نوفمبر 5, 2024
المركز يدين هجوم المستوطنين على بلدتين وإحراق 19 مركبة في رام الله
مشاركة
المركز يدين هجوم المستوطنين على بلدتين وإحراق 19 مركبة في رام الله

عنف يتصاعد برعاية دولة الاحتلال

المركز يدين هجوم المستوطنين على بلدتين وإحراق 19 مركبة في رام الله

يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بأشد العبارات هجوم مستوطنين إسرائيليين مسلحين على بلدتين في رام الله وسط الضفة الغربية، وإحراقهم 19 مركبة، بعد شهر شنوا فيه أكثر من 180 اعتداءً تركز أغلبها على قاطفي الزيتون، في تصعيد خطير للعنف الذي ترعاه حكومة الاحتلال الإسرائيلي في عموم الضفة الغربية.

وتأتي هذا الجرائم في سياق واسع من أعمال عنف يرتكبها مستوطنون بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهي تتكرر بسبب سياسة الإفلات من العقاب، والحماية التي يحظى بها المستوطنون، في دولة الاحتلال، ضمن سياسة أوسع نطاقاً تستهدف الإحلال والتغيير الديمغرافي والإبقاء على سيطرة إسرائيل وهيمنتها على الضفة الغربية واستكمال مخطط التطهير العرقي للفلسطينيين.

ووفق إفادات شهود العيان والمعلومات التي توفرت لطاقم المركز، فعند حوالي الساعة 03:15 فجر الاثنين الموافق 4 نوفمبر الجاري، نفذت مجموعة من مستوطنين انطلاقاً من مستوطنة “جيفعات أساف” المقامة على أراضي محافظتي رام الله والبيرة، هجوماً على حي سكني في المنطقة الصناعية شرق مدينة البيرة شمال محافظة رام الله، وأضرموا النار في 18 مركبة فلسطينية قانونية كانت مركونة في مواقف بنايات الحي، ما تسبب ذلك في احداث أضرار جسيمة لجدران البنايات السكنية ونوافذها.

ووفقًا لشهود عيان ومعاينة كاميرات المراقبة في المنطقة، تبيّن أن المستوطنين استخدموا مواد قابلة للاشتعال، سكبوها على المركبات الفلسطينية قبل إشعال النيران فيها، بينما كان السكان نائمين داخل منازلهم. واستيقظ المواطنون مفزوعين على روائح الدخان الكثيف ورائحة الحريق التي تسللت عبر نوافذ منازلهم.

وأفاد المواطن فتحي عيسى محمد أبو زينة لباحثة المركز بما يلي

أسكن في شقة في عمارة الشفاء الواقعة شرق المنطقة الصناعية بمدينة البيرة. أعيش هنا مع زوجتي وأطفالي الثلاثة: عيسى (8 سنوات)، وكندة (6 سنوات)، وكرمل (عام ونصف). في حوالي الساعة 3:15 فجر الاثنين، بينما كنا نيام، جاء ابني عيسى مسرعًا إلى غرفتي وقال: “بابا، هناك سيارة محروقة في الموقف!” استيقظت بسرعة وذهبت إلى النافذة، فرأيت بالفعل سيارتين تشتعلان: إحداهما حمراء اللون تابعة للبعثة الطبية الأردنية، والأخرى سيارة جيب شيروكي تخص المحامي محمد عمرو. نزلت مسرعًا من الشقة باتجاه الموقف، وعند خروجي من باب العمارة الرئيسي المتصل بالموقف، شاهدت شخصًا ينسحب من المكان باتجاه الشارع الرئيسي. بدا لي أنه مستوطن، كان يرتدي بلوزة بغطاء رأس، وأعتقد أن لونها كان رماديًا، لكن لم أتمكن من التحقق جيدًا بسبب الظلام وألسنة اللهب وحالة الخوف والارتباك. رأيته يهرب باتجاه الشارع، حيث انضم إلى مجموعة من المستوطنين، عددهم أربعة تقريبًا، كانوا يركضون في اتجاه شارع آخر قريب من منطقة تُعرف باسم الشعب. بدأنا بإطفاء النيران بأنفسنا باستخدام الماء وطفايات الحريق المتوفرة في العمارة، واتصلنا بالدفاع المدني الذي وصل بعد نصف ساعة تقريبًا. لاحظت أن المستوطنين قد وضعوا مادة لزجة شفافة على السيارات المحترقة، ويبدو أنها مادة شديدة الاشتعال، مما جعل النيران تشتعل بقوة كبيرة. دخل الدخان إلى منزلي واضطررت لشطفه عدة مرات لتقليل آثاره. تسبب هذا الاعتداء بحالة من الهلع بين أطفالي؛ فكان عيسى وكندة وكرمل يبكون من شدة الخوف. هذه هي المرة الرابعة التي يعتدي فيها المستوطنون على حيّنا. في المرات السابقة كانت الاعتداءات أخف، اقتصرت على كتابة شعارات عنصرية وإعطاب إطارات السيارات. أما هذه المرة، فالاعتداء كان كبيرًا، حيث تم إحراق 18 سيارة، الأمر الذي جعلني أفكر بجدية في مغادرة هذا المكان. أخشى أن يتكرر هذا الحدث مستقبلًا، وأن تتعرض حياتنا أو حياة أطفالنا للخطر.


