واصلت قوات الاحتلال الاسرائيلي والمستوطنون الإسرائيليون ارتكاب جرائم وانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة خلال شهر يونيو 2025، بما في ذلك جرائم القتل، وتدمير الممتلكات العامة والخاصة، والاعتقالات، والتهديد وغيرها من الجرائم والانتهاكات.
ويوثّق هذا التقرير تصعيدًا خطيرًا في جرائم القتل العمد، والهدم واسع النطاق، والتهجير القسري، واعتداءات المستوطنين، في إطار سياسة شاملة تستهدف الفلسطينيين وجوديًا وإنسانيًا.
وتكشف المعطيات الميدانية أن ما يجري لم يعد مجرد انتهاكات متفرقة، بل هي جزء من مخطط منظم للتطهير العرقي وشكل آخر من أشكال الإبادة الجماعية، التي ترتكبها قوات الاحتلال بتوسع في قطاع غزة. ويجري ذلك وسط صمت دولي مريب، وعجز مؤسساتي عن كبح جماح الاحتلال ووقف انتهاكاته المتصاعدة.
كما أن قوات الاحتلال استغلت حربها على إيران لفرض قيود شديدة وتصعيد انتهاكاتها خاصة ضد المسجد الأقصى وعموم مدينة القدس الشرقية المحتلة.
فيما يلي أبرز الانتهاكات التي وثقها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان:
جرائم القتل وانتهاك الحق في السلامة البدنية:
أسفرت اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة خلال هذا الشهر عن مقتل 14 مواطنًا، بينهم 12 مدنيًّا، منهم 3 أطفال ومسنة، إضافة إلى وفاة معتقلَين اثنين داخل سجون الاحتلال.
أبرز حوادث القتل شملت:
في 2 يونيو: قتل الطفل يوسف فؤاد عبد الكريم فقها، 14 عاماً، برصاص قوات الاحتلال في بلدة سنجل قرب رام الله، واحتجز جثمانه، بزعم محاولة إلقاء زجاجات حارقة. لكن مقطع فيديو فضح رواية الاحتلال، حيث أظهره تحت شجرة زيتون في المنطقة دون أن يحمل شيئا أو يقترب من الشارع الذي يسلكه المستوطنون.
في 7 يونيو: قتلت قوات الاحتلال المواطن مصطفى علي طول، 30عاماً، وهو مدني، بعد أن أصابته بعيار ناري مباشر في الرأس قرب جدار الضم، قرب بلدة السموع جنوب الخليل. كما أصيب معه مواطنان آخران أحدهما حالته حرجة.
في 10 يونيو: قتلت قوات الاحتلال المواطن نضال مهدي أحمد عميرة،40عاماً، وهو عسكري في الأمن الوطني، 40 عاما، وشقيقه خالد، 35عاماً، أثناء محاولتهما إخلاء أسرتهما من البلدة القديمة في نابلس، واحتجزت جثمانيهما.
وفي مساء اليوم نفسه، قتلت قوات الاحتلال المواطن رايق عبد الرحمن صادق بشارات، 47 عاماً بالقرب من منزل قيد الإنشاء في جبل طمون جنوب شرقي مدينة طوباس، في جريمة جديدة من جرائم القتل خارج إطار القانون (الاغتيال) بدعوى أنه مطلوب لقواتها، واحتجزت جثمانه.
في 13 يونيو: توفي المعتقل في سجون الاحتلال رائد إسماعيل عصاعصة، 57 عاماً، من سكان بلدة علار في طولكرم، وهو معتقل منذ 27 يوماً. ووفق هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير، لم تتوفر معلومات واضحة عن ظروف وفاته، سوى أنه نقل إلى إحدى مستشفيات الاحتلال في 9 يونيو الجاري.
في 18 يونيو: قتلت قوات الاحتلال المواطن معتز حمزة حسين حجاجلة،22عاماً، من سكان قرية الولجة شمال غربي بيت لحم، في جريمة جديدة من جرائم القتل خارج إطار القانون، بدعوى أنه مطلوب لقواتها، بعد اعتقاله من منزل قيد الإنشاء لأحد أقاربه وإطلاق النار المباشر تجاهه، واحتجزت جثمانه.
في 19 يونيو: قتل مستوطنون المواطن محمد احمد محمود الهور،48عاماً، بعد إطلاق النار تجاهه وإصابته بعيار ناري في رقبته خلال هجوم للمستوطنين على منطقة عين الحمام شمال بلدة صوريف غربي مدينة الخليل. كما أصيب شقيقه بعيار ناري أطلقه تجاهه جنود الاحتلال الذين ساندوا المستوطنين وفرقوا المواطنين الفلسطينيين بالرصاص.
في 25 يونيو: قتلت قوات الاحتلال المسنة زهية رجا جودة ربايعة، 66عاماً بعد إصابتها بعيار ناري في الرأس، وهي على سطح منزلها، جراء إطلاق نار من قوات الاحتلال خلال اقتحامها مخيم شعفاط شمال شرقي مدينة القدس الشرقية المحتلة.
