مع غياب أي موقف دولي جاد لإيقاف المجازر اليومية ضد المدنيين والمدنيات في قطاع غزة، صعدت قوات الاحتلال الإسرائيلي من وتيرة القتل الجماعي واستهداف خيام النازحين خاصة في المناطق الغربية لرفح جنوب القطاع.
وتنظر مؤسساتنا بخطورة جادة إلى المنحى التصعيدي الذي اتخذته إسرائيل في نمط هجماتها العسكرية، خاصة استهداف النازحين وخيامهم في رفح، في تحدٍ وإصرار على تجاهل قرارات محكمة العدل الدولية القاضية بإلزام إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية في المدينة الحدودية، وعدم الاكتراث بمطالبات المجتمع الدولي بوقف الهجمات.
تؤكد هذه التطورات الحاجة إلى تحرك فوري لوقف الجرائم المستمرة ضد المدنيين والمدنيات وإجراء تحقيق شامل في مجمل هذه الجرائم وصولا إلى ضمان المساءلة والمحاسبة عليها.
وضمن مجموعة أكبر من جرائم الاحتلال في قطاع غزة رصد باحثونا الجرائم التالية:
الثلاثاء 28 مايو/أيار:
15:00 مساءً، أطلقت قوات الاحتلال 4 قذائف نحو خيام النازحين قرب المستشفى الأمريكي الميداني شمال غرب رفح. أسفر ذلك عن استشهاد 21 فلسطينياً/ة، منهم 13 من الإناث وعدد من الأطفال، وإصابة آخرين بجروح.
واطلعت مؤسساتنا على مقاطع فيديو قاسية للضحايا والإصابات في اللحظات الأولى بعد القصف، حيث كان الضحايا ومنهم نساء مصابين داخل وقرب خيام النزوح المنصوبة على الرمال.
كرر الاحتلال الإسرائيلي في الآونة الأخيرة محاولة التنصل من جرائمه التي أثارت غضبا دوليا واسعا وادعى أنه “خلافًا للتقارير في الساعات الأخيرة لم يشن أي غارة في المنطقة الإنسانية في المواصي”. تؤكد مؤسساتنا ضرورة إجراء تحقيق دولي مستقل في هذه الجريمة ومجمل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة، بما يتطلبه ذلك إلزام الاحتلال بإدخال لجان التحقيق المختصة وعدم عرقلة عملها، وضمان عدم قيامه بتدمير الأدلة على الجرائم، وهو أمر سبق أن طالبت به محكمة العدل الدولية.
وفي الساعة 12:00 ظهرًا، أطلقت طائرات الاحتلال صاروخًا نحو مولد الكهرباء في مستشفى كمال عدوان شمال غزة، ما أدى إلى اشتعال النيران فيه. يأتي ذلك في وقت تواصل فيه قوات الاحتلال حصار المستشفى منذ عدة أيام وإخراجه عن الخدمة.
وفي حوالي الساعة 11:00 صباحا، أطلقت طائرات الاحتلال صاروخًا تجاه ساحة مركز إيواء مدرسة نجم الدين أربكان في جباليا البلد، شمال غزة، التي تأوي نازحين. أسفر ذلك عن استشهاد 3 نازحين داخل المدرسة وإصابة ما لا يقل عن 20 آخرين.
وفي الساعة 4:30 فجر اليوم نفسه، أطلقت قوات الاحتلال عدة قذائف باتجاه خيام النازحين (قرب مخازن الأونروا) في حي تل السلطان غرب رفح، مما أسفر عن استشهاد 7 من النازحين، بينهم 4 من الإناث، ومن بين الضحايا مسن مع ابنتيه، وزوجان.
وأعلنت وزارة الصحة الثلاثاء، 28 مايو/أيار، خروج المستشفى الميداني الاندونيسي وعيادة تل السلطان في محافظة رفح عن الخدمة، جراء تداعيات العدوان الإسرائيلي. وسبق أن أعلنت تباعًا عن خروج مستشفى أبو يوسف النجار، وعيادة أبو الوليد المركزية ومستشفى رفح الميداني (2)، ومستشفى الكويت التخصصي عن الخدمة. وبذلك لم يتبق سوى مستشفى تل السلطان للولادة مستمرا في تقديم الخدمة للمرضى في رفح وبظروف صعبة جدا.