كما أفاد المواطن إيهاب زهير سالم الزبن لباحثة المركز حول الجريمة بما يلي: 

أنا متزوج ولدي أربعة أطفال، وأقيم في عمارة النور الكائنة في حي قريطس شرق مدينة البيرة، وأسكن في الطابق الأول فوق طابق التسوية. العمارة بها 12 شقة ويقطنها حوالي 60 شخصًا بينهم أطفال. أملك سيارة من نوع هيونداي أكسنت موديل 2014، وعادةً ما أركنها بجانب العمارة. عند الساعة 3:15، فجر الاثنين كنت مستيقظًا في شقتي التي تطل على الشارع عندما شعرت بحركة غريبة في الخارج، حيث سمعت أصواتًا غير مألوفة. نظرت من النافذة وشاهدت بين ثمانية إلى عشرة أشخاص، ملثمين بملابسهم، وهم يسكبون مادة ما على سيارات سكان الحي المركونة في الشارع. وبعدها أشعلوا النار في تلك السيارات. أدركت

حينها أنهم مستوطنون، فتوجهت فورًا إلى مدخل العمارة حيث توجد لدينا مطفأة حريق، وأخذتها وبدأت أصرخ مناديًا على سكان العمارة للاستنفار والمساعدة. حين وصلت إلى المدخل ونظرت إلى الخارج، شاهدت المستوطنين وهم يتجهون إلى نهاية شارع الحي المعبد وبداية طريق ترابية تتجه شرقًا نحو جبال البيرة، حيث توجد بؤرة استيطانية تُعرف باسم “جبعات أساف”. وكما قلت، كان عددهم بين ثمانية إلى عشرة، وقد رأيتهم بوضوح وهم يسيرون في الطريق الترابية باتجاه الشرق. أنا وسكان العمارة حاولنا إخماد النيران التي كانت تلتهم السيارات باستخدام مطفأة الحريق والماء. واتصلنا أيضًا بالدفاع المدني الفلسطيني لطلب المساعدة، لكنه تأخر حوالي 40 دقيقة. عملية إخماد النيران استغرقت منا قرابة الساعة بسبب اشتعال عدد كبير من السيارات، حيث تضررت حوالي 18 سيارة، معظمها كانت مركونة في شارع الحي، وجزء آخر في شارع قريب. ونظرًا لكون السيارات المحترقة كانت مركونة بجانب عمارتنا، امتدت النيران والدخان إلى واجهة العمارة، مما تسبب بأضرار للنوافذ والحجارة، لكن لحسن الحظ لم تمتد النيران إلى داخل الشقق، حيث نجحنا في السيطرة على الحريق وإخماده قبل أن يصل.

ووفق المعلومات التي تلقاها طاقم المركز، حول الهجوم الثاني، فعند حوالي الساعة 3:20 فجر يوم الاثنين نفسه، نفذت مجموعة أخرى من المستوطنين انطلاقا من البؤر الاستيطانية المقامة على أراضي بلدة دير دبوان، هجوماً على البلدة المذكورة شرق محافظة رام الله، وأضرموا النار في مركبة من نوع هونداي كونا 2020 للمواطن نزيه داود إبراهيم عبد الهادي،49 عاماً. وأسفر ذلك عن احتراق المركبة بالكامل، مخلفًا خسائر مادية كبيرة للمواطن المذكور. ولحظة اشتعال النيران في المركبة، هبّ أهالي البلدة للتصدي للمستوطنين، مما أجبرهم على التراجع والانسحاب بسرعة، حيث لاذوا بالفرار عائدين إلى بؤرهم الاستيطانية المقامة هناك.

وخلال شهر أكتوبر الماضي، نفذ المستوطنون 180 اعتداءً على القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، كان أعنفها على المواطنين الذين يقطفون ثمار زيتونهم في محافظات الضفة الغربية، حيث أصيب العديد منهم. كما سلب مستوطنون الزيتون ومعدات قطف الزيتون. وأسفرت هذه الاعتداءات عن إصابة 6 مواطنين بالرصاص، والاعتداء على 66 مواطنا منهم 3 أطفال و7 نساء بوسائل مختلفة بالعصي وآلات حادة وحجارة، وإحراق 3 منازل و5 مركبات خاصة وتهشيم نوافذ 16 مركبة ومهاجمة 14 منزلا، وسلب تجهيزات مسجد في خربة طانا شرقي محافظة نابلس، وسلب معدات زراعية و217 رأس غنم في قرية كفر نعمة بمحافظة رام الله وعقربا جنوب شرقي محافظة نابلس. كما اقتلع المستوطنون 545 شجرة زيتون في مناطق الضفة الغربية وأحرقوا عشرات الدونمات من أراضي المزارعين.

ومنذ بداية العام، وحتى نهاية الشهر الماضي، وثق المركز، 806 اعتداء نفذها مستوطنون، أسفرت عن مقتل 5 مواطنين، أحدهم طفل، وإصابة 81 آخرين، وتخللها الاعتداء على 134 مواطنًا، وإحراق وإلحاق أضرار بعشرات المنازل والمركبات، فضلا حرق مئات الدونمات، وتهجير عشرات العائلات.

وإذ يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عنف المستوطنين فإنه يشير إلى أن غالبيتها يجري بحماية من قوات الاحتلال التي تتدخل لتأمين المستوطنين خلال تنفيذ هجماتهم وانسحابهم لاحقًا، وتقمع الفلسطينيين الذين يحاولون حماية أنفسهم، وتتجنب غالبا فتح أي شكوى أو تحقيق جدي في أي اعتداء.

ويدعو المركز المجتمع الدولي والهيئات الأممية لتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، والتدخل الفاعل لوقف جرائم قوات الاحتلال والمستوطنين ضد الفلسطينيين، والعمل على توفير الحماية لهم.

مواضيع أخرى