يوليو 2, 2025
جريمة إسرائيلية جديدة: اغتيال طبيب بارز وعدد من أفراد أسرته في قطاع غزة
مشاركة
جريمة إسرائيلية جديدة: اغتيال طبيب بارز وعدد من أفراد أسرته في قطاع غزة

يعرب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عن إدانته الشديدة واستنكاره البالغ للجريمة النكراء التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي عصر اليوم الأربعاء، والتي أسفرت عن مقتل الدكتور مروان عمر ربيع السلطان، مدير عام المستشفى الإندونيسي في شمال قطاع غزة، واستشاري أمراض وجراحة القلب والشرايين، إلى جانب 8 من أفراد أسرته، بينهم زوجته وابنته وشقيقته وآخرين، وذلك جراء قصف مباشر لشقة سكنية كان يقيم فيها كنازح غرب مدينة غزة.

ويؤكد المركز أن هذه الجريمة تُضاف إلى سلسلة طويلة من الانتهاكات الجسيمة التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الطواقم الطبية، ضمن سياسة ممنهجة لتدمير البنية الصحية في قطاع غزة، في إطار جريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ نحو 21 شهرًا، والتي يتساهل معها المجتمع الدولي بصمت مشين.

ووفق المعلومات التي توفرت لطاقم المركز، فعند حوالي الساعة 14:15 من يوم الأربعاء 2 يوليو 2025، هاجمت طائرات الاحتلال الحربية، استهدفت طائرات الاحتلال الحربية شقة سكنية تقع بالقرب من موقع “الشاليهات” سابقًا غرب مدينة غزة، ما أدى 9 مواطنين، وهم: الدكتور مروان عمر السلطان، 49 عاما، وزوجته ذكرى نمر السلطان، 45 عاما، وابنتهما لميس، 19 عاما، وشقيقة الدكتور، آمنة عمر السلطان، 33 عاما، والطفلة ملاك إياد السلطان، 15 عاما، وعائشة عماد السلطان، 25 عاما وشقيقها محمد، 28 عاما، وأسماء جودي السلطان، 37 عاما.

وقد لجأ الدكتور السلطان مع أسرته إلى هذه الشقة المستأجرة في غرب غزة، بعد نزوحهم قسرًا من شمال القطاع في أعقاب الاجتياحات المتكررة التي شنّتها قوات الاحتلال على المنطقة، ودمّرت خلالها منازل ومرافق صحية ومدنية.

إن استهداف طبيب مدني نازح، مع أفراد أسرته، وهم داخل شقة سكنية، يمثل جريمة حرب موصوفة بموجب أحكام القانون الدولي الإنساني، وانتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف، ولقواعد حماية المدنيين والطواقم الطبية في أوقات النزاع المسلح.

ويُعد الدكتور مروان السلطان من أبرز الكفاءات الطبية الفلسطينية، وواحدًا من القامات الإنسانية البارزة في قطاع غزة. عمل اختصاصيًا في جراحة القلب، وتولى إدارة المستشفى الإندونيسي بعد أن اعتقلت قوات الاحتلال مديره السابق، الدكتور أحمد الكحلوت، خلال اقتحام المستشفى في نوفمبر 2023.

ورغم التهديدات المتكررة، بقي الدكتور السلطان على رأس عمله، يدير المستشفى ويشرف على تقديم الخدمات الصحية في ظروف إنسانية معقدة، خاصة بعد إخراج معظم مستشفيات شمال غزة، بما فيها مجمع الشفاء الطبي، عن الخدمة بفعل القصف والتجريف والإغلاق.

وخلال إخراج مستشفيات شمال غزة عن العمل، كان الدكتور السلطان يعمل في مركز “بيت الخير” الطبي في جباليا، الذي تحوّل إلى آخر ملاذ صحي للمرضى في شمال القطاع، مقدّمًا نموذجًا نادرًا في التضحية الإنسانية والمهنية، حيث واصل تقديم الخدمات رغم القصف، وانعدام الموارد، والنقص الحاد في الطواقم والمعدات.

وقد تعرّض المستشفى الإندونيسي لعشرات الهجمات، شملت القصف، والاقتحام، والإحراق المتعمد، ما أدى إلى مقتل عدد من المرضى وأفراد الطواقم الطبية، وتدمير بنيته التحتية جزئيًا في كل مرة. وكان آخر استهداف كبير له في مايو الماضي، حين دمّرت قوات الاحتلال مولدات الكهرباء وأقسامًا رئيسية فيه، ما أجبر الطواقم وضمنهم السلطان، والطواقم الطبية على إخلائه قسرًا.

إن اغتيال الدكتور السلطان ليس استثناءً، بل هو جزء من نهج إسرائيلي متعمد لتصفية الطواقم الطبية، وتفكيك المنظومة الصحية الفلسطينية كأداة ضمن حملة الإبادة الجماعية الجارية في القطاع.

ووفق معطيات وزارة الصحة الفلسطينية، قتلت قوات الاحتلال منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023 ما لا يقل عن 1,582  من الطواقم الطبية، وأصابت المئات، واعتقلت 362 آخرين، بينهم أطباء ومسعفون، توفي اثنان منهم تحت التعذيب داخل السجون الإسرائيلية.

ويحذر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان من أن القتل الممنهج للطواقم الطبية لا يأتي بمعزل عن الانهيار الكارثي الذي تشهده المنظومة الصحية في غزة، والتي أصبحت عاجزة كليًا عن تقديم الحد الأدنى من الخدمات الصحية، في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية، وغياب أي تدخل دولي فعال.

إن ما يجري في غزة يتجاوز وصفه بالكارثة، ليصل إلى مستوى الاستئصال المنهجي للوجود الفلسطيني، وتدمير كامل لمقومات الحياة، بما في ذلك القطاع الصحي، في ظل تخاذل فاضح من المجتمع الدولي، وغياب للمحاسبة القانونية التي يوجبها القانون الدولي.

وإزاء هذا التصعيد الخطير، يطالب المركز المجتمع الدولي، لا سيما الأمم المتحدة، ومنظمة الصحة العالمية، والمقررين الخاصين المعنيين بالحق في الصحة وجرائم الإعدام خارج نطاق القانون، باتخاذ إجراءات فورية وفعالة لوقف هذه الجرائم المشينة، ومساءلة مرتكبيها، وضمان توفير الحماية للطواقم الطبية والمدنيين الفلسطينيين.

ويؤكد المركز أن صمت المجتمع الدولي، وتواطؤ بعض الحكومات، وعدم تفعيل أدوات العدالة الدولية، يشجع الاحتلال الإسرائيلي على مواصلة جرائمه دون رادع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *