يناير 10, 2024
القصف يلاحقنا والبرد ينخر عظامنا
مشاركة
القصف يلاحقنا والبرد ينخر عظامنا

إيمان أحمد عبد الرؤوف العسولي، متزوجة وأم لثلاثة أطفال، سكان خانيونس البلد.

تلقى طاقم المركز الإفادة في 3/1/2024

منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في 7/10/2023، عشنا أجواء رعب وخوف خاصة أطفالي نتيجة كثافة الغارات والقصف الإسرائيلي، حيث لا تكاد تتوقف الغارات والانفجارات مع انقطاع التيار الكهربائي. 

أزمتنا الحقيقية بدأت في 12/10/2023، عندما قصفت طائرات الاحتلال منزل عائلة زوجي، وهو مكون من 4 طوابق، نسكن في الطابق الأخير منه، أنا وزوجي وأطفالنا الثلاثة، فيما يسكن في العمارة 3 عائلات من 11 فردًا. جاء القصف بعد أن جرى إنذارنا بالإخلاء مع أذان المغرب وطلبوا منا إخلاءه خلال 5 دقائق. أسرعنا لمغادرة المنزل دون أن نتمكن من أخذ شيء، علمًا أننا غادرنا أشبه بأعجوبة إذ أن أحد سكان المنزل فتاة من ذوي الإعاقة، من الارتباك لم نستطع أن نأخذ حتى أوراقنا الثبوتية، كنا نريد أن ننجو بحياتنا وننقذ أطفالنا. 

ذهبنا إلى منزل والدي أنا وزوجي وأهل زوجي، وذلك في منطقة السطر الغربي، وبقينا هناك حوالي شهر ونصف. كنا نعاني من القصف المتواصل في كل مكان وانقطاع الكهرباء ونقص المياه ومعاناة الحصول عليها وعلى الطعام مع نفاد كل شيء تقريبا من الأسواق. 

في 23/10/2023، جاءت صدمة أخرى، فقد قصفت طائرات الاحتلال منزل شقيقي محمد، ما أدى على استشهاده مع زوجته وأبنائه الأربعة، منهم 3 أطفال، ونجا له ابن واحد هو وابن شقيقتي الذي كان عندهم، ولكن كانت إصابات خطيرة لا يزالون يعانون منها للآن. 

وفي 24/11/2023، استشهدت ابنة شقيقتي حنين، 29 عاما، مع طفلها سليمان الأغا، بعدما قصف الاحتلال منزلهم، واستشهد معهم عدد من ذوي زوجها. كل يوم كنا نسمع عن قصف وشهداء من أقاربنا ومعارفنا، والحزن يؤلم قلوبنا، ونحن نحاول أن نتماسك، وننتظر لحظة استشهادنا. 

في 2/12/2023، ألقت قوات الاحتلال منشورات على منطقة نزوحنا عند والدي في السطر الغربي تطلب بإخلائها، فنزحنا مرة أخرى، وهذه المرة توجهنا إلى منطقه قيزان النجار جنوب خانيونس. كان الأمر صعبا أن تجد وسيل’مواصلات. في أول يوم ذهبنا مشيا على الأقدام إلى أن وصلنا الى منطقه البلد، وجدنا بصعوبة عربة كارو يجرها حمار، وكانت معاناتنا إضافية لوجود فتاه على كرسي متحرك وهي من ذوي الإعاقة، حتى وصلنا إلى منطقه قيزان النجار.

كان الخوف الحالة الغالبة على أكثر الناس لأنهم يخشون من قصف منازلهم ومن الصعب أن تجد من يستقبلك خاصة إذا علموا أن منزلك تعرض للقصف سابقا. جلسنا فترة في قيزان النجار وهي منطقة بعيدة عن الحاجات الضرورية للحياة، وكنا نجد صعوبة في الحصول على المياه والغذاء، وإن وجدناهم كانت الأسعار خيالية، ولكن ما كنا نبحث عنه هو الأمن والأمان فقط الذي كنا نفتقده نظرا لوجود حالات مرضية من أهل زوجي.

في 21/12/2023 عادت قوات الاحتلال وألقت منشورات تهجير تجاه منطقةقيزان النجار. كان الأمر أشبه بالكارثة لعدم وجود بديل نذهب إليه، لكن توجهنا إلى منطقه المواصي بدون أن يكون معنا أي مستلزمات. جلسنا في غرفة مخصصة لتربية الطيور وبتنا ليلتنا الأولى فيها.

في صباح اليوم التالي خرجنا من المكان إلى مزرعة أخرى في منطقة المواصي، وفيها أقارب لنا وعددهم كبير جدا، وتمكنا من جلب خيمة وضعناها في تلك المنطقة، وهي لا تكفي لاستيعاب عددنا. عندما يحل الليل يشتد البرد، وإذا كانت هناك امطار تزداد معاناتنا وتدخل علينا المياه. نفتقد إلى وجود حمام أو مياه إلاّ بصعوبة بالغة، كل عوامل النظافة الشخصية والاستحمام التي تعودنا عليها لم تعد موجودة.

هنا نعاني في الحصول على احتياجاتنا، لبعد المنطقة عن خانيونس البلد، ووسيلة مواصلاتها شبه معدومة حيث نضطر للذهاب لجلب أي أغراض أو مستلزمات من الطعام وغيره، علمًا أن ابنة عمي (والد زوجي) المريضة تحتاج إلى بامبرز نظرا لوجود إعاقة لديها، وهي تحتاج إلى مواد طبية وهي بالكاد نحصل عليها. 

خلال وجودنا هناك تلقينا بعض المساعدات من أهل الخير، ولكن بشكل عام الأمور صعبة، ولا يوجد أي شيء من مقومات الحياة، فلا كهرباء ولا ماء ولا طعام كافٍ، والبرد ينخر عظامنا وعظام أطفالنا، وفوق كل ذلك، هناك قصف مدفعي ومن الزوارق يصل إلينا. حلمنا الوحيد في هذه اللحظة أن نستمع إلى خبر وقف إطلاق النار لنحاول أن نعود إلى حياتنا التي تدمرت كل نواحيها.