كما قتلت قوات الاحتلال الطفل ريان تامر أنور حوشيه، 14عاماً، من سكان بلدة اليامون، بعد إصابته بعيار ناري في رقبته، أثناء مشاركته مع آخرين في إلقاء الحجارة تجاه تلك القوات خلال اقتحامها بلدة اليامون، غربي مدينة جنين.
وفي اليوم نفسه، قتلت قوات الاحتلال ثلاثة مدنيين فلسطينيين، وأصابت آخرين بجراح متفاوتة، خلال حمايتها لمليشيات مستوطنين اقتحمت بلدة كفر مالك شرق رام الله، ونفذت اعتداءات ممنهجة شملت إطلاق النار وإحراق الممتلكات المدنية. (المزيد من التفاصيل في هذا البيان)
في 30 يونيو: توفي المعتقل في سجون الاحتلال لؤي فيصل محمد نصر الله، 22 عاماً، من سكان مدينة جنين، وهو معتقل إداريا منذ 26/3/2024. وقد جرى نقل المعتقل صباح 30/6/2025 من سجن النقب إلى مستشفى سوروكا داخل الخط الأخضر وتوفي فيها، دون توفر المزيد من التفاصيل عن ظروف وفاته.
وبهذا يرتفع عدد القتلى في الضفة الغربية لهذا العام إلى 146 قتيلا، بينهم 82 مدنيا، منهم 24 طفلا و5 نساء إحداهن قتلت مع جنينها. كما توفي 9 معتقلين فلسطينيين، أحدهم طفل داخل السجون الإسرائيلية. كما أصيب المئات برصاص الاحتلال الاسرائيلي في مناطق الضفة الغربية.
الهدم والتجريف:
هدمت قوات الاحتلال 201 منشأة منها 165 منزلا هدم كلي، بينها 10 منازل هدمت بحجة عدم الترخيص، ودمرت منزلين كعقاب جماعي، و5 منازل أجبر الاحتلال مالكيها على هدمها ذاتيا في القدس الشرقية المحتلة والأغوار الشمالية، و27 منشأة تجارية واقتلاع 9 خيم.
وشهد مخيم نور شمس خلال الفترة من 20-27 يونيو 2025، حملة تدمير ممنهجة نفذتها قوات الاحتلال لعشرات المباني السكنية، خاصة في أحياء المنشية والمسلخ والعيادة والجامع، ما أدى إلى تدمير شوارع كاملة وفصل الأحياء عن بعضها البعض. أما في مخيم طولكرم، فقد هدمت قوات الاحتلال خلال النصف الثاني من شهر يونيو، أكثر من 50 مبنى.
ووفق المعلومات التي توفرت لطاقم المركز، فإن التصعيد في الهدم، يأتي تنفيذًا لمخطط أعلنته سلطات الاحتلال في مايو 2025، يقضي بهدم 106 مبانٍ في المخيمين. وخلال الفترة من 1-16 يونيو، هدمت قوات الاحتلال 76 منزلا في مخيم طولكرم، فيما هدمت 48 بناية في مخيم نور شمس.
وقد أدى هذا التدمير والمخطط إلى تهجير قسري لأكثر من 5,000 عائلة، أي ما يزيد على 25,000 مواطن، وتدمير أكثر من 500 منزل بشكل كامل، إلى جانب تضرر 2,573 منزلًا جزئيًا. كما تم إغلاق مداخل المخيمين وتحويلهما إلى مناطق شبه خالية من الحياة بفعل السواتر الترابية والعسكرية.
كما أصدرت قوات الاحتلال في 30 يونيو 2025 أمرا جديدا بهدم 104 بنايات، ما يعني اتساع دائرة التدمير والتهجير القسري.
كما أصدرت قوات الاحتلال في 9 يونيو 2025 قرارا بهدم 90 منزلا جديدا في مخيم جنين، وبعد ثلاثة أيام باشرت جرافات الاحتلال في تدمير تلك المنازل. ويأتي ذلك امتدادا لعملية تدمير شاملة تواصل قوات الاحتلال تنفيذها منذ بدء هجومها العسكري في 21 يناير 2025. ولا تزال قوات الاحتلال تفرض سيطرتها على المخيم ووضعت بوابات على مداخله وتستكمل عمليات التي التدمير التي طالت حتى الآن أكثر من 600 منزل.
مصادرة الأراضي والتوسع الاستيطاني:
واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيها خلال المدة التي يغطيها التقرير سياسة التوسع الاستيطاني المتمثلة في مصادرة الأراضي الفلسطينية وتجريفها وإقامة البؤر الاستيطانية وتوسيع المستوطنات. وفيما يلي أبرز الاعتداءات:
في 6/6/2025، أقام مستوطنون بؤرة استيطانية جديدة في منطقة أم نير شمال قرية سوسيا، جنوب مدينة يطا جنوب الخليل.
في 29/6/2025، أقام مستوطنون بؤرة استيطانية جديدة في أراضي قرية مجدل بني فاضل، جنوب شرقي مدينة نابلس.
