المرجع: 133/2018
التاريخ: 15 ديسمبر 2018
التوقيت: 11:00 بتوقيت جرينتش
تشهد الضفة الغربية حالة تصعيد من قبل قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي ومستوطنيه هي الأشدّ عنفاً خلال العام الجاري. ففي غضون (48 ساعة) قتلت تلك القوات أربعة مواطنين فلسطينيين، أحدهم مسن، قتِل اثنان منهم خارج إطار القانون، وأصابت عشرات المدنيين بجراح خلال إفراطها في استخدام القوة المسلحة ضد المتظاهرين السلميين. وتشهد المدن الفلسطينية عمليات اقتحامات واسعة كان أبرزها الاقتحامات التي تتعرض لها مدينتا رام الله والبيرة، وفرض حصار خانق عليهما. ترافق ذلك مع زيادة وتيرة الاعتداءات التي يقترفها المستوطنون ضد المدنيين الفلسطينيين، وممتلكاتهم، وسط تصاعد دعوات التحريض من قبل القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين. المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، وإذْ يؤكد على استمرار قوات الاحتلال في انتهاج سياسة تنفيذ إعدامات خارج إطار القانون، والتي كانت قد بدأت بتنفيذها علناً فيما عُرِفَ بعملية (باص 300) بتاريخ 10/4/1984، والتي راح ضحيتها آنذاك أربعة فلسطينيين، فإنه يدين بأشدّ العبارات هذا التصعيد، ويحمّل سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عنه، وعن تداعياته. ويدعو المركزُ المجتمعَ الدوليَّ لتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، والتدخل الفاعل لوقف جرائم قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم، والعمل على توفير الحماية لهم.
واستناداً لتحقيقات المركز، كانت تلك الجرائم على النحو التالي:
في حوالي الساعة 7:30 مساء يوم الأربعاء الموافق 12/12/2018، تسللت مجموعة من “وحدة اليمام”، وهي إحدى حدات (المستعربين) في جيش الاحتلال الإسرائيلي، والتي يتشبّه أفرادها بالمدنيين الفلسطينيين ويُشْتَهَرُ عنها تنفيذ جرائم الإعدام خارج إطار القانون، إلى بلدة سردا، شمال مدينة رام الله. استخدم أفراد المجموعة سيارة باص من نوع مارسيدس، أبيض اللون، وقاموا باعتراض مركبة عمومية كان يقودها المواطن صالح عمر البرغوثي، 29 عاماً؛ عائداً من مدينة رام الله إلى قريته كوبر، شمال المدينة، وأطلقوا النار على المركبة من الجهة الأمامية، ثم ترجلوا من سيارتهم، وحاصروا سيارته، وأجبروه على النزول منها، وعصبوا عينيه، وقيدوا يديه، وأدخلوه إلى سيارتهم، واقتادوه معهم إلى جهة مجهولة. وحسب ما أفاد به شاهد عيان بأن المذكور لم يتم إصابته وكان سليماً لحظة اعتقاله، كما ذكر الشهود أنهم لم يشاهدوا آثار دماء داخل سيارته قبل أن تقوم قوات الاحتلال بمصادرتها. وفي حوالي الساعة 12:30 بعد منتصف الليل، نشر جهاز الشاباك الإسرائيلي، ووسائل الإعلام الإسرائيلية إعلان مقتل المواطن البرغوثي، ما يثير الشكوك حول تصفيته بعد اعتقاله.
في حوالي الساعة 1:30 فجر يوم الخميس الموافق 13/12/2018، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بأعداد كبيرة، مخيم عسكر الجديد للاجئين، شمال شرقي مدينة نابلس، وتمركزت في محيط مبنى تعود ملكيته للمواطن حسين محمد بشكار. اعتلى العديد من أفرادها أسطح البنايات المجاورة، وحاصروا المبنى المكون من ثلاث طبقات. وفي أعقاب ذلك سُمِعَت أصوات انفجارات وإطلاق نار كثيف في المكان. وفي حوالي الساعة 3:30 فجراً، أخرج جنود الاحتلال جثةً من الطابق الثاني في المبنى، وهي شقة فارغة، على حمالة مغطاة بغطاء داكن اللون. وفي وقت لاحق أعلنت تلك القوات أنها تمكنت من قتل المواطن أشرف وليد سليمان نعالوة، 23 عاماً، من سكان ضاحية شويكة في مدينة طولكرم، والذي تطارده منذ تاريخ 7/10/2018 على خلفية اتهامه بتنفيذ عملية إطلاق النار في منطقة (بركان) الصناعية، غرب مدينة سلفيت، وأسفرت في حينه عن مقتل مستوطنينِ وإصابة ثالث بجراح. وذكر شهود عيان أنهم لم يسمعوا ما يشير إلى حدوث تبادل لإطلاق النار في المبنى.
