ديسمبر 4, 2024
الحرب ضاعفت مسؤولياتي وإصابتي فاقمت معاناتي
مشاركة
الحرب ضاعفت مسؤولياتي وإصابتي فاقمت معاناتي

هدي ابراهيم سليمان ابو حيدر، ٣٢ عاما، متزوجة وأم لـ 4 أطفال، سكان شمال غزة ونازحة حاليا في خانيونس.

تاريخ الإفادة:٢٢/١١/٢٠٢٤                                          

أنا متزوجة من توفيق محمد سليم ابو حيدر، ٣٧عاماً، وهو عامل، ولدينا 4 أطفال (بشير، ١٤ عاما، اسيل ١٣ عاما، هديل ٩ أعوام، هاني ٦ أعوام). أنا المعيلة لأسرتي حيث إن زوجي سافر خارج البلد. في حوالي الساعة السادسة صباح ٧/١٠/٢٠٢٣، كنت أساعد أبنائي بتجهيز أنفسهم للذهاب للمدرسة، وعندما سمعت أصوات الصواريخ والانفجارات والأصوات المرعبة، أدركت أنها بداية حرب وأن أياماً صعبة تنتظرنا.  لذلك لم أسمح لأبنائي الذهاب للمدرسة، ومكثت في البيت أنا وأبنائي حتي الساعة ٢:٠٠ بعد منتصف الليل، حيث كانت أصوات الصواريخ تزداد وكان هناك استهدافات في محيطنا من كل اتجاه. كل الجيران كانوا قد أخلوا من بداية اليوم لأننا نعتبر منطقة حدودية. حينها قررت النزوح، فقمنا بتجهيز بعض مستلزماتنا والأوراق الرسمية المهمة لي ولأبنائي، لأن زوجي مسافر خارج البلاد قبل بداية الحرب، واتجهنا في هذا الوقت المتأخر من الليل لبيت أحد أصدقاء شقيق زوجي، ونمنا تلك الليلة هناك. وفي الصباح توجهت أنا وأبنائي لمدرسة الشاطئ للبنين أ الموجودة في مخيم الشاطئ، حيث إن أهلي كانوا نازحين هناك، وبسبب اكتظاظ المدرسة بالنازحين لم أجد مكانا أمكث فيه، لذلك اضطررت للمكوث في الصف (الغرفة الصفية) الذي نزح فيه أهلي، وكنا حوالي ٥٠ شخصا داخل هذا الصف.

كان الوضع صعبا للغاية بسبب اكتظاظ النازحين، إضافة لشح المياه، فقد كان الشباب يذهبون للحارات المجاورة للمدرسة للبحث عن مياه ويقومون بنقلها لنا بالجرادل. في حوالي الساعة الثامنة مساء، بعد اسبوع من مكوثنا في المدرسة، بدأ القصف والخطر يقترب منا بشكل كبير. لذلك اضطررنا للنزوح، وخرجنا مشيا على الأقدام باتجاه الجنوب، واستمرينا بالمشي من المدرسة التي كنا فيها لمسافة كبيرة لا أعرف أين لأن الليل قد حل، ولا نعرف الطرق التي نمشي فيها. وبعد معاناة وجدنا عربة كارو ركبناها، وأنزلنا السائق في مدينة رفح وأخبرنا أنه يوجد في هذا الشارع الكثير من المدارس وبدأنا البحث عن مدرسة حتى وجدنا مدرسة الطائف في الحي السعودي، وكانت ممتلئة بالنازحين، وبعد بحث طويل وجدنا صفا تمكث فيه ٣ عائلات. كان الوضع سيئا جدا، ولم أتحمل البقاء بهذا الوضع، لذلك بعد أسبوع خرجت ومكثت تحت الدرج أنا وأولادي، وبقيت لمدة شهر على هذا الحال.

كانت المعاناة مضاعفة بالنسبة لي لأنني أعتبر الأم والأب يجب عليّ توفير جميع مستلزمات أبنائي من طعام وشراب وتوفير الحماية والبحث عن فراش لننام عليه لأننا حينما خرجنا لم أستطع حمل أي شيء. وبسبب البرد الشديد الذي بدأ يزداد كل يوم، بدأت أبحث عن أي صف نمكث فيه. وبعدها وجدت صفا فيه ٤ عائلات، ومكثت هناك لأن البرد قد اشتد وكثرت الأمراض والخوف على أولادي. بقيت هناك حتى بداية شهر مايو 2024، عندما بدأ جيش الاحتلال بالتهديدات بضرورة إخلاء مدينة رفح. لذلك خرجنا واتجهنا لمدينة خانيونس وتحديداً لمدينة حمد، في شارع جميل وادي، وهناك عملت خيمة نايلون لي ولأبنائي ومكثت هناك. وبدأت معاناة جديدة بكيفية تجهيز الخيمة من النايلون الذي لا يقي من الحر أو البرد ولا يستر من يمكث بداخله إضافة إلى معاناتي الكبرى بكيفية تأمين المال حتى أوفر احتياجات أطفالي في ظل الغلاء الكبير للأسعار. كنت كل يوم أخرج لتوفير المياه وتوفير الخبز لأبنائي، حتى أعلن جيش الاحتلال بدء عملية في مدينة حمد، لذلك خرجنا واتجهنا إلى غرب دير البلح عند موقع التلة، ومكثت عند أقاربنا في خيمة.

في حوالي الساعة ٧:٠٠ مساء ٢١/٨/٢٠٢٤، كنت أجلس أنا وأبنائي على باب الخيمة وإذ بطائرة كواد كابتر للاحتلال تطلق رشقات رصاص، وفجأة شعرت بشي يخترق جسمي، ونقلت بسيارة خاصة أنا و٥ مصابين، وفي منتصف الطريق وجدنا سيارة إسعاف، أخذتنا واتجهت بنا إلى مستشفى ناصر الطبي في خانيونس. بدأ الأطباء بعمل إسعافات أولية لي، وأوقفوا النزيف، حيث إن الرصاصة دخلت من كتفي واستقرت بجانب العمود الفقري، وحينها قرروا لي عملية جراحية لإخراج الرصاصة، وجهزوني للعملية ووضعوا البنج، وعندما كانوا متجهين بي إلى غرفة العمليات، تحركت الرصاصة ونزلت واستقرت تحت الصدر، وحينها أخرجوني من غرفة العمليات، بدون إجراء العملية على أساس أن الرصاصة نزلت في مكان غير حساس أو خطير، وأنني أستطيع التعايش معها، لذلك أخرجوني من المشفى. وبعد ٢٠ يوما كان وضعي الصحي يزداد سوءا، لذلك عدت مرة أخرى لمستشفى ناصر الطبي، وأجروا فحوصات لي، ووجدوا أن صدري ممتلئ بالدم والماء لذلك قرروا لي عملية تنظيفات لي في الصدر، وبعد ذلك قرروا لي عملية أخرى بعد أن يتحسن وضعي حتى يستطيعوا إخراج الرصاصة من جسدي لأنها أثرت عليه بشكل كبير.

نتيجة إصابتي، فقدت القدرة على المشي على قدمي اليسرى، وتتمثل المعاناة الأكبر بأني قد تركت أبنائي عند أهلي في الخيام، وكل نزوح قد نزحوه آخر فترة لم أشهده معهم، لأنني أمكث في المشفى، فأصبحوا الآن يعيشون مع أهلي بدون أم أو أب، ويجب عليهم الاعتماد على أنفسهم في كل شيء حتى استعيد قوتي وأرجع لمساندتهم وتوفير احتياجاتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *