يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي تصعيد عدوانه العسكري واسع النطاق ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، والذي بلغ ذروته خلال الأيام الأخيرة بإصدار أوامر تهجير قسري جديدة طالت نحو 300 ألف مواطن من محافظة خان يونس. جاء ذلك بالتزامن مع تصاعد وتيرة القصف الجوي والمدفعي الذي استهدف المنازل السكنية والخيام التي تأوي نازحين، وارتكاب مجازر جماعية أودت بحياة عائلات بأكملها، في إمعان متواصل في تنفيذ جريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من 19 شهرًا.
وتترافق هذه الجرائم مع استمرار الاحتلال في منع دخول المساعدات الإنسانية، ولا سيما الغذاء والدواء والوقود، واستخدام التجويع كسلاح حرب جماعي، في إطار سياسة ممنهجة تهدف إلى إخضاع السكان المدنيين واستئصال وجودهم. وقد أعلن الاحتلال عن السماح بدخول 5 شاحنات مساعدات فقط، بينما تُحتجز الشاحنات في معبر كرم أبو سالم، دون السماح بإدخالها فعليًا إلى القطاع، ما يؤكد أن هذه الخطوة كانت شكلية ولا تفضي إلى تخفيف الكارثة الإنسانية المتفاقمة، خاصة بعد مرور81 يومًا على الإغلاق التام للمعابر.
أبرز التطورات الميدانية التي رصدها باحثو المركز:
هاجمت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، عند حوالي الساعة 00:00 من يوم الاثنين الموافق 19/5/2025، خيمة لعائلة الخرطي غرب النصيرات في المحافظة الوسطى، ما أدى إلى مقتل 3 أطفال أشقاء وإصابة 6 مواطنين بجروح. والقتلى هم: مصعب وماريا وأنس إسماعيل محمد الخرطي، 11 و9 و5 أعوام.
وهاجمت طائرات الاحتلال عند حوالي الساعة 00:50 من اليوم نفسه، منزلا لعائلة بدوان في أرض أبو جميزة في دير البلح، في المحافظة الوسطى، ما أدى مقتل المواطن عصام خليل محمد بدوان، 61 عاماً، ونجليه محمد، 26 عاما، وهديل، 29 عاما.
وتسللت قوة إسرائيلية خاصة متخفية بملابس مدنية كنازحين، عند حوالي الساعة 5:30 من اليوم نفسه، إلى شارع المتحف في حي الكتيبة شمال خان يونس. داهمت تلك القوة منزلًا وقتلت المواطن أحمد كامل سرحان، واعتقلت زوجته ميرفت حماد محمد سرحان، 36 عاما، وطفلهما محمد، 12 عاما وأفرجت عن الطفل بعد عدة ساعات، فيما بقيت والدته رهن الاعتقال. وانسحبت القوة من المنطقة تحت غطاء ناري كثيف من طائرات مروحية وكواد كابتر وقصف من الطائرات الحربية والطائرات المسيرة، في محيط المنطقة وعموم خانيونس، استمر حوالي 20 دقيقة. أسفر عن مقتل 10 فلسطينيين على الأقل منهم امرأة و4 اطفال بينهم 3 أشقاء. كما أصيب آخرون بجروح بينهم 3 حالات خطيرة.
وفي تطورٍ خطير، أقدمت قوات الاحتلال ظهر اليوم نفسه، على نشر خريطة إخلاء غير قانونية، تشمل مدينة خانيونس، وبلداتها الشرقية، (التي يقطنها نحو 300 ألف من السكان والنازحين)، وطلبت من السكان الإخلاء قسرًا إلى المواصي غربًا.1 كما أظهرت الخريطة التي نشرها جيش الاحتلال على موقعه الرسمي، اتساع مساحة المنطقة العازلة المحاذية للسياج الحدودي شرقًا، يزيد عمقها عن 2 كم في بعض المقاطع، بحيث تلتهم مساحات واسعة من أراضي البلدات الشرقية.
ووفق متابعة باحثينا، اضطر عشرات الآلاف للنزوح وهم جياع على مدار الأيام الماضية، مشيًا على الأقدام وعلى عربات تجرها الحيوانات، والقليل من العربات، بحثا عن أماكن بديلة في المواصي المكتظة بالنازحين.
هاجمت طائرات قوات الاحتلال عند حوالي الساعة 13:15 من اليوم نفسه، مدرسة الحساينة، التابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئ فلسطينيين (أونروا)، التي تؤوي نازحين، غرب مخيم النصيرات في المحافظة الوسطى. أسفر عن مقتل 6 مواطنين، بينهم امرأتان، وإصابة آخرين بجروح.
