لا يزال الصحفيون والعاملون في وكالات الأنباء المحلية والعالمية[1] المهتمون بتغطية الأحداث في الأرض الفلسطينية المحتلة عرضة لاعتداءات قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي الممنهجة، على الرغم من الحماية الخاصة التي يتمتعون بها وفقاً لقواعد القانون الدولي. وتأتي هذه الاعتداءات في إطار التصعيد المستمر في جرائم الحرب وغيرها من انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي تواصل تلك القوات اقترافها بحق المدنيين الفلسطينيين. ومن الواضح أن ما تمارسه قوات الاحتلال من اعتداءات على الصحافة، بما فيها جرائم القتل العمد وتهديد السلامة الشخصية للصحفيين، هي جزء من حملة منظمة لعزل الأرض الفلسطينية المحتلة عن باقي أرجاء العالم، وللتغطية على ما تقترفه من جرائم بحق المدنيين.[2]
يغطي هذا التقرير الثالث عشر في سلسلة تقارير “إخراس الصحافة” الفترة الممتدة من 1 سبتمبر 2009 وحتى 31 أكتوبر 2010. وقد شهدت هذه الفترة تصعيداً ملحوظاً في انتهاكات قوات الاحتلال التي تمارسها ضد الصحفيين العاملين في الأرض الفلسطينية المحتلة.
ويتناول هذا التقرير اعتداءات قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي والمستوطنين على الصحفيين، ويتضمن توثيقاً مفصلاً لما تمكن طاقم المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان من الوصول إليه من معلومات ذات صلة. وتكشف هذه المعلومات حقائق عن تلك الاعتداءات، وهي مبنية على إفادات ضحايا وشهود عيان وتحقيقات ميدانية. وتدحض تحقيقات المركز الكثير من ادعاءات قوات الاحتلال بشأن جرائم محددة، بما فيها جرائم قتل[3] أو إطلاق نار على الصحفيين، لتظهر بما لا يقبل الشك أن تلك الجرائم اقترفت عمداً وأنه تم استخدام القوة بشكل مفرط دون مراعاة لمبدأي التمييز والتناسب، وعلى نحو لا تبرره أية ضرورة أمنية. ويوثق التقرير (228) اعتداءً على الصحافة، تشمل: جرائم انتهاك الحق في الحياة والسلامة الشخصية للصحفيين؛ تعرض صحفيين للضرب وغيره من وسائل العنف أو الإهانة والمعاملة الحاطة بالكرامة الإنسانية؛ اعتقال واحتجاز صحفيين؛ منع الصحفيين من دخول مناطق معينة أو تغطية أحداث؛ مصادرة أجهزة ومعدات ومواد صحفية؛ قصف أو مداهمة مقرات صحفية والعبث بمحتوياتها؛ منع الصحفيين من السفر إلى الخارج؛ ومداهمة منازل صحفيين.
وتبرز خلال التقرير أيضاً جرائم قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي بحق الصحفيين خلال عملهم بشكل مهني على تغطية المسيرات السلمية التي يشارك فيها عشرات المدنيين الفلسطينيين والمتضامنين الدوليين من المدافعين عن حقوق الإنسان احتجاجاً على مصادرة أراضي المواطنين الفلسطينيين في قرى ومدن الضفة الغربية المحتلة لصالح إقامة جدار الضم أو توسيع المستوطنات، والتي أسفرت في أحيان كثيرة عن تعرض الصحفيين لإصابات خطيرة، على الرغم من الحماية التي يتمتعون بها وفقاً لقواعد القانون الدولي.
وتعد جرائم انتهاك الحق في الحياة والاعتداء على السلامة الشخصية أبرز الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون على أيدي قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي. فقد رصد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان منذ بداية انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر 2000 وحتى 31 أكتوبر 2010، إحدى عشرة جريمة قتل اقترفتها قوات الاحتلال بحق الصحفيين خلال تنفيذهم واجبهم وعملهم المهني.[4]