يناير 2, 2025
المركز يدعو السلطة الوطنية الفلسطينية للتراجع عن قرار وقف بث قناة الجزيرة واحترام التزامات فلسطين الدولية
مشاركة
المركز يدعو السلطة الوطنية الفلسطينية للتراجع عن قرار وقف بث قناة الجزيرة واحترام التزامات فلسطين الدولية

يدعو المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان السلطة الوطنية الفلسطينية للتراجع عن قرار وقف بث قناة الجزيرة وتجميد أعمال مكتبها في فلسطين، والذي يأتي في ذيل سلسلة من الإجراءات والقرارات التي اتخذتها مؤخراً تمس بالحق في حرية التعبير المكفول بموجب القانون الأساسي، وخلافاً لالتزامات دولة فلسطين بصفتها طرفاً متعاقداً على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

ووفقاً للمعلومات المتوفرة للمركز، فقد أصدر النائب العام الفلسطيني، المستشار أكرم الخطيب، يوم أمس الأربعاء الموافق 01 يناير 2025  قراراً بوقف بث قناة الجزيرة وتجميد أعمال مكتبها وعامليها في فلسطين، والطواقم والقنوات التابعة لها بشكل مؤقت لحين تصويب أوضاعها، بدعوى مخالفتها القوانين والانظمة المعمول بها في فلسطين. ويأتي هذا القرار في ضوء كتاب من وزير الثقافة الفلسطيني، يستند إلى قرار صادر من اللجنة الثلاثية المختصة بترخيص المحطات الإذاعية والتلفزيونية الأرضية والفضائية، وهي لجنة وزارية مختصة مشكلة من وزارات الثقافة والداخلية والاتصالات.  

ووفقاً لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، فقد “جاء هذا القرار إثر إصرار الجزيرة على بث مواد تحريضية وتقارير تتسم بالتضليل وإثارة الفتنة والعبث والتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية.”1

وسبق ذلك بأيام عدد من القرارات صدرت عن محافظين في الضفة الغربية بحظر القيام بأي أفعال أو أقوال عبر منصات التواصل الاجتماعي أو المنابر أو أي وسيلة أخرى من شأنها إثارة الفتن أو تؤثر على الطمأنينة وتخل بالأمن العام، ووقف كافة أشكال التحريض ضد السلطة وأجهزتها الأمنية والمدنية.

وتأتي هذه القرارات في أعقاب سلسلة من الأحداث والتطورات التي تشهدها الضفة الغربية، خاصة في مخيم جنين، شمال الضفة الغربية، الذي يشهد من أسابيع اشتباكات بين مسلحين فلسطينيين وقوات الأمن الفلسطينية.  وفي خضم تلك الاحداث، أصدرت حركة فتح، إقليم جنين بياناً بتاريخ 24 ديسمبر 2024، أكدت خلاله على منع قناة الجزيرة من دخول المدينة، بدعوى “بث الفتنة والتحريض على الاقتتال الداخلي.”

ينظر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان لهذه الإجراءات والقرارات بقلق عميق ويطالب بوقفها على الفور، ويرى فيها تضييقاً غير مبرراً على الحريات وتكريساً لسياسة كم الأفواه، وانتهاكاً للحقوق المكفولة دستورياً ومخالفة لالتزامات فلسطين الدولية.

ويشدد المركز على أهمية صيانة الحق في حرية الرأي والحق في حرية التعبير باعتبارهما “يشكلان حجر الزاوية لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية،” كما أكد على ذلك التعليق العام 34 2 الصادر عن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في العام 2011.  ووضح التعليق العام أن “لا غنى لأي مجتمع عن الصحافة أو غيرها من وسائط الإعلام التي تكون حرة وغير خاضعة للرقابة وتعمل بدون عراقيل وذلك لضمان حرية الرأي وحرية التعبير والتمتع بالحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهد.”

ومع الإقرار بأن حرية التعبير ليست مطلقة، حسب المادة 19 الفقرة (3) من العهد الدولي، لكن القيود عليها محددة وواضحة بهدف حماية حقوق الآخرين أو المصالح العامة، مثل حماية الأمن العام، أو النظام العام، أو الصحة العامة أو الآداب العامة.  حتى وإن فرضت الدولة قيودا فلا يجب أن يعرض الحق نفسه للخطر.

وينطوي القانون الفلسطيني على إشكالية واضحة تتعلق بضبابية التفسير وغياب تعريفات دقيقة لبعض المصطلحات والمسميات فيما يتعلق بمفاهيم التحريض، قد تستخدم في كثير من الأحيان لتقييد حرية الرأي والتعبير.  كما أنه مازالت بعض القوانين السارية تقيد حرية التعبير، خلافا لالتزامات فلسطين الدولية بها الخصوص.

وفي ملاحظاتها الختامية على التقرير المقدم من دولة فلسطين،3 الصادرة في أغسطس 2023، طالبت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فلسطين بتعديل القوانين الفلسطينية، بما فيها قانون العقوبات، بما يتماثل مع المادة 19 من العهد الدولي، مع الأخذ في الحسبان ما يتضمنه التعليق العام 34.

يشار أن قناة الجزيرة ممنوعة من العمل منذ أشهر في الضفة الغربية بموجب قرار عسكري إسرائيلي، بدعوى التحريض على سلطات الاحتلال.  واقتحمت قوة من جيش الاحتلال مقر القناة في رام الله بتاريخ 22 سبتمبر 2024، وسلمت القائمين على المكتب قراراً بإغلاق المكتب ومنع الصحفيين التابعين لها بالعمل في الضفة الغربية.

في ضوء ذلك، يؤكد المركز أن قرار وقف بث قناة الجزيرة وتجميد كافة أعمالها في الضفة الغربية هو شكل صارخ من أشكال التعدي على الحق في حرية التعبير والحريات الصحفية، ويدعو السلطة الوطنية الفلسطينية للتراجع عنه وعن كافة الإجراءات المقيدة لحرية التعبير، واحترام التزامات فلسطين بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

كما يؤكد المركز على ضرورة توفير الحماية للصحفيين ووسائل الإعلام واتخاذ تدابير لتمكينهم من أداء عملهم بحرية.

  1. https://www.wafa.ps/pages/details/111057 ↩︎
  2. https://digitallibrary.un.org/record/715606?ln=ar&v=pdf#files ↩︎
  3. https://www.un.org/unispal/wp-content/uploads/2023/08/CCPR.C.PSE_.CO_.1_240823.pdf ↩︎