وهاجمت طائرات قوات الاحتلال عند حوالي الساعة 13:30، من اليوم نفسه، خيمة في منطقة الخوالدة الشرقية في دير البلح، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشقاء، وهم: أسامة وحمزة ومحمد خالد منصور اللوح، 34 و28 و21 عاما.
وقصفت طائرات قوات الاحتلال الإسرائيلي، مسيرة عند حوالي 15:00 من اليوم نفسه، خيام النازحين قرب بئر مياه رقم 22، في حي المواصي غرب مدينة رفح ما أدى إلى مقتل 3 من النازحين، بينهم امرأة، وشقيقان، وهم: سجود خالد زريق أبو شلوف، 23 عاماً، وهاني وساهر غانم هاني المصري، 31 و25 عاماً. كما أصيب 15 آخرين بجراح متفاوتة.
وقصفت قوات الاحتلال عند حوالي الساعة 16:00 من اليوم نفسه، منازل المواطنين في حي العمور ببلدة الفخاري شرق خان يونس، ما أدى إلى مقتل أم و6 من أبنائها، وهم: صفاء عليان سليم العمور، 45 عاما وأبنائها: سما ولما وسجى ولين وندى وليان، 17 و12 و10 و14 و8 و4 سنوات.
وهاجمت طائرة إسرائيلية مسيرة عند حوالي الساعة 22:10 من اليوم نفسه، منزلا لعائلة عفانة في منطقة المشاعلة جنوب دير البلح، في المحافظة الوسطي، ما أدى إلى مقتل 4 مواطنين، هم زوجان وطفليهما، من عائلة عفانة، إضافة إلى إصابة آخرين بجروح.
وقصفت طائرات قوات الاحتلال الإسرائيلي، عند حوالي 20:55 من اليوم نفسه، خيام النازحين مقابل مطعم “فش فرش”، في حي المواصي غرب مدينة رفح. أسفر القصف عن مقتل أم، وأطفالها الستة وأحدهم رضيع، وهم: عبير زياد محمد كساب، 35 عاماً، وأطفالها: غالي وعبير وسيرين وسميرة وعماد وقمر يوسف صالح كساب، 8 شهور، 5 و8 و10 و12 و14 عاما. كما أصيب 5 آخرون من النازحين بجروح مختلفة.
وهاجم الطيران الحربي لقوات الاحتلال الإسرائيلي، عند حوالي الساعة 00:50 من يوم الثلاثاء الموافق 20/5/2025، منزلًا لعائلة ابو سمرة في منطقة المحطة في دير البلح في المحافظة الوسطى، ما أدى إلى 12 مواطنا، منهم 5 نساء و4 أطفال.
وهاجمت طائرات قوات الاحتلال الإسرائيلي، عند حوالي الساعة 01:15، من اليوم نفسه، محطة راضي للبترول غرب مخيم النصيرات في المحافظة الوسطى، التي تؤوي نازحين من عائلة نصار، ما أدى إلى مقتل 15 منهم.
وهاجم الطيران الحربي لقوات الاحتلال عند حوالي الساعة 06:00 صباحًا، منزلا لعائلة المقيد، في مخيم جباليا “عزبة ملين” شمال غزة، ما أدى إلى مقتل 8 مواطنين بينهم 3 أطفال وامرأة.
تدلل هذه التطورات أن إسرائيل لا يردعها شيء حتى الآن عن الاستمرار في ارتكاب الجرائم الجسيمة ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، بما في ذلك القتل الجماعي، والتدمير واسع النطاق، والتهجير القسري، واستخدام التجويع كسلاح حرب.
ورغم أن الحديث عن المجاعة يمثل أحد أبرز أوجه الكارثة الإنسانية في غزة، فإن جوهر المأساة يكمن في استمرار الإبادة الجماعية وما يصاحبها من قتل وتدمير وتهجير قسري ممنهج. عليه، فإن ما هو مطلوب اليوم يتجاوز الإدانة والشجب، ليشمل اتخاذ إجراءات عملية وملموسة، دبلوماسية واقتصادية، وفي مقدمتها وقف تصدير السلاح إلى إسرائيل، وفرض عقوبات فعّالة تُحمّلها ثمن جرائمها المستمرة؛ إذ أن بيانات الإدانة والتعبير عن القلق، بل وحتى توصيف ما يجري بأنه غير مقبول، لا تعني شيئًا لدى دولة الاحتلال، ولا تشكّل عامل ردع حقيقي لها.
وجدد المركز مطالبته باتخاذ تدابير فورية وجادة لوقف جريمة الإبادة الجماعية الجارية، وضمان محاسبة المسؤولين الإسرائيليين على جرائمهم أمام العدالة الدولية. كما يطالب الدول الأطراف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية بالوفاء بالتزاماتها القانونية والأخلاقية، والتحرك العاجل لحماية المدنيين الفلسطينيين من القتل الجماعي والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.