يشار إلى أن قوات الاحتلال وسعت هجومها العسكري مساء الاثنين 27 مايو/أيار، في الأجزاء الغربية لرفح وتمركزت على تلة زعرب وشرعت بأعمال تجريف وحفريات، رافق ذلك قصفا عنيفًا طال أجزاء واسعة من المدينة، في وقت حاول فيه آلاف السكان والنازحين سابقا النزوح قسرا مجددا تحت وطأة القصف والخوف.
كما تشير مؤسساتنا إلى أن إسرائيل انتهجت سياسة التضليل في الحديث عن هجومها العسكري على رفح، بالادعاء أنه “هجوم محدود” وأنها توفر “أماكن آمنة للنازحين” في حين تؤكد التطورات الميدانية أن جميع مساحة رفح تحت مرمى النيران الإسرائيلي، وتوسع الهجوم ليطال أماكن عديدة غرب المدينة، فيما لم يكن هناك أي إجراء فعال لتأمين انتقال النازحين الذين جرى استهدافهم حتى داخل المنطقة الإنسانية التي أعلنها الاحتلال.
الاثنين 27 مايو/أيار:
22:24 مساءً، قصفت طائرات الاحتلال منزلا لعائلة الحشاش شمال غرب مدينة رفح فوق رؤوس ساكنيه دون سابق إنذار، ما أدى إلى استشهاد 7 من سكانه من عائلة الحشاش بينهم 3 نساء و3 أطفال. بين الضحايا زوجان واثنين من أطفالهم. كما أصيب آخرين بجروح مختلفة.
16:00 مساءً، أطلقت طائرة مسيرة إسرائيلية صاروخا واحدا على الأقل قرب بوابة مستشفى الكويت التخصصي شمال مخيم الشابورة في مدينة رفح، ما أدى إلى استشهاد اثنين من طاقم المستشفى أحدهما يعمل في قسم الأمن والحراسة، والآخر في قسم النظافة. كما أصيب ثالث بجروح متوسطة.
تؤكد مؤسساتنا أنها تلقت معلومات عن انتهاكات جسيمة أخرى بما في ذلك جرائم قتل وتدمير واسع نفذته قوات الاحتلال في أحياء رفح وشمال غزة بما في ذلك مسح أحياء كاملة، يتعذر استكمال توثيقها نتيجة استمرار الهجوم العسكري والقصف الإسرائيلي المكثف. يأتي ذلك في وقت نزح فيه قسرًا حوالي مليون نسمة من مدينة رفح منذ 6 مايو/أيار الجاري إلى غرب خانيونس ودير البلح، وفق آخر تحديث صادر عن الأونروا، وعشرات الآلاف من شمال غزة، كل ذلك مع عدم وجود مكان آمن للذهاب إليه وسط القصف ونقص الغذاء والماء وأكوام النفايات والظروف المعيشية الكارثية.
وحتى وقت إعداد هذا البيان، تواصل قوات الاحتلال قصفها الجوي والبري والبحري على جميع أنحاء قطاع غزة، ما يُوقع مزيداً من الضحايا ويتسبب بتدمير المباني والبنى التحتية، مع استمرار معاناة مئات آلاف النازحين والنازحات وشبح المجاعة خاصة في شمال قطاع غزة.
نجدد دعوتنا للمجتمع الدولي لإجبار إسرائيل على وقف جريمة الإبادة الجماعية، وفرض وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإلزامها بالامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية الفارضة لتدابير مؤقتة لمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. كما نطالب الدول الأطراف الثالثة بالالتزام بمسؤوليتها القانونية لوضع حد لحصانة دولة الاحتلال وذلك من خلال وقف تزويد إسرائيل بالسلاح والذخيرة، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الابادة الجماعية.
نسخة تجريبية