اعتداءات المستوطنين:
نفذ مستوطنون 40 اعتداء على القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة. أسفرت الاعتداءات عن مقتل مواطن وإصابة 31 آخرين، بينهم 7 بالرصاص حالة أحدهم حرجة. بين المصابين بالاعتداءات اثنان من المتضامنين الأجانب. واشتملت الاعتداءات على إحراق 3 منزل وخيمة و3 حظائر أغنام و10 مركبات خاصة، و5 خلايا شمسية ومحول كهرباء وأدوات زراعية. وسلب مستوطنون 60 خروفًا من إحدى الحظائر إلى جانب معدات زراعية، وقتلوا 3 خراف وأتلفوا كمية كبيرة من الأعلاف الخاصة بالحيوانات. كما قطعوا 250 شجرة زيتون مثمرة، وأضرموا النار بعشرات الدونمات من الحقول المزروعة بالقمح والشعير والزيتون.
اعتداءات الاحتلال في مدينة القدس:
تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها في القدس الشرقية المحتلة، من خلال التوسع الاستيطاني، وهدم المنازل، وتقييد دخول المصلين إلى المسجد الأقصى، خاصة أيام الجمعة.
في 2 يونيو 2025، اقتحم مستوطنون ساحة مسجد قبة الصخرة حاملين أدوات يُعتقد استخدامها في طقوس دينية، في انتهاك خطير لحرمة المسجد، تم وسط حماية شرطة الاحتلال.
ومع بدء الحرب على إيران في 13 يونيو، أعلنت إسرائيل حالة الطوارئ وشملت إجراءاتها القدس المحتلة، فتم تعليق التعليم، وحظر التجمعات، وإغلاق دور العبادة، وتحويل المدينة إلى منطقة عسكرية مغلقة.
واقتحمت قوات الاحتلال المسجد الأقصى فجراً وأغلقت أبوابه بالكامل، ومنعت صلاة الجمعة، واستمر الإغلاق 11 يومًا، قبل أن يُعاد فتح بعض الأبواب بشروط مشددة وتقييد أعداد المصلين.
في موازاة ذلك، فرض طوق أمني على البلدة القديمة، ومنع دخول غير المقيمين، وأُغلقت الحواجز والمعابر، مما أدى إلى شلل شبه كامل في الحركة والأسواق، بما في ذلك إغلاق كنيسة القيامة.
ورغم الذرائع الأمنية، تصاعدت الانتهاكات، فشهدت المدينة حملات اعتقال واقتحامات. كما استمرت عمليات الهدم في تصعيد لسياسات التهجير القسري والإقصاء السكاني.
طرد السكان في مسافر يطا في الخليل:
في 17/6/2025، أصدر جيش الاحتلال قرارًا بطرد السكان من 13 قرية تعتبرهم سلطات الاحتلال “سكانًا غير دائمين”، وهي قرى تقع على مساحة تُقدّر بـ 33 ألف دونم. وقد تضمّن القرار توجيهات جديدة تسمح برفض طلبات التخطيط والبناء بأثر رجعي، بهدف تسريع عمليات الهدم. ويستند هذا القرار إلى قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الصادر بتاريخ 4/5/2022، والذي ينص على “عدم وجود مانع من إخلاء القاطنين في منطقة 918”.
تشمل هذه المنطقة 13 تجمعًا سكانيًا فلسطينيًا تقع ضمن نطاق المسافر، وتواجه سياسة ممنهجة من قبل الاحتلال، تمثلت في إقامة المستوطنات والبؤر الاستيطانية، وفرض قيود مشددة على البناء، وحرمان السكان من الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه، مما زاد من تدهور الظروف المعيشية لنحو 1200 مواطن يعتمدون في حياتهم على الزراعة وتربية الأغنام.
وفي الوقت الذي يخطط فيه جيش الاحتلال لترحيل السكان من المنطقة المصنّفة لديهم “منطقة إطلاق نار”، أقام مستوطنون 11 بؤرة استيطانية، من بينها 6 بؤر أُقيمت منذ بداية 7 أكتوبر 2023، ويشكّل سكانها من المستوطنين نواة الهجمات اليومية التي تُنفذ ضد سكان المسافر.
حرية الحركة والحواجز:
كثفت قوات الاحتلال من أعداد الحواجز ونقاط التفتيش في كل أنحاء الضفة الغربية، والتي يزيد عددها عن 900 حاجز وبوابة عسكرية، وشددت القيود على حرية الحركة والتنقل بين المدن والقرى وعزلتها عن بعضها البعض. ونصبت قوات الاحتلال خلال هذا الشهر مئات الحواجز الفجائية والبوابات الحديدية على شوارع الضفة الغربية وبين بلداتها، بما فيها القدس الشرقية إلى جانب عشرات الحواجز الثابتة، ووظفتها لتقييد حرية حركة وتنقل الفلسطينيين.
ويتعرض المدنيون الفلسطينيون لمعاملة لاإنسانية وحاطة بالكرامة على حواجز التفتيش. وشكلت هذه الحواجز عبئاً كبيراً على تنقل السكان الفلسطينيين وأصبحت تشكل خاطراً على حياتهم بتهم واهيه الشك بهم يتم قتلهم عليها أو مصائد للاعتقال ممن تدعي أنهم “مطلوبون” لها.