رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي القصف وإطلاق النار واستهداف المدنيين الفلسطينيين، ما أسفر حتى الآن عن مقتل 38 مواطنًا وإصابة 143 آخرين. وأحدث هذه الجرائم كانت مساء الجمعة، حين استهدفت القوات المحتلة أسرة فلسطينية في حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة، وقتلت 11 من أفرادها، أغلبهم من الأطفال والنساء.
ووفق المعلومات التي جمعها طاقم المركز، عند حوالي الساعة 15:00 من يوم الجمعة الموافق 17/10/2025، قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي مركبة من نوع “تندر بيجو” تقل أسرة من عائلة شعبان أثناء تواجدها في شارع صلاح الدين بحي الزيتون شرق مدينة غزة. أسفر القصف عن إصابة المركبة بشكل مباشر وإصابة من فيها، وحاولت طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليها، لكن تعذّر ذلك.
وتمكنت طواقم الدفاع المدني، صباح يوم السبت الموافق 18/10/2025، بعد التنسيق مع منظمة الأوتشا، من انتشال جثامين تسعة قتلى، من بينهم أربعة أطفال وسيدتان، فيما لا تزال جثتا طفلين مفقودتين، بعد أن تناثرت أشلاؤهما في المكان نتيجة شدة القصف، وصعوبة الوصول إلى بقايا الجثامين بسبب الأوضاع الميدانية والبيئية المعقدة في المنطقة.
القتلى هم: سفيان شعبان، وزوجته سمر محمد ناصر شعبان، وأطفالهما كرم (10 سنوات)، وأنس (8 سنوات)، ونسمة (12 عامًا)، وإيهاب محمد ناصر أبو شعبان (38 سنة)، وزوجته رندة ماجد محمد شعبان (36 سنة)، وأطفالهما ناصر (13 عامًا)، وجمانة (10 أعوام)، وإبراهيم (6 سنوات)، ومحمد (5 سنوات).
ووفق المعلومات التي توفرت لطاقم المركز، فإن الأسرة كانت تحاول الانتقال من جنوب القطاع إلى مدينة غزة، وكانت تستقل مركبة مكشوفة السقف في جزئها الخلفي، ما يعني أن مظهرها المدني كان واضحًا، ورغم ذلك استهدفتها القوات المحتلة.
هذه الجريمة ليست منعزلة، بل تأتي امتدادًا لنمط إسرائيلي متكرر يتمثل في شن غارات وإطلاق نار من طائرات مسيّرة، وإطلاق قذائف مدفعية بين الحين والآخر تجاه المواطنين الفلسطينيين دون أي ضرورة عسكرية، منذ وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في 10/10/2025، بعد أكثر من عامين من الهجوم العسكري الإسرائيلي الذي أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 10% من سكان قطاع غزة.
يُذكر أن قوات الاحتلال تواصل التمركز في نحو 50% من مساحة قطاع غزة، وتحظر على المواطنين الفلسطينيين التوجه إلى هذه المناطق، وتستهدفهم لدى الاقتراب منها، رغم أنهم لا يشكلون أي خطر على حياة الجنود، وأنهم مدنيون يسعون للعودة إلى مناطق سكنهم وأراضيهم التي دمّرتها القوات المحتلة.
ووفق توثيق باحثي المركز، فمنذ وقف إطلاق النار توجّه نازحون إلى مناطق سكناهم لتفقد منازلهم ومحيطها شرقي القطاع، فاستهدفتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي التي لا تزال متمركزة في المناطق الشرقية بإطلاق النار وقذائف المدفعية والطائرات المسيرة، ما أدى إلى مقتل 38 مواطنًا وإصابة 143 آخرين بجروح حتى تاريخه.
وضمن ما وثّقه باحثونا، قتلت قوات الاحتلال في 16/10/2025 الشقيقين براء وسليمان أحمد سليمان محفوظ (18 و20 عامًا) بعد استهدافهما بقصف من طائرة مسيّرة في عبسان شرق خانيونس.
كما قتلت المواطن محمد سامي عبد الحي قويدر (31 عامًا) في استهداف مماثل في منطقة معن بخانيونس بتاريخ 15/10/2025.
وفي 14/10/2025، قتلت قوات الاحتلال المواطن بكر أحمد عودة أبو مور (25 عامًا) وأصابت آخر بجروح بعد استهدافهما بقصف من طائرة مسيّرة في بلدة الفخاري جنوب شرق خانيونس.
كما قتلت المواطنين مجد عبد الهادي محمد شاهين (24 عامًا) ومحمد هاشم رمضان النجيلي (35 عامًا) جراء استهدافهما من قوات الاحتلال في منطقة شرق القرارة شمال خانيونس، وانتُشل جثماناهما في 11/10/2025.
يؤكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن ما ترتكبه قوات الاحتلال يندرج ضمن سياسة ممنهجة تستهدف السكان المدنيين وتهدف إلى جعل الحياة في غزة غير ممكنة، في سياق سياسة الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة على مدار عامين بهدف محوهم وإفناء وجودهم.
ويطالب المركز المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة ومجلس الأمن بتحمل مسؤولياتهم واتخاذ إجراءات فورية تشمل فرض حماية عاجلة للمدنيين، وإنهاء الوجود العسكري لقوات الاحتلال في قطاع غزة، ووقف استخدام الأساليب والأسلحة التي تستهدف الأحياء المدنية، وإلزام إسرائيل بوقف هجماتها وحصارها على القطاع.