وفي حوالي الساعة 5:30 مساء اليوم المذكور أعلاه، كان المواطن حمدان توفيق العارضة، 60 عاماً، من بلدة عرابة، جنوب مدينة جنين، وسكان مدينة البيرة، يقود سيارته، وهي من نوع (فورد – جيب) سوداء اللون، في منطقة البيرة الصناعية، عائداً من عمله إلى منزله، حيث كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي تتمركز بآلياتها العسكرية هناك. وعند اقترابه بسيارته من آلياتها، فتح أحد جنودها النار تجاهه، وأصابه بعيارين ناريين بالرأس. منع جنود الاحتلال طواقم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني التي كانت تتواجد في المكان من إسعافه، وقاموا باعتقاله، ونقله إلى إحدى المستشفيات داخل إسرائيل. وفي حوالي الساعة 7:30 مساءاً، أعلن جيش الاحتلال عن وفاته، ونشرت بعض وسائل الإعلام العبرية على مواقعها ادعاءات بأنه حاول تنفيذ عملية دهس.
وفي حوالي الساعة 3:30 مساء يوم الجمعة الموافق 14/12/2018، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، معززة بعدة آليات عسكرية، مخيم الجلزون للاجئين، شمال مدينة رام الله، وتمركزت بجانب جدران مدرسة ذكور الجلزون الثانوية التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، المقامة على المدخل الرئيس للمخيم. تجمهر العشرات من الفتية والشبّان الفلسطينيين، ورشقوا الحجارة والزجاجات الفارغة والحارقة تجاه جنود الاحتلال الذين ردوا بإطلاق وابل كثيف من الأعيرة النارية، والأعيرة المعدنية المغلفة بطبقة رقيقة من المطاط، وقنابل الغاز والقنابل الصوتية تجاههم. وفي حوالي الساعة 4:20 مساءً، تقدم أحد الجنود بشكل فجائي، وشرع بإطلاق النار بشكل كثيف وعشوائي تجاه المتظاهرين من مسافة 50 متراً. أسفر ذلك عن إصابة الفتى محمود يوسف نخلة، 18 عاماً، بعيار ناري اخترق البطن، وسقط أرضاً وهو ينزف. نقل المصاب بواسطة سيارة إسعاف تابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إلى مجمع فلسطين الطبي في المدينة، وهو بحالة حرجة جداً. وفور وصوله تم إدخاله إلى غرفة العمليات لإجراء عملية جراحية له، وفي تمام الساعة 5:30 مساءاً، أُعلن عن وفاته. يشار إلى أن القتيل هو النجل الوحيد لعائلته المكونة من والده ووالدته فقط.
وفي الوقت الذي يدين فيه المركز بشدة هذه الجرائم التي تقدم دليلاً جديداً على استمرار قوات الاحتلال باستهتارها بأرواح الفلسطينيين، فإنه يدعو المركز المجتمع الدولي والهيئات الأممية للتدخل لوقف جرائم الاحتلال وانتهاكاته المتصاعدة، والعمل على توفير حماية دولية للفلسطينيين في الأرض المحتلة. ويجدد مطالبته للأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة الوفاء بالتزاماتها الواردة في المادة الأولى من الاتفاقية والتي تتعهد بموجبها بأن تحترم الاتفاقية وأن تكفل احترامها في جميع الأحوال، كذلك التزاماتها الواردة في المادة 146 من الاتفاقية بملاحقة المتهمين باقتراف مخالفات جسيمة للاتفاقية، علماً بأن هذه الانتهاكات تعد جرائم حرب وفقاً للمادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين وبموجب البروتوكول الإضافي الأول للاتفاقية في ضمان حق الحماية للمدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.