يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، بأشد العبارات، استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي في تصعيد عدوانها على مخيم نور شمس وطولكرم شرقي مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية عبر الاجتياح الواسع للمخيمين منذ 15 يوماً وشن الغارات الجوية وإطلاق النار، التي كان آخر ضحاياها مقتل امرأتين في حادثين منفصلين إحداهما حامل في شهرها التاسع، وأصيب معها زوجها بجراح بالغة الخطورة.
يأتي هذا التطور مع استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي في هجومها العسكري الواسع على جنين ومخيمها وبلداتها منذ 21 يناير 2025 وطولكرم منذ 27 يناير 2025، وطوباس منذ 2 فبراير 2025، وتصعيد في العدوان في عموم الضفة منذ بداية العام، وهو ما أسفر عن مقتل 47 فلسطينيّا، بينهم 20 مدنيًّا منهم 5 أطفال، وامرأتان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية إلى جانب إصابة واعتقال مئات آخرين. كما تسبب العدوان بتدمير عشرات المنازل والبنى التحتية بتهجير قرابة 30 ألف فلسطيني عن منازلهم قسرًا.
ووفق المعلومات التي توفرت لباحثة المركز، حول الحادثة الأولى، ففي حوالي الساعة 04:15 فجر يوم الأحد الموافق 9/2/2025 وفي أعقاب توسيع قوات الاحتلال عدوانها على مخيم نور شمس شرقي طولكرم، استقل المواطن يزن الشعلة برفقته زوجته سندس جمال محمد شلبي، 23 عاما وهي حامل في الشهر التاسع، مركبتهم الخاصة من أمام منزلهم في حي المنشية وسلكوا الطريق التي تصل إلى جبل النصر على أطراف المخيم. لدى وصول المركبة جبل النصر استهدفتها قوات الاحتلال التي كانت تكمن في المنطقة بوابل من الرصاص. أسفر ذلك عن إصابة المواطنة سندس، وزوجها يزن في الجزء العلوي من الجسم (الصدر والبطن). وبسبب تقييد قوات الاحتلال حرية حركة مركبات الإسعاف والمسعفين وإعاقتهم تأخر نقل الزوجين الجريحين حوالي ساعة، قبل نقلهما إلى مستشفى ثابت ثابت في طولكرم، وهناك أعلن رسميًّا عن وفاة المواطنة سندس مع جنينها بعد تعذر إنقاذه لتأخر نقلها بسبب عراقيل الاحتلال والتفتيش على الحواجز، علمًا أن الأم كانت في الأيام الأخيرة للولادة قبل إصابتها، فيما وصفت إصابة زوجها بأنها حرجة.
وأفادت المواطنة ندى فيصل أحمد قزلي عبر الهاتف لباحثة المركز بما يلي:
“استيقظنا على صوت الانفجارات التي تجري في الجبل، ثم سمعنا صوات إطلاق نار كثيف أمام منزلنا، ولم نستطيع تحديد صوت إطلاق النار أو الهدف منه. بعد دقائق قليلة سمعنا صوت استغاثة من قرب المنزل، وحينها كان قد توقف صوت إطلاق الرصاص، وعم الهدوء محيط المنزل والشارع. بالرغم من الخوف الذي اكتنفنا، خرج والدي من المنزل لتقديم المساعدة للمستغيث، ونحن خرجنا خلفه. شاهدت فتاه حامل في شهرها التاسع أعرفها جيداً وهي متزوجه منذ عام من المواطن يزن الشعلة من سكان المخيم، وكانت مصابة بالرصاص وفاقدة للعلامات الحيوية، لكن زوجها كان يستغيث وواضح أن إصابته في الجزء العلوي من جسمه. اتصل والدي بالإسعاف الفلسطيني، الذي أخذ وقتًا حتى حضر وأخذ جثمان سندس جمال الشلبي، 22عاماً وكنت أعرف أنها في أيامها الأخيرة للولادة، وكنت على اتصال سابق بهم، وأنهم يريدون النزوح من حارتهم في المنشية خوفاً من اشتداد الحصار وخوفاً من ألاّ يستطيع إخراج زوجته للولادة في مستشفيات المدينة. كان يزن وزوجته قد حضروا ملابس طفلهم البكر وحضروا أيضاً له اسماً، لكن الاحتلال قتل الأم والجنين قبل أن يرى النور”.
ووفق المعلومات التي توفرت لباحثة المركز، عن الحادثة الثانية، فعند حوالي الساعة 12:30 من اليوم نفسه، قصفت قوات الاحتلال بقذائف الأنيرجا منزلاً في جبل النصر. أسفر ذلك عن إصابة المواطنة رهف فؤاد عبد الله الأشقر، 22 عامًا بشظايا في الرأس ما أدى إلى مقتلها على الفور، وإصابة والدها بجراح متوسطة وهم في منزلهم المجاور للمنزل المستهدف.
يذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل منذ 27 يناير 2025، هجومها البري الواسع على مدينة طولكرم ومخيميها طولكرم ونور شمس شرقي المدينة، وسط تحليق جوي كثيف للطيران الحربي الإسرائيلي فوق سماء المنطقة. وشهدت مناطق التوغل الإسرائيلي خاصة مخيم طولكرم، حالات نزوح واسعة للعائلات، فيما تقوم جرافات الاحتلال بهدم وتدمير عشرات المنازل والمنشآت المدنية، إضافة الى حرق منازل أخرى، ناهيك عن اعتقال عشرات الشبان من داخل المخيم، وسط انقطاع كامل للتيار الكهربائي في المخيين.
يحذر المركز مجدداً من حالة التصعيد المستمر من قوات الاحتلال الإسرائيلي في مختلف أنحاء الضفة الغربية، بما في ذلك الاستمرار في جرائم القتل والاستخدام المفرط للقوة التي تقترفها قوات الاحتلال في الأرض الفلسطينية المحتلة، بالتوازي مع الهجمة الاستيطانية المحمومة والعنف المستمر للمستوطنين برعاية ودعم قوات الاحتلال. ويكرر دعوته المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي وحماية المدنيين الفلسطينيين، والخروج من دائرة الصمت التي تشجع الاحتلال على اقتراف المزيد من الجرائم.
ويذكر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بقرار محكمة العدل الدولية في أغسطس 2024 بعدم قانونية الاحتلال وكل ممارساته في الأرض الفلسطينية المحتلة، وأن استمرار الاحتلال غير القانوني واستمرار التنكر للحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف هو جذر المشكلة الأساس لاستمرار التصعيد وتدهور الأوضاع. وبناء على ذلك يطالب المركز المجتمع الدولي بالعمل على التوصيات الصادرة عن المحكمة واتخاذ كل الإجراءات لإنهاء هذا الاحتلال غير القانوني ووقف ازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي.