ديسمبر 16, 2024
استهداف الصحفيين جزء لا يتجزأ من جريمة الإبادة الجماعية
مشاركة
استهداف الصحفيين جزء لا يتجزأ من جريمة الإبادة الجماعية

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف الصحفيين والصحفيات وقتلهم خلال هجومها العسكري الواسع وجريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها في قطاع غزة المستمرة منذ أكثر من 14 شهراً.  آخر هذه الاستهدافات كان مقتل ثلاثة صحفيين، بينهم صحفية خلال أقل من أسبوع، جراء استهدافهم بغارات جوية، أحدهم كان في مهمة عمل رسمية ويرتدي الزي الصحفي المميز.  وتمعن قوات الاحتلال في استهداف الصحفيين غير آبهة بإصدار محكمة الجنايات الدولية أمري اعتقال لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت، بعد توجيه اتهامات لهما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

ووفق المعطيات التي جمعها باحثو المركز، فقد استهدفت قوات الاحتلال مساء يوم أمس الأحد الموافق 15 ديسمبر 2024، موقعاً للدفاع المدني وسط السوق، بمخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، مما أسفر عن مقتل ثلاثة من رجال الدفاع المدني، إضافة إلى مقتل مصور قناة الجزيرة، الصحفي أحمد بكر اللوح (39 عاما)، بينما كان يقوم بتغطية أعمال فرق الدفاع المدني في انتشال الضحايا، وكان يرتدي الزي الصحفي المميز كالخوذة والسترة الصحفية. 

سبق ذلك بيوم، مقتل الصحفي الصحفي محمد بعلوشة، مراسل قناة المشهد، جراء استهداف منطقة الشيخ رضوان بمدينة غزة بتاريخ 14 ديسمبر 2024.  وكان الصحفي بعلوشة قد أصيب قبل نحو عام برصاص قناص اسرائيلي خلال عمله في مدينة غزة.

كما قتلت الصحفية ايمان الشنطي، 38 عاماً، وتعمل مذيعة في قناة الأقصى، وأطفالها الثلاثة، بتاريخ 12 ديسمبر 2024، جراء استهداف منزل أسرتها بمدينة غزة.

 ويرتفع عدد الصحفيين/ات الذين قتلوا على أيدي قوات الاحتلال منذ السابع من أكتوبر 2023، إلى (196) صحفياً، وفق المكتب الإعلامي الحكومي، وهو العدد الأعلى في العالم منذ بدء الإحصاء للقتلى الصحفيين في العام 1992.  بين هؤلاء القتلى (20) صحفية. وقتلت الغالبية العظمى من الصحفيين (191) خلال غارات جوية، سواء من الطائرات الحربية، وطائرات الاستطلاع، بينما قتل (4) آخرون جراء إطلاق النار عليهم من قناصة. العدد الأكبر من الشهداء الصحفيين قتلوا هم وعائلاتهم خلال عمليات استهدفت منازلهم.

 تسعى إسرائيل عبر قتل الصحفيين/ات إلى محاولة طمس الحقائق بسبب دورهم في بث جريمة الإبادة الجماعية مباشرة على الهواء ونقل الصورة حية للعالم.  “دولة إسرائيل هي العدو الأول للصحافة في العالم، وهي لا تريد أن يرى العالم الجرائم التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني، في وقت تمنع فيه الطواقم الصحفية الدولية من الوصول إلى غزة وتغطية حرب الإبادة، وكل ذلك في إطار عملية شاملة تمارس فيها الإبادة الجماعية ومجموعة جرائم دولية أخرى تحاول من خلالها ترسيخ نكبة ثانية ضد 2.3 مليون فلسطيني/ة في قطاع غزة منذ أكثر من عام،” عقب المحامي راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.

يرى المركز أن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يمعن في اتباع سياسة ممنهجة للقضاء على الصحافة في قطاع غزة، كجزء لا يتجزأ من جريمة الإبادة الجماعية، من خلال الاستهداف المباشر وعدم إعطاء أي اعتبار للشارة الصحفية، علماً أن هناك صحفيين قتلوا خلال ارتدائهم زي الصحافة المميز، ويباشرون أعمالهم، وفي مكان معروف لقوات الاحتلال.

 يؤكد المركز أن استهداف الصحفيين/ات جاء بهدف الاستفراد بالضحية وتغييب نقل وقائع الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال ضد المدنيات والمدنيين في قطاع غزة. ولذلك يطالب المجتمع الدولي بإدانة استهداف العاملين بالصحافة بشكل علني، والضغط على دولة الاحتلال لوقف استهدافهم بشكل فوري، والعمل دون تأخير على توفير حماية دولية للمدنيات والمدنيين بما فيهم للصحفيات والصحفيين في قطاع غزة.

يعيد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان التذكير بأن الصحفيين/ات يتمتعون بحماية خاصة بموجب القانون الدولي الإنساني شأنهم في ذلك شأن المدنيين/ات. فوفقًا للمادة 79 من البروتوكول الأول الملحق لاتفاقيات جنيف الأربع، والتي وصلت لمستوى القانون العرفي الدولي، “يعد الصحفيون الذين يباشرون مهمات مهنية خطرة في مناطق النزاعات المسلحة أشخاصاً مدنيين ضمن نطاق الفقرة الأولى من المادة 50”. كما يتمتع هؤلاء بحماية القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخصوصًا العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه دولة الاحتلال الإسرائيلي، وترفض الاعتراف بانطباقه على سكان الإقليم المحتل، تمامًا كما تنكر انطباق القانون الإنساني الدولي عليهم.

ويؤكد المركز أن القتل العمد للصحفيين/ات يعد جريمة حرب تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وفقًا للمادة 8 من نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة. كما يعد حرمانًا تعسفيًّا من الحياة وفقًا للمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويستوجب مساءلة مرتكبيه. كما ويعد استهداف الصحافة اعتداء على الحق في حرية الصحافة وحرية التعبير المكفولة وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وخصوصًا المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وسوف يواصل المركز عمله في ملاحقة كل من تورطوا في جرائم ضد الصحفيين والمدنيين من أبناء شعبنا ومحاسبتهم.