت عدد من هذه المؤسسات جراء قصف مقرات أمنية تقع قرب هذه المؤسسات، وفي أحيان أخرى يتم مداهمة هذه المؤسسات والعبث بمحتوياتها وتخريب أثاثها.

 الاعتداءات التي نفذتها قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي ضد المعاقين الفلسطينيين شملت انتهاكات جسيمة لحقهم في الحياة والأمن والسلامة الشخصية، ومست بحقهم في حرية التنقل الآمن في داخل بلادهم.  كما طالت انتهاك حقهم في الملكية وحقهم في التعليم والتأهيل والدمج في مجتمعهم.

 رصد التقرير استشهاد (55) معاقاً فلسطينياً على أيدي قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كان آخر هم المواطن سعيد عبد العزيز البهداري من محافظة رفح الذي قتل بتاريخ 21/6/2003.  وضمن سياسة الاغتيال المعلنة والرسمية التي تمارسها تلك القوات بحق الفلسطينيين، سقط ثلاثة معاقين فلسطينيين تم اغتيالهم على أيدي القوات الحربية المحتلة وبطرق مختلفة.  كما أصيب العشرات من المعاقين الفلسطينيين، على اختلاف أنواع إعاقاتهم، بإصابات مختلفة، وذلك جراء إطلاق قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي نيران أسلحتهم وقذائف دباباتهم.  كما اعتقلت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي العشرات أيضاً منهم وكانوا عرضة للتعذيب والابتزاز والاعتداء من قبل جنود الاحتلال أثناء اعتقالهم أو أثناء التحقيق معهم، دون أدنى مراعاة لظروفهم الصحية والنفسية. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *