نوفمبر 15, 2025
ضمن عنف يرعاه الاحتلال .. مستوطنون يحرقون مسجدًا ومركز تسوق في الضفة الغربية
مشاركة
ضمن عنف يرعاه الاحتلال .. مستوطنون يحرقون مسجدًا ومركز تسوق في الضفة الغربية

يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بأشد العبارات تصاعد هجمات المستوطنين والتي كان من أحدثها مهاجمة مسجد ومنشأة اقتصادية وإحراقهما خلال الأيام الماضية، في إطار العنف الذي ترعاه حكومة الاحتلال الإسرائيلي في عموم الضفة الغربية.

وتأتي هاتان الجريمتان في سياق واسع من أعمال عنف يرتكبها مستوطنون بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهي تأتي امتدادًا مباشرًا لسياسات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ونظام الفصل العنصري الذي تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين. هذه الهجمات ليست أحداثًا معزولة، بل جزء من منظومة ممنهجة تستهدف تفريغ الأرض من سكانها وإخضاعهم بالقوة.

ففي فجر يوم الخميس الموافق 13/11/2025، تعرض مسجد الحاجة حميدة نفاع في بلدة ديراستيا شمال سلفيت للاحتراق نتيجة هجوم منظم نفذته مجموعة من المستوطنين.

ووفق تحقيقات المركز، فقد أقدم المستوطنون على تكسير أبواب المسجد وسكب مواد قابلة للاشتعال في المدخل الغربي، ثم أضرموا النار في أجزاء واسعة من الداخل، ما أدى إلى تدمير الجدران الداخلية، والأثاث، وعدد من المصاحف. كما خطوا شعارات عنصرية وتحريضية على الجدران، مثل “الانتقام الانتقام”.

ويقع المسجد على بعد حوالي 3 كيلومترات من المدخل الشمالي لبلدة ديراستيا أو من المدخل الشرقي لبلدة كفل حارس، وهذه المسافة تُظهر مدى المغامرة والخطورة التي تنطوي عليها الهجمات، حيث تطورت الهجمات لتتجاوز المناطق المحاذية للمستوطنات وتدخل إلى عمق التجمعات السكانية الفلسطينية؛ الأمر الذي يعكس توسيع نطاق الاعتداءات الاستيطانية على أماكن العبادة الفلسطينية.

وفي حادث منفصل، تعرض المركز التسويقي لشركة الجنيدي في بلدة بيت ليد، بتاريخ 11/11/2025، لاعتداء واسع نفذه نحو 50 مستوطنًا.

ووفق تحقيقات المركز، فعند حوالي الساعة 3:00 مساء اليوم المذكور، هاجم عشرات المستوطنين، المركز التسويقي لشركة الجنيدي في بلدة بيت ليد، بعدما اقتحموا المركز من مدخلين، عبر القفز فوق السياج الخارجي رغم أنه مصمّم لمنع دخول المتسللين.

وأقدم المستوطنون على إضرام النار في أربع شاحنات تابعة للمصنع كانت متوقفة في الساحة، إضافةً إلى مركبتين خاصّتين تعودان لعمال الشركة (إحداهما من نوع سكودا). وأسفر الاعتداء عن إحراق واسع في المركبات وأضرار في محيط المركز والمعدات.

وأفاد مدير عام الشركة مشهور أبو خلف، أن التقديرات الأولية للخسائر تتراوح بين مليون ونصف ومليونين شيكل إسرائيلي، وذكر أن الشركة ما زالت في مرحلة حصر شامل للأضرار المادية، بما يشمل المركبات، البنية التحتية، التجهيزات، والخدمات اللوجستية للمركز.

ويعكس الاعتداء محاولة واضحة لزعزعة الاستقرار الاقتصادي الفلسطيني في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، ويؤكد على سياسة المستوطنين في استهداف مصادر الرزق والفرص الاقتصادية للفلسطينيين.

وتأتي هذه الاعتداءات بعد أن شن المستوطنون عشرات الاعتداءات خلال موسم الزيتون في عموم الضفة الغربية ضمن سياسة ممنهجة تهدف إلى نشر مناخ من الخوف والقلق في أوساط السكان الفلسطينيين، حيث يعاني المواطنون من حالة من التوتر المستمر، خاصة في المناطق القريبة من المستوطنات.

يؤكد المركز أنّ هذه الجرائم تعكس سياسة منهجية تجري بحماية قوات الاحتلال وتواطؤ القضاء الإسرائيلي الذي وفّر ولا يزال، غطاءً قانونيًا سمح بتكريس الإفلات من العقاب عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك سياسات التهجير القسري والتطهير العرقي وأشكال العقاب الجماعي التي طالت التجمعات الفلسطينية.

يذكر المركز بقرار محكمة العدل الدولية الصادر في يوليو 2024، الذي أكد أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بما فيها الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، هو غير قانوني، وألزم دولة الاحتلال بإنهاء وجودها غير المشروع فورًا، ووقف جميع الاعتداءات الاستيطانية، بما في ذلك إخلاء المستوطنين من الأراضي المحتلة.

ويعيد المركز التأكيد أنّ هذه الجرائم تتطلب ضرورة التحرك الفوري والفعّال لوقف جرائم الاحتلال والمستوطنين في الأرض الفلسطينية المحتلة، وإنهاء نظام الفصل العنصري الذي تفرضه إسرائيل على الشعب الفلسطيني.

ويدعو المركز إلى التحرك الجاد لمساءلة مرتكبي جرائم الحرب أمام العدالة الدولية، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب، وحماية المدنيين الفلسطينيين ووقف جميع أشكال الدعم الدولي لإسرائيل التي تُمكّنها من الاستمرار في سياساتها العنصرية والاستعمارية.

ويؤكد المركز أن القرار الأخير الصادر عن وزارة الخزانة الأمريكية بحق ثلاث منظمات فلسطينية لن يثني جهوده عن مواصلة توثيق الجرائم الإسرائيلية وملاحقة المسؤولين عنها، والعمل على إحالتهم إلى العدالة الدولية وفق المعايير القانونية الملزمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *